البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أسس أكذوبة المجتمع العربي والمسلم في المهجر

كاتب المقال هيفاء زنكنة - لندن    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3274


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


اذا كانت الحروب والنزاعات تلتهم 40 بالمئة من بلداننا داخليا، فانها لا ترحم، بانعكاساتها، من يعيش في المهجر. انها تتمدد وتتمطى لتفرض حضورها، وان بأشكال تختلف عن جحيم الحروب الداخلية. انها تتبدى، خارج وطننا، بشكل تجمعات في احياء سكنية محددة، أو غيتوات ( معازل)، تختلف عن الغيتوات التاريخية، النامية داخل مجتمع ما نتيجة القمع والاضطهاد وتسهيل السيطرة والتحكم بفئة بشرية معينة.

تتميز المجتمعات المنغلقة على نفسها أو الغيتوات الحديثة، الناتجة عن حروب الشرق الاوسط، خاصة، بكونها اختيارية، ويتحكم بها فيروس « فرق تسد» السياسي، اكثر منه العرقي أو الديني، الشائع خطأ، في بريطانيا، على سبيل المثال حيث، غالبا ما يلجأ المسؤولون البريطانيون، ومعظم اجهزة الاعلام، الى استخدام مصطلح المجتمع المسلم أو العربي ( لا يقولون المجتمع اليهودي) للاشارة الى العرب والمسلمين سواء كانوا من المهاجرين الجدد أو حتى المولودين منهم، عبر أجيال، في بريطانيا.

يتم التعامل مع هذه التجمعات، المتناثرة في مختلف ارجاء بريطانيا، باعتبارها وحدة، متماسكة، مترابطة العلاقات، يجمعها الدين الاسلامي او العرق الذي ينتمون اليه. وهو توصيف لا يقل خطورة عن وضع الناس في غيتوات مكانية لاحكام الهيمنة عليهم، أو رسم صورة نمطية لتسهيل كيفية النظر اليهم والتعامل معهم. فتكون النتيجة، مهما كانت الاسباب والنوايا انسانية صادقة، ان يعامل جميع المصنفين بانهم افراد مجتمع صغير داخل المجتمع الأكبر، يُصبغون بذات الصبغة، ويعاقبون جراء سلوك فرد او افراد، كما يعاقب طلاب الصف كله، اذا ما فشل المعلم بتشخيص ومعاقبة التلميذ المشاغب. من هنا تنبع تصريحات الساسة الغربيين العنصرية، مثالها بالدرجة القصوى ( هناك درجات أقل) تصريحات دونالد ترامب، المرشح في السباق الجمهوري للترشيح في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة. ترامب لا يطلق التصريحات من فراغ (بمعيار التصنيف النمطي )، بل ينتقيها من سلة تحتوي نعوتا باتت جزءا لا يتجزأ من صورة المسلم العامة. كل ما فعله ترامب هو أنه استل من السلة واحدة من المفردات: اسلامي، ارهابي، داعشي، وقاعدة، ليجد بين جمهوره الأمريكي من يهلل لجرأته ويجد فيه خير من يمثله كرئيس في المستقبل القريب.

للأمانة، علينا ان نعترف بأن ترامب ليس فريدا من نوعه. لا أعني بين الغربيين فقط، فبينهم، على الرغم من تاريخ بلدانهم الاستعماري الطويل في بلادنا، من يضحي بحياته من اجل قضايانا مثل قضية فلسطين ومناهضة الحرب واحتلال العراق ومساندة الشعب السوري. ما أعنيه هو وجود من يدعم ترامب وغيره، في موقفهم الاقصائي التهميشي، ضد المسلمين، وساعد جورج بوش وتوني بلير في تسويق الحرب وغزو العراق، من بين « النخبة» في « مجتمعنا» الاسلامي – العربي، وهو، بحد ذاته، ما ينفي وجود مثل هذا المجتمع الموحد دينا وموقفا واجماعا، وليكن في رسائل الشكر التي وجهها « مثقفون» عراقيون الى جورج بوش بمناسبة احتلاله بلدهم، خير مثال. فما هو مصنف باعتباره مجتمعا اسلاميا – عربيا، في المهجر، هو عبارة عن مجموعة تكتلات بشرية، متناثرة، تختلف بقوميتها، ولغتها، ودرجة تدينها، وحقبة ومكان وسبب هجرتها. واذا كان سبب الهجرة سياسيا، فان نواة الغيتو الاختياري سيكون سياسيا، وان كان التلفع بالغطاء المذهبي أو الديني مفيدا، أحيانا، وحسب درجة تساهل ومصلحة دائرة الهجرة واللجوء البريطانية مع فئة دينية او قومية معينة.

وينطبق نموذج الهجرة بحقب زمنية – سياسية مختلفة على العراقيين، بدءا من سقوط العهد الملكي، في خمسينيات القرن الماضي، وما تلاه من انقلابات عسكرية وحروب وحصار حتى الاحتلال عام 2003. هجرة هذه الموجات من العراقيين واستقرارهم ببريطانيا، كأفراد على الغالب، واندماج الكثيرين منهم بفضل الدراسة والعمل، يدحض التصنيف البريطاني النمطي للمجتمع « المسلم « و « العربي» الموحد. وتزداد الصورة النمطية بعدا عن الواقع، حين نتابع نشاطات البعض المحمومة للتبرؤ من ذلك « المجتمع» المفروض فرضا، عبر وسائل نفسية، بطبقات متعددة، واعية ولا واعية. وتزداد الصورة تعقيدا اذا كان العربي و/ أو المسلم صاحب مؤسسة أو منظمة مجتمع مدني، اذ يتوجب عليه، في هذه الحالة، اثبات انه « معتدل «، وأن يكون التنديد بالارهاب الاسلامي ( اذ بات كل ارهاب اسلاميا بالضرورة) معركته الأولى لتجنب تعريض النفس الى التجريم والانتقاد، وابعاد الشبهة عن النفس، والأكثر من ذلك، احيانا، ايقاف الدعم المادي أو حجز الاموال.

في حال عراقيي المهجر، الذين طالما وجدوا أنفسهم على هامش التصنيف النمطي للمجتمع العربي – الاسلامي، طغى التمايز السياسي، ما بين الملكي والشيوعي والقومي والبعثي، حتى تسعينيات القرن الماضي، حين نثرت بذور الطائفية السياسية عبر منظمات وتحالفات شرعت تتلقى الدعم المادي بسخاء من الادارة الأمريكية بعد تمرير قانون تحرير العراق. فصار الشيوعي ( العلماني) شيعيا ليتهم القومي والبعثي ( العلماني) بأنه سني. ومع مرور السنين، وتكرار التهم والتضليل، والفساد، وازدياد مساحة الموت، وتقلص فسحة الحياة داخل الوطن، بنيت التمايزات الطائفية بأساطيرها وتهويماتها، والبحث عن التجمعات والتنظيمات الداعمة للطائفية، ويا للغرابة، في المهجر المستقر الآمن، أكثر منه الوطن بحربه واقتتاله.

ويزداد الصراع المباشر أحيانا والمموه في احيان أخرى بين النخب الدينية ضد العلمانية، والشيعية ضد السنية، والعكس بالعكس، بين النخب. تتبدى النشاطات من خلال منظمات ومراكز مدعومة بسخاء بالاضافة الى تقديم المنح الدراسية والدعم للبحوث « الاكاديمية»، حسب الطلب. هناك مثلا منظمة نسوية جعلت أولويتها شن حملة لخلع الحجاب لأنه يستفز البريطانيين، بينما ينشط أكاديميون، صامتون تجاه احتلال فلسطين والارهاب الاسرائيلي اليومي على الفلسطينيين، بتوقيع رسائل تدعو « المجتمع المسلم»، ببريطانيا، الى الاستيقاظ من غفوته والابتعاد عن الارهاب. فعن أي مجتمع مسلم يتحدثون؟

-------
هيفاء زنكنة
كاتبة من العراق
-----
مقال ينشر بالتوازي في مواقع: القدس العربي، البصرة نت، الكادر
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

المهاجرون المسلمون بالغرب، بريطانيا، التمييز ضد المهاجرين، معاناة المهاجرين، الهجرة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-12-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد العزيز كحيل، ياسين أحمد، أنس الشابي، فوزي مسعود ، حسن عثمان، ضحى عبد الرحمن، د. ضرغام عبد الله الدباغ، طلال قسومي، حسني إبراهيم عبد العظيم، رشيد السيد أحمد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، وائل بنجدو، محمد عمر غرس الله، الهيثم زعفان، فهمي شراب، محمود فاروق سيد شعبان، عمار غيلوفي، سليمان أحمد أبو ستة، محمود طرشوبي، سلام الشماع، عواطف منصور، محمد العيادي، محمود سلطان، مصطفى منيغ، رافد العزاوي، د- محمود علي عريقات، كريم فارق، محمد علي العقربي، عمر غازي، صفاء العربي، سعود السبعاني، أشرف إبراهيم حجاج، د - محمد بنيعيش، فتحي الزغل، صلاح المختار، د - صالح المازقي، نادية سعد، إيمى الأشقر، جاسم الرصيف، صلاح الحريري، د - مصطفى فهمي، كريم السليتي، د- هاني ابوالفتوح، رافع القارصي، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، علي الكاش، د. عبد الآله المالكي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - عادل رضا، صالح النعامي ، يحيي البوليني، صباح الموسوي ، أحمد بوادي، أحمد الحباسي، محمد أحمد عزوز، مصطفي زهران، د.محمد فتحي عبد العال، محرر "بوابتي"، عبد الله زيدان، د. أحمد بشير، خبَّاب بن مروان الحمد، حميدة الطيلوش، عراق المطيري، د - محمد بن موسى الشريف ، المولدي اليوسفي، سفيان عبد الكافي، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، محمد شمام ، منجي باكير، فتحـي قاره بيبـان، محمد اسعد بيوض التميمي، ماهر عدنان قنديل، صفاء العراقي، العادل السمعلي، رحاب اسعد بيوض التميمي، بيلسان قيصر، المولدي الفرجاني، محمد الياسين، حسن الطرابلسي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، علي عبد العال، د. صلاح عودة الله ، سلوى المغربي، أ.د. مصطفى رجب، حاتم الصولي، طارق خفاجي، إسراء أبو رمان، د- محمد رحال، رضا الدبّابي، فتحي العابد، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. خالد الطراولي ، مجدى داود، د - شاكر الحوكي ، أحمد ملحم، د- جابر قميحة، الناصر الرقيق، د. طارق عبد الحليم، محمد يحي، د - المنجي الكعبي، إياد محمود حسين ، عزيز العرباوي، رمضان حينوني، سيد السباعي، محمد الطرابلسي، د. أحمد محمد سليمان، تونسي، يزيد بن الحسين، أحمد النعيمي، أبو سمية، عبد الغني مزوز، سامر أبو رمان ، مراد قميزة، خالد الجاف ، سامح لطف الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد الرزاق قيراط ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز