البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

إيجاد وظيفة المتحدث الرسمي باسم الاسلام تزيّد وتحريف

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7464


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


وزير الشؤون الدينية المدعو "عثمان بطيخ" يقول أنه يجب منع النقاب شرعا، وهو يتحدث باعتباره المتحدث الرسمي باسم الاسلام كما يزعم، وأنا وإن كنت متأكدا ان الله ختم دينه ونهى عن اتخاذ الارباب والأصنام البشرية كواسطات لعبادته، فإني بالمقابل لست متأكدا أن الله أستثنى ونصب علينا، ناهيك أن يكون ممن يوظف الإسلام لخدمة الحكام، دعك من أن يكون من أمثال البطيخ هذا.

لا أريد الدخول في نقاش حول شرعية النقاب من عدمه، أو تحليل لماذا لم يعط الوزير رأيه في التعري الذي يكتسح تونس إكتساحا خبيثا أو إنتشار بؤر الفساد والتشجيع عليها، وإنما أريد تناول وجود أحدهم ينصب مفسرا أو مفتيا أو متحدثا رسميا باسم الإسلام.

وجود متحدثين رسميين او حتى شعبيين (وجود شيوخ مراجع للجماعات الاسلامية) باسم الاسلام تحريف خطير لمسار التدين وقع سنه كإحدى أدواة الثورة المضادة ضد الإسلام التي قادها مبكرا بنو أمية وتواصلت بعد ذلك إلى الآن، وهو تحريف ساهم فيه للأسف صحابة وتابعون، منهم من هم قدوات وأصحاب مذاهب، حيث يقع تعيين مباشر أو ضمني لأحدهم يرجع إليه للإفتاء الرسمي في أمور الدين ولإعطاء الفهم الصحيح كما يزعمون، بحيث ان تدين الناس يصور على أنه في اعتبار الناقص او الفاسد ان لم يوافق قول الشخص المفترض أنه مرجع في القول.

الخطر أن هذا التمشي يجعل تدين الناس مقررا من طرف الغير وهذا أولا يقود لتكوين الواسطات في التعبد وهو تصور مناقض لفلسفة الاسلام المبنية على حرية التعبد ومباشريتها، كما أنه ثانيا يجعل صحة التدين مقررة بيد طرف رسمي، مما ينتهي بجعل مجال حميمي للفرد وهو الدين أداة في يد الحاكم يوجهه لمصلحته.

الحقيقة أن فلسفة الأنبياء والرسل ومنها فلسفة الإسلام، بسيطة، فالإسلام لايقبل التوسط في أمر التعبد و يرفض وجود منظومات التحكم في الناس أي الكهنوت، كما أن شعائر الاسلام بسيطة ولاتستحق كل التعقيد الذي ظهر وتزايد بالاصطناع عبر تاريخ الثورة المضادة على الإسلام، ذلك أن استحداث مهنة الإرتزاق بالدين دفعت لاصطناع القضايا الفقهية وافتعال تعقيدها كإحدى عوامل تبرير الوجود، الامر حقيقة في الاسلام أبسط مما يصورة مرتزقة الدين من فقهاء ومفتين ومن شابههم.

الاسلام لا يصح فيه أن يصبح مهنة يشتغل بها، الدين ضابط للحياة وليس مهنة، الدين في الاسلام مجال مواز لكل مجالات الحياة الأخرى وليس مجال واحد من ضمن المجالات الأخرى، رياضيا ذلك يعني التوازي وليس التتابع وهو توازي أي تواجد طبقي في مجالي المكان والزمان.
في التصور الكنسي الذي تنبع منه مفاهيم التخصص في الدين كالاختصاصات الأخرى، يكون الدين له مجال مكاني محدد أي إختصاص معين من ضمن إختصاصات الحياة الأخرى، كما أنه زمانيا له تحديد وقتي اي لا يدخل الدين في كل المناشط ولايستدعى الا في أيام معدودات عادة تكون في المناسبات، أما باقي المجال الزماني فيكون متحررا من الدين، وهذه هي العلمانية التي لا تبعد كثيرا عن الفهم الكنسي.

ولذلك فالأقرب لفلسفة الاسلام أن يكون الدين موازيا لكل الاختصاصات وليس متتابعا معها كما هو حاصل الآن، فيصبح المهندس متحدثا في الدين والطبيب متحدثا في الاسلام والمعلم وغيرهم لهم الحق بل من واجبهم أن ينتجوا تدينهم الخاص بهم من دون واسطات مصطنعة.

وحين نعيش التدين واقعا في كل مجالات حياتنا سنكتشف ان الإسلام ليس بالتعقيد الذي يصور به، وأن الكثير مما يطرح من مسائل فقهية انما هي تهويمات ومبالغات من لا يعيش الدين، وأن الإشكاليات التي قد تطرأ زمن التدين اليومي يسير حلها من دون تدخل الواسطات وهي تماثل المسائل التي نعترضها يوميا في حياتنا ونفلح في حلها من دون ضجيج.

ومما أراه أيضا من فلسفة الاسلام البسيطة انه لا يجوز جعل الدولة وصية على أماكن العبادة، لان ذلك يجعل الدين اداة توجيه للناس، وهو أمر مناقض لفلسفة الإسلام الذي يسعى لخلق الاحرار وليس العبيد المحكومين من طرف الغير.

ننتهي إذن لكون وجود وزارة للشؤون الدينية و وزير ومفتي، أمور لا تصح من منظور فلسفة الإسلام التحررية البسيطة، وإن كان الأمر غير لك تاريخيا وواقعا الآن، ولكنه التحريف الذي طرأ على الإسلام والسكوت عنه هو الذي برر تواصل وجود رجال الدين ومؤسساتهم الوظيفية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، المفتي، وزير الشؤون الدينية، فقهاء السلطان،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 31-03-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  وجوب فهم الأحداث من دون اتخاذ "بشار الأسد" محورا للحديث
  لماذا يجب تغيير مسطرة "أهل السنة والجماعة" والروافض بمسطرة جديدة
  من أشد خطرا، النظام السوري أم النظام السعودي أو النظام الأردني
  لايكفي أن تكون ذا دين، عليك أن تكون قبل ذلك ذا عقل
  حول حكاية رصّ الصفوف: هل أن السيسي وسليم عمامو وهيئة بن عاشور كانوا يرصون الصفوف
  إصلاح النفس لا يكفي
  "العقل" التنفيذي مقابل العقل المفكر
  على الشباب أن يؤسس لفعل سياسي جديد بمعزل عن التنظيمات الحالية
  خطر قنوات "MBC" والإستفاقة المتأخرة
  اجعلوا أحزانكم على "أبي إبراهيم"، مولّدة للطاقة
  مصطلح "نخب الاستقلال"، ليس بأجدر ولا أفضل من مصطلح "منتسبي فرنسا"
  الواقع يغيّره صاحب القوة وليس صاحب الحق والمبدأ : أخلاق القوة (*) هي التي تغير الواقع
  المسلّمات التي تنتج طمأنينة زائفة: لا يمكن تغيير واقعنا مع الإبقاء على الأصنام وزوايا النظر النمطية
  نماذج للخلط في تناولاتنا: فرنسا، غض البصر، تعدد الزوجات ...
  التونسي لايفعل ولايغيّر، ليس لأنه عاجز وإنما لأنه لايعرف ماذا يفعل
  ثقافة الدجاج والتّدجين
  هل حان الوقت لأن تحلّ التنظيمات الإسلامية نفسها
  الفعل السياسي الحالي لاقيمة له، لأنه لن يتجاوز سقفا حدده مدير السجن الذي يحكمنا منذ عقود
  يجب أن تكون قادرا على تجاهل الحدث، وذلك شرط حرية الموقف
  التونسيون وهواية العبث: نموذج دعوات المشاركة والمقاطعة في الإنتخابات
  يا جماعة يهديكم الله، حكاية سب أم المؤمنين وعراك الصحابة، هذا تاريخ وليس عقيدة
  علينا أن نحزن لوجود هؤلاء بيننا
  لماذا تفشل دعوات المقاطعة للسلع الغربية أو دعوات التصدي للإنقلاب: الدعوة المباشرة للفعل تضعف احتمال نجاحه
  لماذا لا يفرح البعض منا لأفعال المقاومة اللبنانية ولا يحزنون لخسائرها
  المدوّنون الإسلاميون و وَضْعيّة الكلب
  على هامش تفجيرات لبنان: الجهل والمعرفة بالأحداث هل هي ذات قيمة
  هل لدى التونسي مشكلة في قدرات ........
  الحركات الإسلامية وحتمية السجن أو الأدوار الوظيفية: تونس، الجزائر، المغرب، الأردن ...
  البودكاستات العربية ذات مظهر جذاب، لكنها عقيمة المحتوى وتكرس واقعا فاسدا
  المنصّات الإعلامية الجديدة، هل تخرج من المواضيع العقيمة: الإلحاد، دخول الغربيين الإسلام...

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
الناصر الرقيق، ماهر عدنان قنديل، خالد الجاف ، د- جابر قميحة، رمضان حينوني، د - عادل رضا، حاتم الصولي، عمار غيلوفي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد الطرابلسي، د - محمد بنيعيش، فتحي العابد، د. عبد الآله المالكي، مصطفى منيغ، رافع القارصي، صفاء العراقي، رشيد السيد أحمد، رافد العزاوي، سيد السباعي، سلام الشماع، محمد عمر غرس الله، صالح النعامي ، حسن عثمان، كريم فارق، ضحى عبد الرحمن، وائل بنجدو، رضا الدبّابي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحي الزغل، د - المنجي الكعبي، سامح لطف الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عواطف منصور، إياد محمود حسين ، بيلسان قيصر، د- محمد رحال، سلوى المغربي، محمد أحمد عزوز، محمود فاروق سيد شعبان، منجي باكير، أحمد النعيمي، فوزي مسعود ، مصطفي زهران، فهمي شراب، د - الضاوي خوالدية، يزيد بن الحسين، د. أحمد بشير، حميدة الطيلوش، أنس الشابي، صلاح الحريري، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد شمام ، محمود طرشوبي، د.محمد فتحي عبد العال، د. خالد الطراولي ، طلال قسومي، محمد يحي، عبد الرزاق قيراط ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- محمود علي عريقات، يحيي البوليني، عمر غازي، د. صلاح عودة الله ، حسن الطرابلسي، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بوادي، أبو سمية، كريم السليتي، عبد الله زيدان، إيمى الأشقر، سليمان أحمد أبو ستة، محمد علي العقربي، علي الكاش، عبد الله الفقير، عبد العزيز كحيل، د - شاكر الحوكي ، محمد العيادي، الهادي المثلوثي، فتحـي قاره بيبـان، إسراء أبو رمان، د - صالح المازقي، خبَّاب بن مروان الحمد، العادل السمعلي، تونسي، محمد الياسين، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد اسعد بيوض التميمي، أشرف إبراهيم حجاج، عراق المطيري، محمود سلطان، د. طارق عبد الحليم، عزيز العرباوي، أ.د. مصطفى رجب، عبد الغني مزوز، محرر "بوابتي"، صفاء العربي، صلاح المختار، نادية سعد، سفيان عبد الكافي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، علي عبد العال، مجدى داود، أحمد ملحم، المولدي اليوسفي، د- هاني ابوالفتوح، سامر أبو رمان ، د - مصطفى فهمي، طارق خفاجي، جاسم الرصيف، سعود السبعاني، ياسين أحمد، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، المولدي الفرجاني، أحمد الحباسي، صباح الموسوي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، مراد قميزة، الهيثم زعفان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز