البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الإمارات.. مروّجة التطبيع والاستبداد عربيا

كاتب المقال طارق الكحلاوي - تونس   
 المشاهدات: 1798



انقلبت موازين الجيوبوليتيك العربي إلى مستوى أصبحت فيه دولة الإمارات قائدة محور. إذ تصطف دولتان أساسيتان في تاريخ ترتيبات المنطقة خلف الإمارات في قضايا أساسية، وهما مصر والعربية السعودية. هناك قضيتان تحددان الجيوبوليتيك العربي: الصراع ضد هيمنة دولة إسرائيل وما تمثل من تعبير مركز عن هيمنة دولية، والصراع ضد هيمنة أنظمة ريع محلية بتنويعات مختلفة تمثل حالة "استعمار داخلي". في القضيتين الإمارات رأس حربة في الترويج للتطبيع والاستبداد.

الإمارات في مسار التطبيع ليست مجرد دولة من بين دول أخرى تقوم بالتطبيع، بل هي قاطرة أولا لدول الخليج التي طبعت، أيضا تضغط في اتجاه توسيع مسار التطبيع إلى بقية المجال العربي. هنا تبدو العلاقة الخاصة مع المغرب ودور الإمارات في الضغط على الملك محمد السادس من أجل التسريع في إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل أحد الأمثلة على هذا الدور "القيادي". وهنا تأتي حزمة اتفاقات ومنها قرار أبو ظبي فتح قنصلية في الصحراء الغربية.

الكاتب النرويجي سيقورد نويباور (Neubauer) نشر نهاية شهر آب/ أغسطس كتابا أصبح مرجعيا في موضوع تطبيع دول الخليج وإسرائيل، وتم النظر إليه كنبوءة لما سيحصل. ويفسر نويباور الدور الرئيسي للإمارات في تنسيق موقف التطبيق داخل دول مجلس التعاون، وأسبقيته وتفوقه على الموقف السعودي الذي بدا يتابع بخوف وخشية والارتباك بما أدى لخسارة دور المبادر. يفسر نيوباور أيضا كيف أن الموقف الإماراتي محكوم بهدف تكتيكي يخص صفقة الطائرات المقاتلة "إف- 35" الأكثر تطورا، ولكن أيضا هدف استرايتيجي وهو معركة الإمارات عربيا من أجل حماية الاستبداد، وخاصة في مواجهة المحور التركي القطري، وحملتها "الصليبية" الوجدانية تقريبا ضد الإسلام السياسي.

الحقيقة يبدو ملف الترويج لأيديولوجيا الاستبداد تحت غطاء استعداء وشيطنة الإسلام السياسي هو الملف الرئيس إماراتيا، لكنه مرتبط عضويا وشرطيا بقيادة مسار التطبيع. المصلحة الموضوعية المشتركة إماراتيا وإسرائيليا واضحة: أي عمل تحرري عربي من هيمنة نخب وأنظمة الريع يعني قدرة ومجالا أكبر للتعبير العفوي الأصيل ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ترى الإمارات تونس بشكل خاص من هذه الزاوية، وتبدو حساسيتها تجاه أي خطوة من أي نوع خاصة دبلوماسيا شديدة الانتباه. في هذا السياق أعلنت مصادر مسؤولة هذا الأسبوع قرار دولة الإمارات تضييق السفر وإجازات الدخول إليها لعدد من الدول ومنها تونس. صدور هذا القرار إثر زيارة الرئيس قيس سعيد إلى قطر، أول زيارة دولة للرئيس التونسي المنتخب إلى المشرق العربي، وهي زيارة استمرت ثلاثة أيام وعكست حفاوة واضحة بالضيف التونسي، أدى إلى شكوك أن الإمارات "تعاقب تونس" ردا على قرار الرئيس سعيد اختيار زيارة الدولة المحاصرة من قِبل دول مجلس التعاون قبل أي منها.

لا يتصرف قيس سعيد بمنهجية تعلن ولاء لمحور دون آخر، وهذا ما جعله مثلا محبذا من قبل أطراف الحوار الليبي والأمم المتحدة، كطرف غير متورط في أتّون نزاع المحاور في الساحة الليبية. وبمعزل عن علاقة القرار الإماراتي المتعجرف وطبيعة علاقته بالزيارة إلى قطر، من الواضح أن الإمارات لا تزال غير مرتاحة لاستمرار المسار الديمقراطي في تونس، ودعمها عبر أذرعها الإعلامية لأي صوت، لا يناصب العداء للإسلام السياسي فحسب، بل أيضا والأهم يناصب العداء للتجربة الديمقراطية في ذاتها، وآخر الأطراف التي تلقى هذا الدعم الإعلامي الإماراتي هي عبير موسي التي تعلن بوضوح عداءها للثورة والدستور.

لن يكون من المفاجئ أيضا سعي الإمارات للضغط ضمن السياق التونسي عبر أذرعها من أجل الانخراط في مسار التطبيع الحالي. ولفت بعض مناهضي التطبيع إلى إعلانات لحفلات غناء يتم تنظيمها في دبي لشركات تسويق وترفيه إسرائيلية؛ تقوم بإحضار مغنين تونسيين وآخرين إسرائيليين في الأسابيع القادمة خاصة بمناسبة حفل نهاية السنة.

ومن المعروف أنه تاريخيا كانت إحدى وسائل وصيغ التطبيع بين تونس وإسرائيل بما في ذلك زمن ابن علي؛ صيغة الحفلات، والتي أدت في السنوات الأخيرة للنظام إلى فضيحة مدوية حين تم تسريب فيديو لإسرائيليين يشكرون فيه ويغنون لابن علي بحضور مطربين تونسيين.

في المقابل، تتكاثر حفلات في دبي، والإمارات تقوم أساسا بهذا الدور عربيا. وآخر أشهر الأمثلة استضافة المغني والممثل المصري محمد رمضان لحفل ضيق وأخذ صور له مع مغني إسرائيلي، وهو الأمر الذي أدى لردود فعل غاضبة مصريا، وتعليق عضويته في نقابة المهن التمثيلية.

في كل الحالات هذا الدور الطليعي للإمارات تم ترسيخه أيضا بسبب التوافق الإماراتي المطلق تقريبا مع إدارة ترامب. ومما لا شك فيه أن أبو ظبي ليست مرتاحة الآن لصعود بايدن، خاصة بسبب الاصطفاف الإماراتي المبالغ فيه إلى جانب ترامب، ولهذا يرجح البعض سعيها للتسريع مثلا في صفقة طائرات "إف- 35" قبل إمساك بايدن رسميا بالإدارة الامريكية.

وفي كل الحالات، إن تغير السياق في السنوات المقبلة يتضمن تقاربا أمريكيا إيرانيا سيؤثر بالضرورة على دور وحجم الإمارات، ويجعل حجمها في المكان المناسب، خاصة أن الكثيرين يتحدثون عن أن حجم الإمارات تضخم بكشل لا يتناسب مع وزنها الفعلي، خصوصا إثر تورطها في أكثر من ملف إقليمي.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإمارات العربية، إسرائيل، الثورة المضادة، إسرائيل، مصر، تونس، السعودية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-12-2020   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
المولدي الفرجاني، مصطفى منيغ، نادية سعد، محرر "بوابتي"، منجي باكير، العادل السمعلي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - محمد بنيعيش، ماهر عدنان قنديل، صلاح الحريري، محمد يحي، مصطفي زهران، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سعود السبعاني، أشرف إبراهيم حجاج، صباح الموسوي ، خالد الجاف ، عبد الغني مزوز، فهمي شراب، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد أحمد عزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. صلاح عودة الله ، جاسم الرصيف، د. عادل محمد عايش الأسطل، بيلسان قيصر، د. خالد الطراولي ، د. أحمد بشير، د- محمد رحال، د. مصطفى يوسف اللداوي، صلاح المختار، د - المنجي الكعبي، سيد السباعي، سامر أبو رمان ، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بوادي، مجدى داود، أحمد ملحم، رافع القارصي، د - مصطفى فهمي، وائل بنجدو، إياد محمود حسين ، عزيز العرباوي، محمد عمر غرس الله، محمد الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، أحمد الحباسي، عمر غازي، سليمان أحمد أبو ستة، كريم السليتي، محمد الياسين، المولدي اليوسفي، محمود فاروق سيد شعبان، مراد قميزة، رضا الدبّابي، طلال قسومي، أنس الشابي، يحيي البوليني، الهيثم زعفان، عواطف منصور، صالح النعامي ، علي عبد العال، رمضان حينوني، عبد الرزاق قيراط ، حميدة الطيلوش، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي، سامح لطف الله، د - محمد بن موسى الشريف ، سلام الشماع، الهادي المثلوثي، محمود سلطان، خبَّاب بن مروان الحمد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - صالح المازقي، تونسي، فوزي مسعود ، فتحـي قاره بيبـان، حاتم الصولي، عمار غيلوفي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد العيادي، د. طارق عبد الحليم، إسراء أبو رمان، الناصر الرقيق، عبد الله الفقير، د - شاكر الحوكي ، أحمد النعيمي، رافد العزاوي، رشيد السيد أحمد، د- محمود علي عريقات، سلوى المغربي، سفيان عبد الكافي، إيمى الأشقر، د- هاني ابوالفتوح، صفاء العربي، يزيد بن الحسين، محمود طرشوبي، محمد علي العقربي، عبد العزيز كحيل، عراق المطيري، طارق خفاجي، محمد شمام ، علي الكاش، أ.د. مصطفى رجب، صفاء العراقي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، حسن الطرابلسي، أبو سمية، عبد الله زيدان، فتحي الزغل، د.محمد فتحي عبد العال، حسن عثمان، فتحي العابد، د- جابر قميحة، ياسين أحمد، د - الضاوي خوالدية، كريم فارق،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز