يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
دعوات الإستنجاد بالجيش لمواجهة إتحاد الشغل تنبئ بإنحراف خطير للوعي الذي تزعم الثورة أنها ساهمت في تأصيله عند جزء كبير من الشعب.
علينا أن لا نغفل أن الإتحاد هو أحد المفاخر التاريخية لتونس اجتمعت عليه قلوب الناس وكان ردة فعل شعبية في وجه هيمنة نقابات المستعمر على الطبقة الشغيلة.
نشأ في رحاب جامع الزيتونة الذي إلتجأ إليه مؤسسه فرحات حشاد طلبا للحماية من بطش اليسار المتمترس داخل نقابة CGT الفرنسية.
هذا للتاريخ الذي لم يعد له أثر في الواقع و خاصة بعد أن اختطف نفس اليسار المنظمة الشغيلة في مؤتمر طبرقة 2012 في غفلة من الجميع و أصبح من حينها سلاحه الضارب لتصفية حساب مع شعب خذله في كل المحطات الإنتخابية.
إتحاد الشغل أصبح أداة في أيدي الفاسدين لضرب القطاع العام و تفليسه ليسقط غنيمة في أفواه ضباع رأس المال.
بدأ في توهين التعليم العام فرصة الفقراء الوحيدة للالتحاق بالطبقة الوسطى و سكت عن خوصصة التعليم بل ساهم في إنتشاره من خلال إضرابات متوحشة لم تترك لبعض أولياء التلاميذ خيارا آخر.
سبقها تعفين الأجواء عموما في باقي مؤسسات الدولة لتوهينها و تعجيزها و تمكين أرباب الفساد من السيطرة عليها و تفكيكها بعد ذلك و بيعها في سوق الخردة.
الدور آت على النقل برا و بحرا و جوا و بعدها سيتمكن الفساد من القطاعات الحياتية كالطاقة و الماء و الصحة. عندها تنتهي الدولة و يصبح الفساد هو الدولة.
هذا المشهد رغم كارثيته لا يبرر دعوات الإستنجاد بالجيش.
الجيوش إذا حكمت فذلك إيذان خراب و استبداد و انتقال من مفسدة إلى أخرى أكبر منها.
الجيوش تحكم بقوة السلاح و لا تقبل مشاركة الشعوب في إدارة الحكم و نهاية المطاف تسلم الوطن إلى أعدائه مثل ما حصل في أم الدنيا و العراق و سوريا و ليبيا...
جيشنا نحترمه و نحبه و نجله ما دامت عينه على الحدود و حماية الوطن أما إذا ما أصبحت عينه على قرطاج فلنا معه حديث آخر.
أما اتحاد الشغل و هو الأسير عند حفنة من الفاشيين فالاستنفار الشعبي وحده القادر على فك أسره و رده إلى تلك القيم العظيمة التي اجتمع عليها مؤسسوها ذات يوم في رحاب الجامع الأعظم.
و إن غدا لناظره قريب.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: