البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

هل يختلف انقلاب تونس 2021 عن انقلاب مصر 2013؟

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1356



هل نبحث عن الفروق الخمسة بين انقلاب مصر وانقلاب تونس؟ إن الانقلابات تتشابه وقد تتطابق، والأكيد أن الانقلابَين اللذين شهدنا صدرا عن عقل واحد، وسيّرتهما يد واحدة وإن اختلفت الأسماء والعناوين الدعائية.

الرابحون من الانقلابَين لهم سمت واحد مشترَك، والخاسرون أيضًا، إلى حدّ القول إن الانقلابَين علامتان على انقسام بطول وطن وأمة، انقسام لن نتردد في نعته وتوصيفه بأنه شرخ عميق أحدثه أعداء الديمقراطية ضد أنصارها في القطرَين وفي الأمة.

لكننا سنربّي الأمل على أن النهايات لن تكون متطابقة، لأننا نلتقط عناصر اختلاف داخل هذا التشابه المخطَّط له بعقل متكلِّس وإجرامي.

المخطط واحد والهدف واحد
الذين هلّلوا لانقلاب مصر سنة 2013، عادوا يهلِّلون بسعادة غامرة لانقلاب تونس 2021، ووضعوا إمكاناتهم الإعلامية والمالية تحت الطلب.

لم تزحزحهم عن مواقعهم ولم تغيّر أفكارهم النتائج الكارثية التي يعيشها المواطن المصري تحت حكم العسكر، ولم يروا في خسارة مصر لمائها الحيوي فشلًا في مجال تدبير الأمن القومي المصري والعربي المرتبط به.

بنفس الروح المعادية للاحتمال الديمقراطي في مصر، ظلوا يشتغلون على تخريب التجربة التونسية التي للأسف لم تواجَه بوجه مكشوف، وفضّلت الهروب إلى الإمام فأدركوها في صائفة 2021، بعد أن اختلقوا بالمال والمكائد الأشخاص المناسبين والوضع الملائم، ليحدث الارتداد عن الديمقراطية.

ورغم أن الانقلاب في تونس يبدو حائرًا ومضطربًا في ترتيب خطواته، إلا أننا نراهم يصرّون على دعمه، مستهينين بمن يرفض ومن يعترض.

معاداة الديمقراطية الناشئة هي القاسم المشترك بين هؤلاء المهلِّلين، ومن يستجيب لكيدهم في الداخل.

لمصلحة من تخريب التجارب الديمقراطية في الوطن العربي؟ هذا السؤال لا يُطرَح عند هؤلاء، ما يكشف لنا حزبًا أو توجُّهًا يشقّ البلدان العربية وبعض نخبها الانقلابية، يقفُ بلا وجل ضد كل نَفَسٍ ديمقراطي وكل كوة يتسرّب منها ضوء الحرية.

إنه توجُّه يلتقي موضوعيًّا مع الصهيونية، ونعرف يقينًا أنه ينسّق معها أو ينفّذ أجندتها، ولو خدعَ الناس بأن التطبيع خيانة عظمى.

انقلاب مصر كشفَ سريعًا عن وجهه الصهيوني، فردمَ أنفاق غزة ليقتلها عطشًا وجوعًا، ولا نظن أن انقلاب تونس، خاصة أمام الصعوبات التي يقف أمامها منذ ساعاته الأولى، سيتأخر في تقديم علامات الولاء للصهاينة، ليحفظوا وجوده كما حفظوا وجود السيسي. يتوقف هذا على حيوية المجتمع التونسي الرافض للانقلاب.

حيوية مدنية.. ولكن
ارتفع منسوب التفاؤل بفشل انقلاب تونس عقب بيان المنظمات المدنية التي التقت بعد أقل من 48 ساعة، وأعلنت تمسُّكها بالدستور وبالشرعية الانتخابية، ولكن تنصُّل النقابة الكبيرة من البيان ثم إصدارها بيانًا بعد أسبوع يبارك بلغة متحذلقة الانقلاب ويشرّع له، خفّفَ من نسبة التفاؤل.

موقف قطاع واسع من التونسيين لا يثق في القيادة النقابية، ويعتبرها أحد أسباب الأزمة وليس بيدها الحل، لكن لا يشكك أحد في ثقلها إذا مالت إلى جهة واتخذت معها موقعًا.

لكن المجتمع المدني التونسي ليس النقابة فقط، بل خريطة منظمات وأحزاب وشخصيات اعتبارية لها كلمة مسموعة وتوجِّه الرأي العام، والكثير من هؤلاء يتوجّس من الانقلاب وقد أعلن رفضه لاحتكار السُّلط بين يدَي شخص واحد لم يشهد له أحد بالحكمة، إلا غوغاء منتشرة في السوشيال ميديا تدعوه إلى ذبح الناس في الشوارع.

إن ردة الفعل السريعة التي أعلنها القضاة وقطاع واسع من المحاماة، الرافضة لاستيلاء الرئيس على السلطة القضائية، أجبرته على تراجُع سريع فرفعت من منسوب الطمأنينة، وأطلقت الألسن بمواقف صريحة ضد الانقلاب.

فضمانة المحاكمة العادلة تكبِّل يد من يريد استغلال أجهزة الدولة لتصفية الخصوم السياسيين، ولنا تجربة مع بن علي أعتقد أن الجميع لا يرغب في العيش تحت كابوسها من جديد.

لقد طلب الرئيس من مدراء البنوك تخفيض نسبة الفائدة، فردَّ البنك المركزي ألا تخفيض؛ وطلبَ من مدراء المساحات الكبرى تخفيض الأسعار فلم يستجيبوا، وهذه القطاعات غير المسيّسة ظاهريًّا تستطيع لو أرادت أن تساند بخطوات تخفِّف العبء الاجتماعي على الناس، لكنها خيّرت التمسك بمكاسبها ضد رغبة الرئيس، ما قلّلَ من مكاسبه وجعل طاحونته الدعائية تطحن الماء.

هنا نجد نقطة خلاف كبيرة مع ردة فعل المصريين (أفرادًا ومنظمات ومؤسسات) على الانقلاب، ونجد فيها احتمالًا قويًّا كي لا يصل الانقلاب إلى تحقيق رغباته الغريزية في الحكم الفردي المطلق، وهو ما نراه في فعل العسكري المصري الذي أعلن نفسه فرعونًا مطلق الصلاحيات.

القطاع الاقتصادي التونسي ليس ملك المؤسسة العسكرية، ولا يمكنها لو رغبت التأثير عليه ولو باستعمال القوة الغاشمة، من هنا يتّضح أُفُق الاختلاف، ويتّضح أُفُق الأمل في دفع الانقلاب التونسي إلى الاعتدال أولًا، ثم إلى التراجع والعودة إلى المسار السياسي المدني غير الانقلابي.

الجيش يظل نقطة اختلاف حاسمة
كاتب الورقة لا يزعمُ معرفةً بالمؤسسة العسكرية التونسية من الداخل، لكنه مثل كثيرين يعرف أن السلطة كانت مرمية على قارعة الطريق عام 2011، وقد رفض حملها والتمتُّع بمكاسبها، وهذا الموقف ظلَّ ظاهرًا في محطات كثيرة وصل فيها الوضع السياسي إلى حافة الهاوية، خاصة بعد الاغتيالات السياسية، لكن الجيش فضّل حماية المسار السياسي من خارجه، وحماية البلد من الإرهاب الموجّه من الخارج.

تحدث كثيرون عن الفرق بين المؤسسة العسكرية المصرية ونظيرتها التونسية، من حيث النشأة وبناء العقيدة العسكرية، وعاينوا الفارق بين المؤسستَين، وهو ليس فارقًا مصطنعًا بل وقائع كاشفة للاختلاف في المهام والأدوار عبر تجربة بناء الدولتَين، ونظنُّ بيقين كبير أن هذا الاختلاف سيوجِّه مسار الانقلاب التونسي ويعيده الى الجادة السياسية (رغم حديث يروج عن انقلاب يتخفى خلف الانقلاب).

نظن أنه قد خاب ظنّ العسكريين من الأداء الهزيل للأحزاب السياسية، مثلما ساء ظنّ الناس بالأحزاب وبالعمل البرلماني، فما هم إلا من تونس، لكن هذا الاستياء لم يتحوّل إلى موقف وتحرُّك سياسي علني وظلَّ كامنًا، وربما عبّر عنه العسكريون القادة في كواليس الدولة، وحدّدوا مواقف على أساسه.

وربما تكون مماشاتهم لخطوات الرئيس في هذه المرحلة تدرُّج إلى إعلان أنفسهم حَكَمًا بين الفرقاء، لكن علمنا أن الحَكَم لا يلعب وإنما ينظِّم اللعب؛ وما داموا قد اتخذوا دور الحَكَم فنحن لا نراهم حكّامًا مطلقي الصلاحيات، على طريقة السيسي وسلفه من الانقلابيين العرب القادمين على ظهور الدبابات.

هل يخدعون الناس في قادم الأيام بدورهم ورغباتهم ويلتقمون خبزة ناضجة؟ سنحسن الظنّ حتى ذلك الحين، ونكتب عن فارق بين الانقلابَين، ونأمل خيرًا في العودة بمساعدة المؤسسة العسكرية نفسها إلى دولة مدنية تعاني صعوبات كبيرة، ولكنها تتدرّج على درب الديمقراطية.

ونقول لصنّاع الانقلابات تونس مختلفة، فتعلّموا. هنا يكمن الاختلاف ويكبر الأمل في مسارات غير متطابقة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-08-2021   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أ.د. مصطفى رجب، محمد العيادي، صباح الموسوي ، سيد السباعي، يحيي البوليني، خالد الجاف ، عمر غازي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - شاكر الحوكي ، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، أنس الشابي، حسن عثمان، محمود طرشوبي، عزيز العرباوي، محمد الطرابلسي، كريم فارق، رمضان حينوني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الهيثم زعفان، د - محمد بن موسى الشريف ، جاسم الرصيف، مصطفي زهران، المولدي اليوسفي، د- محمد رحال، د. طارق عبد الحليم، د.محمد فتحي عبد العال، نادية سعد، أحمد النعيمي، د - محمد بنيعيش، رافع القارصي، بيلسان قيصر، فوزي مسعود ، د - مصطفى فهمي، د. أحمد محمد سليمان، د- هاني ابوالفتوح، د - صالح المازقي، محمد أحمد عزوز، حاتم الصولي، فتحـي قاره بيبـان، د. عبد الآله المالكي، د. مصطفى يوسف اللداوي، إيمى الأشقر، محمد الياسين، أحمد ملحم، د. صلاح عودة الله ، رضا الدبّابي، د. أحمد بشير، علي الكاش، ياسين أحمد، صفاء العربي، أحمد بوادي، عبد الله الفقير، الناصر الرقيق، فتحي العابد، العادل السمعلي، مصطفى منيغ، عبد الرزاق قيراط ، رشيد السيد أحمد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العراقي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- محمود علي عريقات، محمد عمر غرس الله، أحمد الحباسي، محرر "بوابتي"، محمد شمام ، رافد العزاوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- جابر قميحة، عبد الغني مزوز، د - المنجي الكعبي، محمد علي العقربي، د - الضاوي خوالدية، حسني إبراهيم عبد العظيم، يزيد بن الحسين، علي عبد العال، عراق المطيري، عواطف منصور، فهمي شراب، سليمان أحمد أبو ستة، حسن الطرابلسي، كريم السليتي، عمار غيلوفي، تونسي، صلاح الحريري، فتحي الزغل، إسراء أبو رمان، عبد الله زيدان، المولدي الفرجاني، طارق خفاجي، محمد يحي، د. خالد الطراولي ، مراد قميزة، حميدة الطيلوش، سعود السبعاني، سامح لطف الله، طلال قسومي، سفيان عبد الكافي، وائل بنجدو، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، سلام الشماع، الهادي المثلوثي، سلوى المغربي، سامر أبو رمان ، رحاب اسعد بيوض التميمي، أشرف إبراهيم حجاج، د - عادل رضا، صالح النعامي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، ماهر عدنان قنديل، صلاح المختار، عبد العزيز كحيل، منجي باكير، خبَّاب بن مروان الحمد، أبو سمية، مجدى داود، محمود سلطان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز