البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس... اغتيال "الزواري" والأرض المستباحة

كاتب المقال محمد هنيد   
 المشاهدات: 4296



الموساد الصهيوني يضرب في قلب تونس ويغتال بكل سهولة واحدا من أكفأ الكفاءات التونسية في جريمة بشعة ذات دلالات ورسائل كثيرة. فلا حديث في مهد ربيع الشعوب تونس اليوم إلا عن الجريمة النكراء التي ذهب ضحيتها الشهيد المهندس "محمد الزواري" ابن مدينة صفاقس حيث قامت وحدة الاغتيالات الخارجية في جهاز الموساد الصهيوني بقتل الرجل أمام منزله بدم بارد وبأكثر من عشرين طلقة بمسدس كاتم للصوت.

الجريمة البشعة تمت في وضح النهار وأمام منزل الشهيد بل وهو داخل سيارته مما يوحي بسهولة الاختراق الأمني في تونس رغم كل الاجراءات المتخذة في بلد يشهد تهديدات إرهابية حقيقية. بل الأعظم من ذلك هو حضور مراسل القناة العاشرة الصهيونية للتصوير أمام منزل الشهيد وعلى مرأى ومسمع من كل قوات الأمن والشرطة والمخابرات التونسية.

هل صارت بلادنا مستباحة إلى هذا الحدّ؟ هل بلغ الأمر بالمواطن أن يُقتل في بلاده وأمام منزله من طرف قتلة خططوا لموته على بعد آلاف الكيلومترات ونجحوا في الوصول إليه أمام منزله وبين أهله وذويه؟ أين أجهزة الأمن التونسية وكيف تم الترصد والتنفيذ بكل سهولة ومغادرة البلاد دون حسيب أو رقيب؟ كيف نفسر استقالة المدير العام للأمن الوطني صبيحة الاغتيال وهل لاستقالته علاقة بالجريمة؟ هل تمت العملية بعلم الجهات التونسية التي تغاضت عن الحادث وتكفل إعلام العار التونسي بالتغطية عليها إعلاميا باعتبارها جريمة قتل عادية؟

كثيرة هي الأسئلة التي لا تزال تتردد في الشارع التونسي بعد الجريمة البشعة التي كشفت حجم الانكشاف الذي يعاني منه المشهد الأمني والاستخباري في تونس. تونس اليوم وكما كانت بالأمس في زمن الاستبداد أرض مستباحة سواء في ثرواتها أو في مجالها السيادي أو في قرارها السياسي أو حتى في مواطنيها وطاقاتها. هي فعلا كذلك لأن حادثة اغتيال الشهيد محمد الزواري كشفت حجم الخلل الذي يشوب المؤسسة الأمنية بأن أربك أداءها وعرّى هشاشتها وهشاشة بنيتها و وظيفتها.

فالصدمة التي اكتسحت الشارع التونسي لم تقتصر على عملية الاغتيال فحسب لأن للصهاينة تاريخ قديم في تنفيذ عمليات عدوانية عسكرية مثل اعتداء "حمام الشط " ضد كوادر منظمة التحرير الفلسطينية أو اغتيال القيادي الفلسطيني أبو جهاد. شملت الصدمة كذلك تسريبات عديدة تؤكد تورط جهات داخلية في عملية الاغتيال وهو ما تؤشر عليه وتؤكده الاستقالات التي سبقت الجريمة بساعات قليلة وهي استقالات في أعلى هرم المؤسسة الأمنية التونسية.

كما شملت الصدمة ردود الأفعال التونسية الرسمية سواء بمحاولة السلطات التنصل من الجريمة بالتعتيم الإعلامي عليها أو بالنيل من شخصية الشهيد محمد الزواري خاصة بعد تأكيد حركة المقاومة الاسلامية حماس بأن الرجل قائد ميداني من قياداتها وهو كذلك مطور طائرات أبابيل المسيرة عن بعد والتابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس.

إن ارتباط اسم الشهيد بالمقاومة الفلسطينية في جناحها الاسلامي هو الذي أحرج الحكومة التونسية وقد اكتفت بالبيانات الباهتة وحذر كبير في عدم ذكر الجهة المسؤولة عن الاغتيال حتى بعد الاعتراف الصهيوني المباشر بالعملية وافتخارها بذلك على شاشات التلفزيون.

لكن ماذا يعني أن يعلن الكيان الصهيوني عن العملية بشكل استعراضي؟ هل يريد من ذلك استهداف الوعي المقاوم والوعي الملازم للقضية الفلسطينية باعتبارها جوهر الصراع العربي مع قوى الاستعمار العالمية؟ أم هل هي عملية اعلامية يهدف منها جهاز الموساد الصهيوني استعراض عضلاته أمام دولة متخلفة أمنيا مثل تونس؟ أم هي حملة تواصلية ضد بلد يعلم الصهاينة أنفسهم بأنهم اخترقوه في أماكن ومناصب حساسة وهم يعلمون أنه بلد غير قادر على الردّ أو على الثأر لمواطنه؟

أسئلة كثيرة تبقى قائمة أمام هذه الجريمة الجبانة التي تكشف حجم إرهاب الدولة الصهيونية التي تنتقم لنفسها بشكل عدواني وتنتهك سيادة دول أخرى بشكل سافر يكشف مدى الهوان الذي وصل إليه وضع أغلب الدول العربية. إن استهداف مهندس وعالم مدني غير عسكري لا تتعلق به تهم بالإرهاب أو بارتكاب جرائم داخل تونس أو خارجها إنما هو تأكيد لمنطق قانون الغاب الذي يحكم العلاقات الدولية اليوم.

فالإرهاب الصهيوني لم يستهدف إلا واحدا من العقول العربية المطورة لمنظومة طائرات ذاتية القيادة أو مسيرة عن بعد وهو ما يعني أن الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال في فلسطين لا تتردد في تدمير العقول العربية والخبرات العربية عسكرية كانت أم مدنية لتساهم بذلك في تخلف الأمة وفي نزيف خبراتها.

من ناحية أخرى يمكن أن يُفهم الإرهاب الصهيوني في إطار العقلية الاستعمارية الإرهابية التي ترى في كل معارض لها عدوّا لا بد من تصفيته لكن كيف نفهم إهانة تونس لهذه العقلية الفذّة التي تحركت قوى الموت الصهيونية من أجل القضاء عليها؟

إن الإهانة التي لحقت بالشهيد محمد الزواري من قبل الجهات الرسمية هي اغتيال ثان له لا يقل بشاعة عن الاغتيال الأول ففي الوقت الذي احتفلت فيه حركة المقاومة الاسلامية حماس بقائدها الفذ تملصت تونس منه مؤكدة بذلك أنها فعلا دولة مستباحة في قراراها وثرواتها وسيادتها وخاصة في رجالها وعلمائها وشهدائها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، محمد الزواري، الموساد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-12-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد النعيمي، خالد الجاف ، د - محمد بن موسى الشريف ، أنس الشابي، د. أحمد بشير، د- محمد رحال، حسن الطرابلسي، أحمد بوادي، أ.د. مصطفى رجب، أشرف إبراهيم حجاج، كريم السليتي، عزيز العرباوي، سامح لطف الله، ياسين أحمد، سامر أبو رمان ، جاسم الرصيف، المولدي اليوسفي، رشيد السيد أحمد، صلاح الحريري، محرر "بوابتي"، مجدى داود، رمضان حينوني، د. أحمد محمد سليمان، عبد الله الفقير، عراق المطيري، أبو سمية، د - المنجي الكعبي، محمد شمام ، سيد السباعي، مصطفي زهران، د. صلاح عودة الله ، حميدة الطيلوش، د - صالح المازقي، مراد قميزة، محمد أحمد عزوز، فتحـي قاره بيبـان، عواطف منصور، وائل بنجدو، د- جابر قميحة، فتحي الزغل، محمد الطرابلسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن عثمان، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، سعود السبعاني، صلاح المختار، سلام الشماع، إسراء أبو رمان، محمود سلطان، كريم فارق، طارق خفاجي، إياد محمود حسين ، علي الكاش، د. طارق عبد الحليم، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الله زيدان، د - الضاوي خوالدية، سليمان أحمد أبو ستة، رافد العزاوي، تونسي، عبد العزيز كحيل، منجي باكير، سفيان عبد الكافي، خبَّاب بن مروان الحمد، د - شاكر الحوكي ، المولدي الفرجاني، د. مصطفى يوسف اللداوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، ماهر عدنان قنديل، الهادي المثلوثي، محمد يحي، فوزي مسعود ، الناصر الرقيق، عبد الغني مزوز، بيلسان قيصر، يزيد بن الحسين، محمد علي العقربي، فتحي العابد، الهيثم زعفان، حاتم الصولي، مصطفى منيغ، د - عادل رضا، د. خالد الطراولي ، عبد الرزاق قيراط ، سلوى المغربي، أحمد ملحم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فهمي شراب، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد الحباسي، رافع القارصي، محمد اسعد بيوض التميمي، طلال قسومي، علي عبد العال، صفاء العربي، صفاء العراقي، محمود فاروق سيد شعبان، ضحى عبد الرحمن، يحيي البوليني، د- محمود علي عريقات، د- هاني ابوالفتوح، صباح الموسوي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، عمر غازي، صالح النعامي ، د. عبد الآله المالكي، عمار غيلوفي، العادل السمعلي، رضا الدبّابي، محمود طرشوبي، إيمى الأشقر، محمد الياسين، د - مصطفى فهمي، محمد العيادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد عمر غرس الله، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز