البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أمريكا في الشرق الأوسط: أصدقاؤنا اشرار ولكن

كاتب المقال هيفاء زنكنة - لندن    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2960


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


صدر تقريران للامم المتحدة عن العراق. يشير الاول الى وجود عشرة ملايين، أي ما يقارب ثلث السكان، بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، بما في ذلك 3.3 مليون شخص نازح، منذ كانون الثاني/يناير 2014 فقط، ولم يذكر التقرير الاعداد السابقة لهذا التاريخ .
يتواجد آلاف الاشخاص في المناطق المحاصرة من قبل القوات المتقاتلة، غير قادرين على الهرب من آلة القتل اليومي. وحذرت السيدة ليز غراندي، منسق الشؤون الإنسانية في العراق، من توسع الأزمة وازدياد الوضع سوءا في الأشهر المقبلة.

يوثق التقرير الثاني الصادر عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، بداية الشهر الحالي، عن مقتلِ 849 مواطنا وإصابة 1450 آخرين جراء أعمال الإرهاب والعنف والنزاع المسلح خلال شهر كانون الثاني/يناير 2016. وكان تقرير سابق، قد وثق قتل ما لا يقل عن 18802 مدني واصابة 36245 آخرين في الفترة الممتدة من 1 كانون الثاني/يناير 2014 الى 31 تشرين الأول/اغسطس 2015. وتحذر معظم التقارير من أن الأرقام الفعلية يمكن أن تكون أعلى بكثير من تلك التي تم توثيقها.

لا يتسع المجال هنا لتلخيص كافة التقارير. اذ لم نعد نتحدث عن تقارير حقوقية سنوية. فحجم الكارثة أكبر من انتظار تقرير سنوي. هناك تقارير شهرية ويومية وتحذيرات ونداءات دولية وعراقية، يتلاشى بعضها في ضباب التضليل الاعلامي، وتلاعبات الفساد، بينما يختفي البعض الآخر في كومة التقارير عن اولوية كارثة على أخرى، في ارجاء العالم. مما يدفع الى التساؤل عن جدوى هذه التقارير المتراكمة من منظمات باتت اقرب ما تكون الى معمل لانتاج الورق؟ وفي أجواء الاحباط واليأس العام والموت الجاهز أبدا لافتراس المزيد من الضحايا، قد يبدو من الصعب اقناع الناس بجدوى أية مبادرة بعيدة المدى، فكيف بتقارير لمنظمات لا تملك سلطة اجبار الدول على تنفيذ التوصيات الانسانية وعلى الرغم من توقيع الدول المعنية للمواثيق الدولية وادعاءاتها المستمرة في احترام حقوق الانسان ؟

تكمن أهمية هذه التقارير، العراق مثلا، في توثيقها تدهور الاوضاع المزمن، والقاء الضوء على مآسي الحياة اليومية التي يراد طمرها تحت مفردات الديمقراطية ومحاربة الارهاب، من النزوح والهجرة الى الموت المجاني نتيجة قصف «تحالف الدول الصديقة»، والقصف الحكومي العشوائي، والاقتتال مع منظمات تولد وتموت وفق أجندات سياسية، يتزاوج فيها المحلي بالاقليمي والغربي. وان بقيت المشكلة الاساسية التي تواجهها المنظمات، هي الهوة الواسعة ما بين التوصيات والجهات التي يتوجب عليها تطبيقها، وهي في الواقع: النظام العراقي ـ العاصمة بغداد، اقليم كردستان ـ العاصمة اربيل، قوات التحالف الدولي بقيادة امريكا ـ العاصمة المنطقة الخضراء ببغداد، الميليشيات ـ العاصمة طهران، الدولة الاسلامية (داعش) ـ العاصمة الموصل. بين هذه القوى المختلفة يحاول الناس ايجاد محط قدم لحماية انفسهم وعوائلهم والمحافظة على كرامتهم.
المفارقة الموجعة هي ان هذه القوى التي تتعامل مع بعضها البعض بسياسات تراوح ما بين النزاع والاقتتال وطلب الحماية، يجمعها عامل مشترك هو الاستهانة بالشعب وكرامته بينما تسوق ما تقوم به بحجة حماية الشعب من نفسه وشروره وارهابه. حماية الشعب من نفسه لأنه يحمل صليب الطائفية على ظهره منذ 1400 عام، وحمايته من شروره لأنه يحمل جينات العنف في تكوينه منذ ايام سرجون، وحمايته من ارهابه لأنه حاضنة للارهاب، والا ما معنى احتلال داعش، لثلث العراق ؟
يؤدي تكرار هذه المحاججات الى القبول بها كمسلمات بديهية، والى شرعنة كل فعل اجرامي ينفذه ساسة النظام وقوات داعش والاحتلال ودعاة التقسيم والميليشيات الارهابية.

اتعمد هنا استخدام صفة « الارهاب» على افعال كل القوى المذكورة، لأن ما قام به المحتل الانكلو أمريكي سواء بواسطة جنوده او مستخدميه من العراقيين أو ماسببه جراء الغزو، لايقل ارهابا عما ترتكبه بقية القوى.

ويجب الا تنسينا شعارات « محاربة الارهاب» والتستر على كل الجرائم بحجة محاربة داعش، اسباب الارهاب الحقيقية التي يعزوها الفيلسوف الامريكي أندري فيتشاك، الى السياسة الاستعمارية، المسؤولة «منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى الآن، عن مقتل ما بين 50 و55 مليون إنسان، بسبب حروب بدأتها الدول الغربية، أو انقلابات عسكرية صنعها الغرب، أو حروب أهلية تسبب في اندلاعها، بالإضافة إلى مئات الملايين من الضحايا الذين تأثروا بطريق غير مباشرة وماتوا في صمت، ولفّهم النسيان».

ويعتبر العراق، منذ غزوه عام 2003، وعلاقته بالدول الاقليمية، التطبيق الأفضل لسياسة امريكا الخارجية المتأرجحة ما بين الاصدقاء «الأشرار» والاعداء وادعاءات حقوق الانسان. امتداد لتطور السياسة الخارجية التي ضمنها الرئيس كارتر الاشارة الى حقوق الانسان. الأمر الذي اثار استياء المحافظين الجدد « لأنه يضعف العلاقة مع انظمة صديقة قد لا يعجبنا سلوكها (لأنها فاسدة وتعذب مواطنيها وتقتلهم) لكن بقاءها اساسي لمقاومة الشيوعية»، كما ذكر الصحافي الامريكي جورج باكر في كتابه « بوابة الحشاشين»، مضيفا ما قاله أحد المحافظين الجدد « قد يكون اصدقاؤنا اشرارا ولكن اعداءنا أسوأ منهم». وينطبق الأمر، تماما، على التقلب الأمريكي الراهن بين ايران وبلدان الخليج وروسيا والنظام السوري، وعلى امتداد المنطقة العربية الاسلامية، بعد تحول بعبع الشيوعية الى الارهاب الاسلامي، باستثناء حركة طالبان التي تفاوضها أمريكا كحليف محتمل.

هذا هو جوهر السياسة الامريكية في العراق، سابقا وحاليا، وعلى اللاهثين لتقديم انفسهم كبديل لـ»ألاصدقاء الأشرار» الحاليين ان يعوا ان مصيرهم لن يكون افضل بكثير ممن سبقهم في ظل سياسة خارجية بلا مبادئ اخلاقية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الشرق الأوسط، أمريكا، إسرائيل، إيران، الإرهاب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-02-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود طرشوبي، أحمد الحباسي، إياد محمود حسين ، صباح الموسوي ، عمار غيلوفي، محمد عمر غرس الله، د - الضاوي خوالدية، رافع القارصي، فتحي العابد، نادية سعد، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - محمد بن موسى الشريف ، ماهر عدنان قنديل، صفاء العراقي، أبو سمية، سعود السبعاني، محمد أحمد عزوز، أحمد بوادي، محمد الطرابلسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، المولدي الفرجاني، العادل السمعلي، أشرف إبراهيم حجاج، ضحى عبد الرحمن، د. مصطفى يوسف اللداوي، إيمى الأشقر، صفاء العربي، فتحي الزغل، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد محمد سليمان، محرر "بوابتي"، محمد شمام ، رضا الدبّابي، د - المنجي الكعبي، يحيي البوليني، د - صالح المازقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمد رحال، عبد الله الفقير، د. أحمد بشير، محمود سلطان، محمود فاروق سيد شعبان، سفيان عبد الكافي، صلاح الحريري، وائل بنجدو، سلوى المغربي، عبد الرزاق قيراط ، د. طارق عبد الحليم، حسن الطرابلسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد اسعد بيوض التميمي، طارق خفاجي، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي، أحمد ملحم، سيد السباعي، صلاح المختار، عواطف منصور، مصطفى منيغ، منجي باكير، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- محمود علي عريقات، محمد علي العقربي، المولدي اليوسفي، علي عبد العال، أحمد النعيمي، رشيد السيد أحمد، حميدة الطيلوش، الهادي المثلوثي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد الياسين، مجدى داود، خبَّاب بن مروان الحمد، الناصر الرقيق، أنس الشابي، مراد قميزة، جاسم الرصيف، عزيز العرباوي، سامح لطف الله، فهمي شراب، كريم السليتي، ياسين أحمد، تونسي، د - شاكر الحوكي ، كريم فارق، إسراء أبو رمان، يزيد بن الحسين، محمد يحي، د. خالد الطراولي ، د. صلاح عودة الله ، محمد العيادي، خالد الجاف ، بيلسان قيصر، عبد الغني مزوز، عراق المطيري، د - مصطفى فهمي، أ.د. مصطفى رجب، عبد العزيز كحيل، سليمان أحمد أبو ستة، د.محمد فتحي عبد العال، سلام الشماع، حاتم الصولي، فوزي مسعود ، مصطفي زهران، د - محمد بنيعيش، صالح النعامي ، علي الكاش، رمضان حينوني، عمر غازي، حسن عثمان، عبد الله زيدان، طلال قسومي، رافد العزاوي، د- جابر قميحة، الهيثم زعفان، د. عادل محمد عايش الأسطل، رحاب اسعد بيوض التميمي، سامر أبو رمان ، د- هاني ابوالفتوح،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز