تمظهرات الهوية اللالونية عبر الرمزية التشكيلية من خلال قراءة في تجربة المغربي "حسن الشاعر"
ألفة خليفي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4625
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مع كل يوم جديد يأتي الفن برؤى و تصورات جديدة تفتح المجال لتجارب فنية و ممارسات تشكيلية تواكب كل التغيرات بإعتبار أن الفن يؤثر و يتأثر ضمن عملية أخذ و عطاء تبرز ما يعيشه المجتمع من تغيرات و تحولات نابعة من التراث الحضاري و معبرة عن هوية تشكيلية تنفرد بخصوصياتها التي تتميزها عن غيرها، حيث أنها تمثل تعبير شكلي و أسلوبي للممارسة الفنية التي تستبطن معاني و دلالات ترواح بين الأصالة و المعاصرة وفق رؤية تجريدية تعبر عن مرجعية فنية تمزج بين الصوفي و الروحاني من خلال ثنائية لا شكلية و لا لونية ، و من هنا بدأت تتجلى بوادر الممارسات الفنية المغربية خاصة بظهور صياغات تشكيلية تهتم بالهوية كعنصر أساسي في الأعمال التشكيلية التي تجلت مع "حسن الشاعر" الفنان المغربي الذي عرف بشغفه و حنينه لطفولته حيث أنه تأثر فيها بالأحياء المغربية العتيقة و مثلت ملهما له في كبره بتشكيلها عبر فعل فني، لم يكن فعلا مرتجلا أو مجرد ممارسة حرفية و عشوائية بل كان ممارسة عالمة تقوم على وعي تام بشروطها و ضروراتها التي كانت معبرة عن تغيرات تراثية تشكيلية بالأساس.
حيث مثلت تجربة "حسن الشاعر" كفنان مغربي صياغة تعبر عن الهوية التراثية عبر توظف تقنيات و قراءات فنية جديدة نابعة من الطبيعة وحاملة لهوية لونية أساسها الأبيض والأسود بما هي أداة تشكيلية تعبر عن أثر فني مفتوح يحمل قراءات فنية نابعة من البيئة و راجعة إليها في الآن ذاتها.
فهذه التجربة ساهمت في الكشف عن العلاقة التشكيلية التي تربط بين الأبيض و الأسود عبر الغوص في الهوية اللالونية النابعة من المكان بإعتباره يمثل ذاكرة تختزن الأبعاد التشكيلية و الفنية يسعى الفنان إلى تجسيدها خصوصا و أنه يمازج بين المعنى و المبنى و ذلك بالمزاوجة بين الأصالة و المعاصرة التي تحمل قيم مختلفة ، تتجلى عبر الرمزية الإستعارية كفضاء للإبداع و ذلك بالكشف عن علاقة الصورة التشكيلية النابعة من الطبيعة كمنبع فني ، يتفاعل فيه الفنان مع الواقع الذي يعيش فيه و يغوص في أعماقه ويكشف عما تحمله من تأثيرات تشكيلية تخلق علاقة تحاورية بين التقنيات و الأساليب عبر حركة جمالية وفنية وإيقاعية وتشكيلية في الآن ذاته، ولعل هذا ما يتأكد في صورة الهوية اللونية التي أصبحت تغزو عالم الفنان وجعلته يدخل في وضعية وجودية فرضت عليه البحث والإمعان والتفكير في الموجود.
و بالتالي تتجلى تجربة حسن الشاعر كرؤية تشكيلية تنحت خصوصيته الفردية و تضفي صبغة ذاتية على ثنايا رؤيته و تصوراته المنفتحة على تأويلات متعددة تهتم بالهوية كرؤية أساسية لهذا المقال عبر شيفرات و رموز تتماشى مع معاني و دلالات الأبيض و الأسود.
-----------
ألفة خليفي
باحثة من تونس
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: