البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

إسرائيل تسوّق إنسانيتها

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4097


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لم تكن مسألة اعتراف إسرائيل بالمسيحيين الآراميين كقومية مستقلة بذاتها عن القومية العربية، ضمن نسيج الدولة هكذا، وفي هذه المرحلة بالذات، خاصة وأنها نفسها تعترف بأن هناك مطالبات بهذا الاعتراف موجودة داخل المؤسسة الإسرائيلية المعنيّة، منذ أكثر من خمسة عقود متتالية، لكنها جاءت بعد دراسة وتفكيرٍ معمّقين، بأن ذلك الاعتراف سوف يأتي بقائمة طويلة من الإيجابيات تصب في صالح الدولة، ولذلك كان سوق المبررات في هذا الاتجاه مُيسراً – برغم أن الشروط اللازمة للاعتراف متواجدة منذ الأزل- والتي تمثلت في أنّ حقيقة وجود القوميّة الآراميّة أصبحت ظاهرة للعيان، والشروط المطلوبة باتت متوفّرة بالتمام، حيث يتواجد تراثها التاريخي المشترك، والدين الواحد، والنشَأة الواحدة، واللغة المشتركة إلخ، حيث سُمح من خلاله كنتيجة فورية لأبناء الطوائف المسيحية الخمس المختلفة في الدولة، كتابة القومية (الآرامية) بدلاً من (العربية) في خانة القوميّة في بطاقة الهوية، كما كان متبعاً من قبل.

لقد وجدت إسرائيل في إقدامها على ذلك الاعتراف الفرصة المهمّة لأن تضرب عدة عصافير بحجرً واحد، ففي الوقت الذي تجد الأقليات غير المسلمة في الدول العربية من أشكال العنف والقتل والتشريد، نتيجة الصراعات الداخلية وانتشار التشدد الديني وعوامل أخرى، والتي ربما لا تخلو من أنواع عنصرية واختلافات فكريّة وثقافات عرقيّة، ومن ناحيةٍ أخرى تحاول فيه مواجهة الانتقادات الأمريكية والأوروبية بخاصة، في شأن سياستها المتصلّبة بشأن القضية الفلسطينية، وممارساتها الاحتلالية ضد الشعب الفلسطيني في ماله وممتلكاته ومقدّساته، بإظهار إنسانيتها بشأن الأقليات المتواجدة لديها، وفي أنها تمثل الدولة الديموقراطية في المنطقة المكتظة بالتسلط والدكتاتوريات، وخاصة في مسألة احترام حقوق الأقليات لديها، وحرصها على إعطائها كامل حقوقها في الدولة، سواء بسواء بالتساوي مع المواطنين الإسرائيليين اليهود.

إسرائيل ولا شك، بعيدة عن كل ما قامت بإظهاره من علامات إنسانية وحقوقية، بسبب أنها لا تمتّ لهما بِصلة، والقرار بشكله أحدث ردود فعل غاضبة لدى أغلبية أبناء الطائفة المسيحية، باعتباره طائفي، هدفه التفرقة والشرذمة وإضعاف وحدة الأقلية الفلسطينية التي تُعاني من سياسيات التمييز والتهميش من قِبل المؤسسات الإسرائيلية المختلفة، لكن إسرائيل شعرت بسرور لإقبال البعض داخل الطائفة على خطوة الاعتراف باعتبارها إنجازًا، وعلى رأسهم "جبرائيل نداف" رئيس الطائفة الآرامية (سابقا) الذي يدعو أبناء الطائفة للخدمة المدنية والعسكرية في الجيش الصهيوني، وأيضاً "جون زاكنون" الناطق الرسمي بلسان الجمعية الآرامية المسيحية في إسرائيل، وأولئك الذين يطمحون في تبوّء مراكز في الدولة الإسرائيلية، والذين هم ممتعضون ممّا تلاقيه الأقليات المختلفة وخاصة المنبثقة من أصول آرامية داخل دول المنطقة العربية، وإن كانوا يعلمون أن ذلك الإجراء، لن يكفل لهم كل الحقوق التي من المفترض أن يتلقوها منذ لحظة الاعتراف بهم، بسبب أن مشاهد مؤلمة أمام أعينهم لا تزال ماثلة ضد حقوق الأقليات، والحديث لا يدور عن الإجحاف ضد العرب الفلسطينيين وحدهم، ولكن هناك مواطنين يهود لا يحصلون على ما يحصل عليه مواطنين يهودٍ آخرين.

تاريخ إسرائيل يكشف بأن هناك خبايا وأغراض أخرى كانت وراء هذا الاعتراف، فعلاوةً على أن في اعتقادها بأن هذا الإجراء سيعود على الدولة بالفائدة الأمريكية والأوروبية، التي أعدت العُدّة باتجاه حماية المسيحيين في المنطقة الأوسطية المشتعلة، باعتبارها لا زالت تشكّل خط الدفاع الأول عن مسيحيي المنطقة، وبالتالي استدراج تأييدات وتعاطفات لطوائف مسيحية في الداخل والخارج، تقلل من شدة غضبتها المتنامية باتجاهها، نتيجة ممارساتها السياسية السيئة ضد الفلسطينيين، فإنه يمثل خطوة صهيونية إضافية، هدفها شق وتقسيم الأقلية العربية داخل الدولة، توفير إمكانية التمييز بين عرب مسيحيّين وعرب مسلمين، وصولاً إلى تأسيس وتعميق مشاركة السكان المسيحيّين في المجتمع وتشجيعهم على الانضمام لخدمة العلم، وخاصة لتسهيل عملية الالتحاق بصفوف الجيش الإسرائيلي، وصولاً إلى إسقاط النظرية القومية العربية التاريخية حول الأصول العربية لمسيحي المنطقة بشكلٍ نهائي.

نحن مع كل الأقليات الطامحة إلى نيل حقوقها كاملة، وضد أيّة إجراءات مُغرضة، والتي من شأنها أن تمس الهوية العربية والروح الوطنية الفلسطينية، وسنظل لا نؤمن ولا نُسلّم بأيّة إجراءات أو وسائل التفافيّة خبيثة كما فعلت إسرائيل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إسرائيل، الإحتلال الإسرائيلي، ناتنياهو، فلسطين،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 20-10-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
العادل السمعلي، الناصر الرقيق، سامح لطف الله، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عراق المطيري، صباح الموسوي ، خبَّاب بن مروان الحمد، د - محمد بن موسى الشريف ، حسن الطرابلسي، مراد قميزة، كريم السليتي، نادية سعد، د - شاكر الحوكي ، جاسم الرصيف، مصطفى منيغ، منجي باكير، أنس الشابي، عبد الله زيدان، حسني إبراهيم عبد العظيم، سلوى المغربي، فهمي شراب، د - الضاوي خوالدية، صالح النعامي ، د. عبد الآله المالكي، د. عادل محمد عايش الأسطل، إياد محمود حسين ، ماهر عدنان قنديل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، علي الكاش، محمد عمر غرس الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سلام الشماع، صفاء العربي، سليمان أحمد أبو ستة، مصطفي زهران، حاتم الصولي، وائل بنجدو، عزيز العرباوي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - مصطفى فهمي، محمد الياسين، محمد الطرابلسي، خالد الجاف ، رضا الدبّابي، عواطف منصور، د - المنجي الكعبي، الهيثم زعفان، رشيد السيد أحمد، محرر "بوابتي"، رمضان حينوني، كريم فارق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمود فاروق سيد شعبان، سيد السباعي، فتحي العابد، صفاء العراقي، فتحـي قاره بيبـان، د. خالد الطراولي ، عبد الله الفقير، محمد أحمد عزوز، سفيان عبد الكافي، رافع القارصي، أحمد الحباسي، د. طارق عبد الحليم، صلاح الحريري، الهادي المثلوثي، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي، د.محمد فتحي عبد العال، د. أحمد محمد سليمان، د. أحمد بشير، فتحي الزغل، د- محمود علي عريقات، محمد يحي، حسن عثمان، محمود سلطان، د. صلاح عودة الله ، صلاح المختار، أبو سمية، أحمد النعيمي، فوزي مسعود ، تونسي، سعود السبعاني، إيمى الأشقر، يزيد بن الحسين، علي عبد العال، ياسين أحمد، المولدي الفرجاني، محمد العيادي، عمر غازي، عبد الرزاق قيراط ، د - صالح المازقي، أحمد ملحم، رافد العزاوي، سامر أبو رمان ، أشرف إبراهيم حجاج، طلال قسومي، إسراء أبو رمان، د- هاني ابوالفتوح، حميدة الطيلوش، يحيي البوليني، ضحى عبد الرحمن، أحمد بوادي، د - عادل رضا، د - محمد بنيعيش، عمار غيلوفي، محمود طرشوبي، محمد شمام ، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- جابر قميحة، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الغني مزوز، د- محمد رحال، أ.د. مصطفى رجب،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة