البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس: معارضو الانقلاب يكشفون خارطة طريق للمرحلة القادمة

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1315



يوم الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت قيادة مؤقتة أفرزتها معارضة انقلاب 25 تموز/ يوليو خارطة طريق للأيام والأشهر القادمة، وتهدف إلى إنهاء الوضع الاستثنائي والعودة إلى الشرعية الدستورية. يمكننا أن نطلق زفرة انفراج ونقول أخيرا أُشعل مصباح لأول الطريق/ وعلى ضوئه سيسير التونسيون المعارضون للانقلاب نحو مخارج معقولة.

المتشائمون أعلنوا النفير واستحضروا خطاب الوحدة الوطنية، وقالوا منذ الساعة الأولى بأن المعارضة ستقسم البلد. وهؤلاء لم يروا الرئيس المنقلب يغلق البلد في وجه الناس وفي وجه المستقبل، لذلك فالرد عليهم ليس موضوع هذه الورقة، بل سنزيد هنا في توسيع بؤرة الضوء ليتبين المترددون بقية الطريق.

لنصحح المفاهيم أولا

الذين التقوا في الندوة الصحفية المقموعة يوم الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر ليسوا معارضة بالمعنى الحرفي للكلمة؛ لأنهم لم يصلوا هناك بحكم الصندوق القانوني، بل هم لسان السلطة الشرعية المنتخبة وقد خرجوا لاستعادة وضع قانوني تمت قرصنته ممن وضعهم الصندوق في المعارضة.. المعارضة التي خرجت من الحكم بصندوق 2019 هي التي قامت بعمل قرصنة غير قانوني للسلطة وأكسبت نفسها صفة الحكم وقالت بأن من لم يكن معها هو المعارضة، وهذا خطأ في التوصيف وتحديد المواقع.

السلطة الشرعية وأنصارها هم من تكلم في الندوة، ولذلك فالمعارضة (القراصنة المنقلبون) هي التي منعت الندوة من الانعقاد، وهي التي تتهم مخالفيها بتقسيم البلد.

الشرعية تملك وحدها شرعية تحديد المفاهيم والتوصيفات، والشرعية تكلمت وأوجزت، وهي ذاهبة لإعادة الوضع الطبيعي طبقا لأحكام صندوق انتخابي شفاف وصريح. ندوة قائمة على شرعية الصندوق هي المرجع الأخلاقي والقانوني والسياسي الذي وجب الاحتكام إليه، وهذا لا يعني منع المعارضة (فريق القراصنة) من قول ما تريده، لكن دون أن تمنحها حق تحديد المواقع والمفاهيم.

من أشعل الفانوس في أول الطريق؟

أعني من هي القيادة التي ظهرت في الندوة الصحفية ليوم 8 تشرين الثاني/ نوفمبر؟ إنهم جماعة مختلفة المشارب متفقة على الأصل: عودة الشرعية. فيهم من اليسار طيف، وفيهم من الإسلاميين طيف، وفيهم من الليبراليين طيف آخر.. متعددون ومختلفون في الأصول ومتفقون في الخيارات السياسية حتى الآن، والخلافات مؤجلة بعد استعادة المسار، وهذا مطمئن لمراقب يشاطرهم المشروع ولا يلتزم بأفكارهم في هذه المرحلة ولا التي بعدها. لقد سقطت الشكوك حول نوعية القيادة المؤقتة للتحركات المناهضة للانقلاب، وليس مطلوبا الآن وهنا أن نبني دولة قادمة على الورق لنتجه إليها، فلكل حادث حديث.

كان من الأفضل إرفاق خطة العمل السياسي المؤقت بخطاطة (غير دقيقة) بما سيكون لاحقا، ولكن في خضم الصراع المحتدم مع الانقلاب يبدو هذا طموحا سابقا لأوانه. فالوقت يسمح بتأجيل المسائل القابلة للتأجيل، على ألاّ يتم ردمها بخطابات التوافق المغشوش في مرحلة لاحقة (هذه حظيرة عمل كبيرة في قادم الأيام).

القيادة التي ظهرت ليست من النهضة وليست من الطيف الاستئصالي، وقد استمعنا إليها وقرأنا لمن كتب منها وعاينّا مشاركتها السياسية السابقة. هؤلاء خامة ديمقراطية قادرة على العمل المشترك، وهذا مطمئن لقوة الحراك المعلن وتماسكه في تنوعه وقدرته على الاستمرار إلى حين تحقيق الإجماع الكافي لإنجاح مسار معارضة الانقلاب وإسقاطه ومسح أثره من تونس. ويمكن قراءة هذه الفقرة كدعوة إلى الإسناد السياسي والميداني في كنف الإيمان بقوة التنوع المفضي إلى التأثير الفعال في المستقبل المنظور.

منذ الساعة الأولى رجم الإعلام الموالي للانقلاب والسائر في ركابه - وهو إعلام يقوده استئصاليون محترفون منذ زمن ابن علي - الحاضرين بأنهم ممتص صدمات النهضة وأنهم مجرد غلاف خارجي لحزب النهضة الخاسر الأول من الانقلاب. ولكن الواقع ينفي ذلك نفيا مطلقا، لقد كانت النهضة هي الأضعف حضورا في الندوة وقيادتها لم تظهر في الصورة. وقد غاب خطابها التصالحي المهادن وصدر خطاب يتجاوزها، لقد سمعنا خطابا جذريا رغم بقائه تحت سقف القانون والدستور.

إن قيادة جديدة للشارع الديمقراطي تولد وتتكلم باسم قطاعات واسعة ارتقت فوق الشحن الأيديولوجي والاستئصالي، وهي مؤهلة للمزيد من النجاح. ربما عليها أن تبلور في سياق المعركة الديمقراطية الجارية بحماس بدائل الحكم القادم ضمن نفس العقل المنفتح على مكونات سياسية وفكرية مختلفة ولكن متفاعلة، وهذا أفق مفتوح يقتضي تجاوز النضالية الظرفية إلى إنضاج البدائل. لا شيء يمنع هذه القيادة المؤقتة من أن تتحول إلى نواة لقيادة دائمة بعد تأسيس تنظيمي يحمل مشروعا بعيد المدى للمستقبل. هذا بعض ضوء الفانوس الذي أوقد يوم 8 تشرين الثاني/ نوفمبر.

والآن ماذا بعد الندوة؟

أعدنا تحديد المفاهيم والمواقع، ووصفنا القيادة والاحتمالات المحمولة عليها، ولنا حق السؤال عن المستقبل المنظور. هناك حديث عن تحرك شعبي يوم 14 من الشهر الجاري يتجه إلى محاصرة البرلمان لفرض الأجندة المعلنة في الندوة الصحفية، وخلاصتها استعادة الشرعية ومسح آثار الانقلاب، لكن دون ذلك خرط القتاد (أي معركة كسر عظم مع الانقلاب). فالقوة الصلبة لم تغيّر مواقعها، وهي باسم حماية الدولة من الانهيار تقف إلى جانب الانقلاب (حتى أن الرئيس أعلن مباشرة عدم علمه بالندوة ولا يضيره إنجازها، وقد يكون ذلك تنصلا متأخرا من تبعات عمل معاد للحرية أمام رقابة دولية تتابع عن كثب).

الخطة (A) واضحة السير نحو البرلمان في جمهور واسع وطلب استعادة البرلمان لعمله الشرعي ومسح أثر الانقلاب بتشريع جديد، لكن في حالة توظيف الانقلاب للقوة الصلبة ماذا يكون رد فعل الجمهور الذي يعمل على محاصرة البرلمان؟ أين الخطة (B) والخطة (C)؟ هل يملك هذا الجمهور السلمي قدرة كافية على مواجهة قوات الأمن والجيش الذي يحاصر البرلمان؟

قد يكون في رأس القيادة الظاهرة خططها، لكن الجمهور (ونحن منه) حق السؤال عن الخطط الموازية. وها هو السؤال: من سيتحمل كلفة المواجهة الدموية؟ وهو سؤال يأتي لاحقا لسؤال آخر (كم سيكون الثمن؟) وكيف جرى الاستعداد له؟ هل يكفي القول بغرور نضالي شبابي أقرب إلى خطاب الطلبة أن من أسقط ابن علي قادر على إسقاط قيس؟

لقد أخذ ابن علي في طريق سقوطه 400 شهيد، فهل هذه القيادة جاهزة لهذا الثمن؟ أم أنها ستدفع ثمن الدم من جمهور النهضة الذي يحيط بها من بعيد؟ هذه الأسئلة ضرورية وتستبق خطاب التكتيك النهضوي وخطاب التوافقات النضالية حول مهام مؤقتة ثم (يكون خيرا إن شاء الله).. لا خير إلا في الرؤية الواضحة.

الخير في الرؤية الواضحة، وعلى من أشعل القنديل في أول الطريق أن يكون قادرا على تبيين بقية الخطوات أو التلميح لها على الأقل، ليسير من سار على بيّنة، أما دفع كلفة الوليمة من دم المضطهدين فممكن لكن ثمنه اللاحق مرير.

لقد اتضح الطريق ولا عذر لمن تخلف عن الخروج ضد انقلاب، لقد صار للشرعية خط سير واضح والمصباح يضيء طريق الجميع، وإنه فرز تاريخي ومستقبل وطن.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، محاكمة الإنقلابيين،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-11-2021   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم السليتي، محمد يحي، د - محمد بن موسى الشريف ، سلوى المغربي، عمار غيلوفي، المولدي اليوسفي، خالد الجاف ، د - مصطفى فهمي، الهادي المثلوثي، صباح الموسوي ، فتحـي قاره بيبـان، أنس الشابي، عمر غازي، ياسين أحمد، أحمد بوادي، د - الضاوي خوالدية، مجدى داود، عبد الله زيدان، أحمد النعيمي، طلال قسومي، العادل السمعلي، محمد العيادي، علي عبد العال، ضحى عبد الرحمن، محمد أحمد عزوز، سفيان عبد الكافي، سامر أبو رمان ، وائل بنجدو، كريم فارق، بيلسان قيصر، صلاح المختار، حسن الطرابلسي، الهيثم زعفان، نادية سعد، أحمد الحباسي، رافع القارصي، عراق المطيري، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، صلاح الحريري، سلام الشماع، صالح النعامي ، د - شاكر الحوكي ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. خالد الطراولي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، رضا الدبّابي، أبو سمية، د- جابر قميحة، عبد الرزاق قيراط ، تونسي، سيد السباعي، محمد الياسين، علي الكاش، فتحي العابد، الناصر الرقيق، مصطفي زهران، محرر "بوابتي"، طارق خفاجي، رافد العزاوي، إيمى الأشقر، أشرف إبراهيم حجاج، مصطفى منيغ، محمد علي العقربي، إسراء أبو رمان، عزيز العرباوي، عواطف منصور، يزيد بن الحسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد الطرابلسي، رمضان حينوني، محمد شمام ، د- محمود علي عريقات، أ.د. مصطفى رجب، إياد محمود حسين ، رشيد السيد أحمد، سعود السبعاني، د. أحمد محمد سليمان، د- محمد رحال، عبد العزيز كحيل، رحاب اسعد بيوض التميمي، مراد قميزة، فهمي شراب، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بنيعيش، محمد عمر غرس الله، سليمان أحمد أبو ستة، حسن عثمان، حاتم الصولي، صفاء العراقي، د. طارق عبد الحليم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، منجي باكير، د. أحمد بشير، فتحي الزغل، أحمد ملحم، د - المنجي الكعبي، د - صالح المازقي، عبد الله الفقير، د.محمد فتحي عبد العال، جاسم الرصيف، محمود سلطان، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- هاني ابوالفتوح، سامح لطف الله، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود فاروق سيد شعبان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حميدة الطيلوش، عبد الغني مزوز، يحيي البوليني، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود طرشوبي، د - عادل رضا، ماهر عدنان قنديل، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فوزي مسعود ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز