الهند: أتباع "مودي" يستغلون كورونا لشن حملات كراهية ضد المسلمين
ديفيد غيلبرت المشاهدات: 1761
عاد دلشاد محمود من المستشفى إلى منزله الذي يوجد في قرية بانجارا في ولاية هيماجال براديش التي تقع شمال الهند مساء السبت مع أنباء طيبة. في الواقع، لم يكن مصابا بكوفيد-19، ذلك المرض القاتل في بعض الأحيان الناجم عن العدوى بفيروس كورونا المستجد. مع ذلك، بعد ساعات، انتحر. تزعم عائلته أن مزارع الألبان، البالغ من العمر 34 سنة، قتل نفسه لأن جيرانه يعتقدون أنه مصاب بالمرض وتهكموا عليه وهددوه بنشر هذه الشائعة في جميع أنحاء القرية. بدأت الشائعات تروج بين السكان بعد أن التقى محمود مبشرين من جماعة سنية مسلمة تسمى "جماعة التبليغ"، وذلك عندما اجتمع 1400 عضو من المجموعة من جميع أنحاء العالم في نيودلهي خلال شهر آذار/ مارس.
في وقت لاحق، كشفت التحاليل الطبية أن العديد من أعضاء هذه المجموعة مصابين بفيروس كورونا المستجد. في الواقع، كان ذلك الاجتماع والكشف عن إصابة أعضاء المجموعة بفيروس كورونا هو الشرارة التي أطلقت حملة خطاب الكراهية الخبيثة عبر الإنترنت والتي شهدت قيام القوميين الهندوس المتطرفين باستخدام فيسبوك وتويتر كسلاح لمهاجمة المسلمين في الهند وتهديدهم.
تدّعي تلك الحملة الواهية والقائمة على الكراهية أن المسلمين يصيبون عمدا أعدادا كبيرة من السكان الهنود. وتستخدم الحملة علامات تصنيف مثل " #كورنا جهاد" و"# اسحقوا جماعة تبليغ المقززين" و"#المسلمين هم إرهابيون" و"# الجهاد البيولوجي" على منصات اجتماعية مثل فيسبوك وتويتر. ويقع مشاركة هذه المنشورات من قبل مئات الملايين من الناس من قبل أنصار رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزبه السياسي.
في الوقت الحالي، تحقق الشرطة في وفاة محمود، وتقول إنها "ستتخذ إجراءات قانونية ضد أولئك الذين استهزأوا به". غير أن النشطاء يعتقدون أن موت محمود مرتبط بحملة كراهية واسعة النطاق تُشن ضد المسلمين. على العموم، تبين هذه الحملة كيف اندمجت المخاوف بشأن انتشار الفيروس مع رهاب الإسلام القائم منذ فترة طويلة في الهند. وهذا ما يُعرّض حياة 200 مليون مسلم في الهند للخطر. يقول النشطاء في الهند إنهم ظلوا يبلّغون فيسبوك وتويتر عن المشكلة منذ أسابيع، ولكن لم يقع اتخاذ سوى إجراءات قليلة لوقف انتشار خطاب الكراهية.
في هذا الإطار، صرح ثينموزي سونداراجان، المدير التنفيذي لايكواليتي لابز، التي تعد منظمة تكنولوجية للمجتمع في جنوب آسيا، خلال حوار أجراه مع موقع فايس نيوز قائلا: "لا أعتقد حقًا أن أي من المنصات لديها عذر لأن الأمر سيكون مختلفا إذا كانوا غير ملمّين بالأوضاع ويتساءلون عمّا يحدث، لكنهم يتلقون تقارير عن العديد من هذه الصفحات والمعالجات الفردية وأهداف هذا المحتوى من قبل". وأضاف المصدر ذاته:" لكن لم تكن الاستجابة مناسبة بالنظر إلى خطورة الخطاب المنشور".
تأتي الهجمات على الإنترنت، وعواقبها خارج الشبكة، بعد أسابيع فقط من قيام القوميين الهندوس بمذابح دينية، مما أسفر عن مقتل 36 مسلمًا في دلهي.
موجة من الكراهية المعادية للمسلمين
كان مودي وحزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي الحاكم يؤجّجان المشاعر المعادية للمسلمين لفترة معينة، لكن الموجة الحالية من الإسلاموفوبيا بدأت بعد أن حددت السلطات اجتماع جماعة التبليغ في أوائل آذار/ مارس كمصدر للعديد من الإصابات في الهند. دون علم المجموعة، أصيب عدد من المبشرين بفيروس كورونا وساهموا في انتشاره عندما سافروا عبر الهند.
الآن، أصبحت بعض العناصر اليمينية التي استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتصعيد الهجمات على الجالية المسلمة خلال الجدل حول قانون تعديل المواطنة في السنة الماضية، الذي منح المهاجرين غير المسلمين الجنسية الهندية، تُوظّف اجتماع جماعة التبليغ لكي تدعي بأن المسلمين ينشرون الفيروس عمدا في جميع أنحاء البلاد.
بالإضافة إلى علامات التصنيف، تتداول مقاطع الفيديو المزيفة التي تهدف إلى إظهار المسلمين وهم يعطسون عن عمد على نطاق واسع على تويتر وفيسبوك. في الواقع، يتناول أحد أكثر مقاطع الفيديو شيوعًا موقفا لرجل مسلم يسعل عمدا على شخص ما. وفقا لذلك، بينت تغريدة أن الفيديو أعيد تغريده أكثر من 4300 مرة قبل حذفه. ومع ذلك، فإن الحساب الذي نشره لا يزال فعالا، ويواصل مهمته في تداول محتوى مناهض للمسلمين. بطبيعة الحال، كان الفيديو مزيفا، حيث صُوّر في تايلاند قبل وقت طويل من ظهور الوباء، ولكن هذا لم يمنع مشاركة مقاطع الفيديو من قبل حسابات مؤكّدة على صلة بحزب بهاراتيا جاناتا.
هجمات منسقة في الفيسبوك
شارك مسؤولو حزب بهاراتيا جاناتا وقنوات التليفزيون الوطنية والصحفيون المتحالفون مع الحكومة الاتهامات البغيضة ضد المسلمين في الهند. في المقابل، يُظهر التحليل الذي أجرته مختبرات "إيكواليتي لابس"أن المجموعات التي تشارك علامات التصنيف المعادية للمسلمين على الفيسبوك هي من مؤيدي مودي وحزب بهاراتيا جاناتا، أو المجموعات ذات الصلة بمنظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ، وهي منظمة تطوعية شبه عسكرية هندوسية.
تضم هذه المجموعة أيضا صفحة القوات المسلحة الهندية، ولها 2.8 مليون متابع، وصفحة حزب بهاراتيا جاناتا، 580 ألف متابع، وصفحة أنصار حزب بهاراتيا جاناتا في بنغال الغربية، ولها 350 ألف متابع. من جانبه، قال سونداراجان: "لقد انزعجت من مدى انحياز هذه المجموعة في وقت تحتاج فيه البلاد إلى الوحدة. على مودي أن يتصدى لخطاب الكراهية وحملة التضليل التي تُشنّ تحت رايته". ووفقًا لبيانات من أداة مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، كراود تانجل، حصلت علامة التصنيف "#كورونا جهاد" وحدها على أكثر من 249.733 تفاعلًا على الفيسبوك بين 29 آذار/مارس والثالث من نيسان/ أبريل.
وفقًا لبيانات من منصة تحليل وسائل التواصل الاجتماعي، تولك واكر، أُجري على تويتر ما يقرب من 300 ألف محادثة باستخدام علامة التصنيف "#جهاد كورونا"، وانخرط أكثر من 700 ألف حساب في هذه المحادثات. كما كان من المحتمل أن تنتشر تلك المحادثات لتصل لمائة وسبعين مليون حساب.
عندما سُئلت عن الحملات وعن ردها عنها، قال شركة تويتر إنها وسعت نطاق القواعد المتعلقة بالخطاب حول وباء كوفيد-19 والذي يحرّض على الكراهية، لكنها لم تذكر الإجراء الذي اتخذته على وجه التحديد بشأن محتوى الإسلاموفوبيا الذي وقعت مشاركته على الموقع في الهند.
في سياق متصل، قالت شركة فيسبوك إنها أزالت عددًا من علامات التصنيف التي وقع الإبلاغ عنها من قبل "إيكواليتي لاب"، ولم تؤدي عمليات البحث على المنصة عن "#جهاد كورونا"، بالإضافة إلى العديد من علامات التصنيف الأخرى، إلى نتائج صباح يوم الجمعة، ولكن توجد العديد من الوسوم المشابهة الأخرى التي لا تزال قيد الاستخدام على فيسبوك. على سبيل المثال، عثرت "فايس نيوز" على مقطع فيديو يحمل علامة "#الجهاد البيولوجي" التي تدعي أن المسلمين مسؤولون عن نشر فيروس كورونا باستخدام الأموال التي تحمل الفيروس.
استفاد مودي وحزب بهاراتيا جاناتا، وجيش الإعلام الاجتماعي التابع له، من قوة وسائل التواصل الاجتماعي منذ سنوات لتعزيز مكانتهم كأكثر الأحزاب شعبية في البلاد، ولتغذية المشاعر المعادية للمسلمين. أصبح حزب بهاراتيا جاناتا بارعا في إخفاء سلوكه لإعطاء الحزب ورئيس الوزراء سياسة إنكار معقولة. مع ذلك، توجد دلائل على أن هجمات وسائل التواصل الاجتماعي على المسلمين في الأسابيع الأخيرة كانت منسقة.
لم يعلق فيسبوك على الطبيعة الحزبية للهجمات، لكن أكد مصدر داخل الشركة، والذي لم يكن مصرحًا له بالتحدث عن الأمر، أن عملاق وسائل التواصل الاجتماعي يحقق في احتمال أن تكون الهجمات جزء من جهود منسقة. حيال هذا الشأن، قال سونداراجان في إشارة إلى احتمال استخدام البوتات، "لا أستطيع أن أقول ما إذا كان هذا السلوك منسقًا أو غير صحيح. ولكن من المؤكد أنه منسق لأنك تستطيع أن ترى أن المنشورات نُشرت في نفس الوقت".
--------------
المصدر: فايس / نون بوست
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: