يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الإسلام الذي يريده الأمريكان وحلفائهم في الشرق الأوسط ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار، وليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان، ولكنه فقط الإسلام الذي يقاوم الشيوعية !
إنهم –أي الأمريكان- لا يريدون للإسلام أن يحكم، ولا يطيقون من الإسلام أن يحكم، لأن الإسلام حين يحكم سينشئ الشعوب نشأة أخرى، وسيعلم الشعوب أن إعداد القوة فريضة، وأن الشيوعية كالاستعمار وباء، فكلاهما عدو، وكلاهما، اعتداء !.
الأمريكان وحلفائهم إذاً يريدون للشرق الأوسط إسلاماً أمريكانياً، ومن ثم تنطلق موجة إسلام في كل مكان،
فالكلام عن الإسلام سينطلق في صحافة مصر هنا وهناك،
والمناقشات الدينية تغرق صفحات بأكملها في صحف لم يعرف عنها في يوم ما حب الإسلام ولا معرفة الإسلام،
ودور النشر –ومنها ما هو أمريكاني معروف- تكتشف فجأة أن الإسلام يجب أن يكون موضوع كتبها الشهرية،
وكتّاب معروفون ذوو ماضٍ معروف في الدعاية للحلفاء يعودون إلى الكتابة عن الإسلام بعدما اهتموا بهذا الإسلام في أيام الحرب الماضية، ثم سكتوا عنه بعد انتصار الحلفاء !
والمحترقون من رجال الدين يصبح لهم هيل وهيلمان، وجاه وسلطان، والمسابقات عن الإسلام والشيوعية تخصص لها المكافآت الضخام .
أمّا الإسلام الذي يكافح الاستعمار –كما يكافح الشيوعية- فلا يجد أحداً يتحدث عنه من هؤلاء جميعاً، وأمّا الإسلام الذي يحكم الحياة ويُصّرفها قلا يشير إليه أحد من هؤلاء جميعاً .
إنّ الإسلام يجوز أن يستفتى في منع الحمل، ويجوز أن يستفتى في دخول المرأة البرلمان، ويجوز أن يستفتى في نواقض الوضوء،
ولكنه لا يستفتى أبداً في أوضاعنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو نظامنا المالي، ولا يستفتى أبداً في أوضاعنا السياسية والقومية وفيما يربط بالاستعمار من صلات .
والديمقراطية في الإسلام والبر في الإسلام والعدل في الإسلام من الجائز أن يتناولها كتاب أو مقال،
ولكن الحكم بالإسلام والتشريع بالإسلام والانتصار للإسلام،،،، لا يجوز أن يمسها قلم ولا حديث ولا استفتاء .
إنها مهزلة بل أنها المأساة،،، ولكن العزاء عنها أن للإسلام أولياءه الذين يعملون له وحده، ويواجهون الاستعمار والطغيان والشيوعية سواء،
أولياءه الذين يعرفون أن الإسلام يجب أن يحكم كي يؤتي ثماره كاملة،
أولياءه الذين لا تخدعهم صداقة الصليبيين المدخولة للإسلام وقد كانوا حرباً عليه تسعمائة عام .
أمّا المتّجرون بالدين في ربوع الشرق الأوسط،
وأما الذين يسترزقون من اللعب به على طريقة الحواة،
أما هؤلاء جميعاً فهم الزبد الذي يذهب جفاء عندما يأخذ المدّ طريقه،
وسيأخذ المد طريقه سريعاً، أسرع مما يظن الكثيرون،
(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئاً) .
---------
المصدر: مجلة الرسالة، شهر يونيه عام 1952
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: