البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

إنقلاب قيس سعيد: إسقاط دستور 2014 في تونس

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 1394



والآن ماذا سيحصل؟ هذا سؤال يرافق حالات الغموض وتضاعِفُ وقعه الأخبار المتضاربة، حيث يعمل الجميع على دعم موقفه بإرباك خصومه وأعدائه.

الجماهير في الشوارع من الصفَّين ليس لديها علم بالخطوات القادمة التي تُدبَّر بعيدًا عنها، لكنها تستطيب تخيُّل أحلامها تتحقق، وعندما تستفيق تكون الأرض قد تغيّرت تحت أقدامها.

هناك تغيير حصل وستكون له نتائج قريبة وأخرى بعيدة المدى، والمرئي حتى الآن هو انتقال كل أدوات السلطة إلى يد الرئيس، وهو يتحرّك مطمئنًا إلى ذلك ويفرض أمرًا واقعًا.

أما التغيرات البعيدة المدى فستكون عميقة، وستتّجه إلى إلغاء دستور 2014 والنظام البرلماني المختلط الذي أرساه، وهذا هو هدف الرئيس الخاص ضمن الحركة التي قام بها، ولا نراه ينشغل كثيرًا بالمسائل الاقتصادية والصحّية التي سيكلِّف بها حكومةً على هواه.

إسقاط دستور 2014 سيفتح له باب البقاء في السلطة إلى أجلٍ يحدِّده هو لا الدورات الانتخابية، وسيكون صف المبرّراتية جاهزًا لقول كل الكبائر الدستورية في الزمن القادم.

فتح منطقة تفاوض
بعد هيجان الأسبوع الأول، ستبدأ موجة المتحمّسين في الانحسار وتزدهر التحليلات المستريحة.

تنعدم مؤشرات فتح أبواب البرلمان لدخول النوّاب ورئيسهم (أي عودة البرلمان إلى الانعقاد)، وسيبقى أنصار البرلمان في الشارع يتناقصون بقدر ما تتقدّم مفاوضات غير مباشرة للإجابة عن سؤال "ماذا بعد؟".

الرسائل ربما تُرسَل الآن إلى الرئيس المنتصِر، ولكن سيصمّ أذنَيه حتى يفرض حكومة الأمر الواقع، وستكون مناوشات سياسية وربما أمنية في أماكن مختلفة، لكنها لن تصل إلى حدّ إثارة الشارع والعودة إلى ما قبل 25 يوليو/ تموز.

التفاوض حول ماذا ومن يكون المفاوضون؟ إذا اختصرنا الصورة في الأشخاص فالتفاوض سيكون بين رئيس الدولة ورئيس البرلمان، وإذا وسّعناها فسيكون بين صفّ المدافعين عن الدستور القائلين بخطأ الرئيس في تأويل المادة 80 منه، والرئيس وصفّه المهلِّل لقراراته.

صف أنصار الدستور واسع ولكنه مختلف وبينه ضغائن، فكثيرون ضد الرئيس وضد رئيس البرلمان وحزبه في الوقت نفسه، ما يمنع أي لقاء محتمَل حول لائحة سياسية موحَّدة وواضحة (يفترض أن تكون تشكلت جبهة حول الدستور لكنها تتأخر ولا نراها في الأفق).

فأي تراجع من الرئيس تحت الضغط سيُحسب في مكاسب الغنوشي، وبالتالي إن هذا الطرف لن يكون بقوة العدد الذي يقف وراءه، ولا بقيمة الشخصيات الاعتبارية التي قد تشارك فيه بشكل مباشر أو غير مباشر.

بينما يبدو صف الرئيس منسجمًا حول شخصه وقراراته، وهو يملك بين يدَيه أدوات الحكم الليّنة (الحكومة) والقوة (الجيش والأمن).

موضوع التفاوض هو العودة إلى الحالة العادية، أي حالة الدستور القائم وإنهاء الاستثناء وإعادة مسارات الحكم إلى وضع دستوري، لكن ستكون هناك معطيات جديدة على الأرض، أهمها حكومة معيّنة من الرئيس لا يمكن إعادة التفاوض حولها (أي سلطة تنفيذية كاملة بيد الرئيس، قد تتسع حتى تلتهم صلاحيات الهيئة الانتخابية والعودة إلى انتخابات تحت إشراف وزارة الداخلية).

في الوضع العادي يعود الغنوشي إلى منصبه، ويعود حزبه لتشكيل أغلبيته البرلمانية القديمة، وهذا وضع خطير على الحكومة القائمة بالتعيين دون نفي احتمال عزل الرئيس، فضلًا عن إنهاء الحديث عن كل تعديل دستوري.

لن يقبل الرئيس بعَودٍ إلى وضع عادي، وهنا تُفتح أبواب التفاوض على مرحلة جديدة لا تستنقص فيها صلاحيات الرئيس التي حازها الآن، لكن على أي أساس دستوري سيحكم إذا لم تلغَ ضوابط الحكم التي كبّلته سابقًا، والتي أعلن رفضه لها دومًا؟

تعديل الدستور سيكون الموضوع الوحيد للتفاوض القادم
سنفترض أن البرلمان عاد إلى الانعقاد (وهو احتمال ضعيف جدًّا)، تحت ضغوط دولية وأممية تحدثت عن لزوم التزام القانون واحترام المؤسسات، إلّا إن الرئيس لن يسمح بعودة البرلمان إلى العمل إلا بشروط واضحة لن تعوزه القدرة على وضعها، فمن الواضح أنه لا يشتغل بمفرده وإنما بفريق كامل من المشرّعين المنسجمين مع خطّه وفكرته.

شروط الرئيس ستكون ضمانات قوية (تحت التهديد ومحاكمات تجري بالتوازي، خاصة لقيادات نهضوية ربما يكون على رأسهم رئيس البرلمان نفسه، وقد رُفعت عنه الحصانة) بتعديل سريع (نظن أنه جاهز) لكُلّ الفصول الدستورية المتعلِّقة أولًا بصلاحيات رئيس مطلق اليد، وثانيًا بتغيير النظام السياسي وتوزيع السلطات وتعديل القانون الانتخابي الذي سيفتح باب انتخابات قادمة، تضمن للرئيس وصول أنصاره إلى برلمان جديد يمكّنه من حكم رئاسي تامّ.

هل يملك رئيس البرلمان وأنصار الدستور المختلفين ورقات تفاوضية حول الطاولة للتفاوض؟ يملك رئيس البرلمان جزءًا كبيرًا من الشارع يمكن إثارته، لكن تهمة العنف ستكون جاهزة تكبّله، فيصمت خاصة وهو في مواجهة الجيش وليس الأمن فقط، حيث يمكن تشتيت صفه بمحاكمات على طريقة بن علي.

خلاصة الأمر؛ لن يكون هناك عودة إلى وضع 25 يوليو/ تموز، ولن يعود العمل بدستور 2014، ولن يجد أنصار الدستور فرصةً للتكلم باسمه أو محاولة فرضه بقوة الشارع.

أجل الشهر سينتهي بحقائق جديدة على الأرض، أهمها أن الرئيس ملكَ زمام الأمر برمته وسيفرض ما يريد، وما هذا التأجيل إلا لربح الوقت، فالخطة أكبر من تجاوز ظرف عصيب.

هذا هو الاحتمال الأسوأ، وأرجو أن تكذّبني الوقائع.





 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-07-2021   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
إياد محمود حسين ، منجي باكير، المولدي اليوسفي، العادل السمعلي، بيلسان قيصر، د- هاني ابوالفتوح، د. أحمد بشير، عبد الرزاق قيراط ، د - مصطفى فهمي، يزيد بن الحسين، محمد علي العقربي، فهمي شراب، رافد العزاوي، د - المنجي الكعبي، محمد اسعد بيوض التميمي، صفاء العربي، علي عبد العال، طارق خفاجي، المولدي الفرجاني، سامر أبو رمان ، عبد الغني مزوز، محمود سلطان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حاتم الصولي، د- محمود علي عريقات، إسراء أبو رمان، صالح النعامي ، د. صلاح عودة الله ، عبد الله زيدان، محمد عمر غرس الله، سفيان عبد الكافي، خالد الجاف ، محمد الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، فتحي العابد، د. أحمد محمد سليمان، حميدة الطيلوش، أشرف إبراهيم حجاج، الهيثم زعفان، عبد العزيز كحيل، د.محمد فتحي عبد العال، يحيي البوليني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، خبَّاب بن مروان الحمد، حسن الطرابلسي، سامح لطف الله، علي الكاش، محمود فاروق سيد شعبان، رشيد السيد أحمد، أحمد النعيمي، وائل بنجدو، الناصر الرقيق، أنس الشابي، عمر غازي، نادية سعد، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي، ضحى عبد الرحمن، مصطفى منيغ، د - الضاوي خوالدية، جاسم الرصيف، طلال قسومي، حسن عثمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، سلام الشماع، صلاح الحريري، رمضان حينوني، عمار غيلوفي، مجدى داود، فتحي الزغل، صلاح المختار، د- محمد رحال، محمد يحي، أحمد الحباسي، محمد شمام ، الهادي المثلوثي، حسني إبراهيم عبد العظيم، إيمى الأشقر، محمد الياسين، رضا الدبّابي، كريم فارق، محمود طرشوبي، صباح الموسوي ، سلوى المغربي، سعود السبعاني، رافع القارصي، د - شاكر الحوكي ، صفاء العراقي، أحمد ملحم، أبو سمية، محرر "بوابتي"، د- جابر قميحة، تونسي، ياسين أحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مصطفي زهران، سليمان أحمد أبو ستة، فوزي مسعود ، ماهر عدنان قنديل، أحمد بوادي، د - محمد بن موسى الشريف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد أحمد عزوز، محمد العيادي، سيد السباعي، عزيز العرباوي، مراد قميزة، فتحـي قاره بيبـان، د. طارق عبد الحليم، عبد الله الفقير، عواطف منصور، د. عادل محمد عايش الأسطل، عراق المطيري، د. خالد الطراولي ، د - صالح المازقي، أ.د. مصطفى رجب، كريم السليتي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز