فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 456 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تناول الواقع من زاوية الأفعال بنقاشها ثم رفضها أو قبولها عوض تناول نفس الواقع من زاوية أساسه العقدي والفكري المؤطر له، سيكون عملا عبثيا لأنه يكاد لاينتهي لنتيجة
سبب ذلك أن الأفعال المحتملة في واقع ما تتعد بتعدد الأفراد وبتعدد زوايا الإدراك ثم بتعدد مستويات تجريد الفعل، فيكون معنى ذلك أنك إن أردت نقاش الفعل فلن تحيط بممكناته وسيكون بالتالي تناولا قاصرا من حيث عدم الإلمام بمساحة الاحتمالات، وستغرق في التفاصيل التي لن تكون رغم ذلك إلا بعض الواقع
فالذي يناقش لباسا متهتكا، إنما يتناول اللباس ذاك تحديدا في تعلقه بذلك الشخص تحديدا، أي أنه لا يناقش فعل التهتك الذي يمكن أن ينتج بأنواع أخرى من السلوكيات غير اللباس، ثم إن التهتك الفردي يختلف باختلاف الشخص وباختلاف المكان
والذي يناقش الانحرافات الاخلاقية باعتبارها أداة للتفكك الاجتماعي، إنما يتناول فعل الانحراف الاخلاقي فقط لكنه لا يتناول أسبابا أخرى للتفكك الاجتماعي كالظلم الاقتصادي والاجتماعي، ثم إن تلك الانحرافات تختلف باختلاف الأفراد والمكان
والذي يناقش التفكك الاجتماعي باعتباره مصداقا للتبعية للغرب، إنما يتناول بُعدا واحدا للإلحاق بالغرب وإلا فتوجد مصاديق أخرى تؤكد ذلك منها منظومات التشكيل الذهني وغيرها
ثم إن ذلك المصداق يختلف حسب الأفراد وحسب المكان
----------
إذن نقاش الأفعال مهما كانت مستويات تجريدها لن تكون إلا عينات من الواقع لكنها ليست كل الواقع
سبب ذلك أن الانتقال من مجال الخاص لمجال العام ليس صحيحا دائما، إذ الخاص لا يؤثر ضرورة في كل الغير (ماعدا الأنا) وبالتالي لايؤثر في العام
إذن سحب شروط وصفات الخاص على العام تصور غير سليم
بالمقابل تناول الواقع من زاوية أساسه اللامادي أي المرجعية العقدية ثم الفكرية ثم الثقافية (العقيدة تنتج الفكر والفكر ينتج الثقافة)، سيكون انتقالا من العام للخاص، وهذا باحتمالية صوابية راجحة لأن الأفعال العاقلة تتحرك وجوبا في مجال مفاهيمي يعطيها الصوابية والرجاحة المعنوية (1)
وكلما تعاملنا مع المجال المفاهيمي كلما كنا أقرب لفهم أفعال الناس واتجاهاتها من دون النظر في تفاصيلها، لأن المجال المفاهيمي هو المغذي لمعاني النشاط الفردي
ثم إن التعامل مع الإطار اللامادي للواقع أي المجال المفاهيمي ومركزيته العقدية المغذية له، يجعلنا ننتقل من فهم أفعال الناس لمستوى التأثير فيها، لأنه من خلال التأثير في المجال المفاهيمي لواقع ما يمكن تغيير أفعال الناس من دون الحاجة لتتبع الافراد كعينات في الواقع
آلية التأثير من خلال التحكم في المجال المفاهيمي، هي المستعملة حاليا في المجتمعات الحديثة، حيث أن المركزية الغربية تؤثر في الناس ليس من خلال الوعظ الفردي والخطب وإنما من خلال ضخ المعاني موضوع التأثير في المجال المفاهيمي للمجتمع، الذي يتوزع ويتسرب في أدوات التشكيل الذهني من تعليم وتثقيف (انترنت، مهرجانات، ملصقات إشهارية...) وإعلام
بالمقابل يعجز الآخرون عن التأثير، لأنهم يصرون على التغيير بتتبع الأفراد سواء حين اقناعهم بفكرة أو نهيهم عن أخرى، لأنهم لم يستوعبوا الواقع الحديث ومازالوا يتعاملون مع التأثير بصيغه التي ترجع لقرون للخلف عندما لم تكن هناك منظومات تشكيل ذهني جماعي ولم يكن هناك مجال مفاهيمي مغالب
------------
(1) المجال المفاهيمي مصطلح أستعمله كمكون من الفكرة (نظرية) التي أقدمها حول صراع المركزيات العقدية، حيث تقول الفكرة بكون كل مجتمع عاقل يخضع وجوبا لمركزية عقدية ضمنية أو مدركة، وكل مركزية عقدية تنتج مجالا مفاهيميا هو الذي يضخ المعاني في أنشطة الأفراد
للإطلاع أكثر على هذه المعاني، يمكن النظر في المقال التالي الذي عرفت فيه المجال المفاهيمي:
منظومة فرنسا بتونس و وجوب الفرز العقدي (2)
https://myportail.com/articles_myportail_facebook.php?id=10209
أو في استعمالاته في مقالات أخرى بالمحاور التالية:
تفكيك منظومة فرنسا
https://2u.pw/3YuM70s