العادل السمعلي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7548
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أطلت علينا أمس إحدى الشركات التجارية التونسية المختصة في إستطلاعات الرأي وسبر الآراء بدراسة إحصائية جديدة تؤكد فيها صعود نجم الباجي قائد السيبسي إلى مصاف الشخصيات السياسية الأكثر شعبية وأنه من المحتمل أن يكون الرئيس القادم لتونس الذي سيجسم أهداف الثورة وسيحقق ما عجز عنه الآخرون كما أن هذا الإستطلاع يؤكد أن حزبه المكون من بقايا حزب التجمع (حزب الفلول) سيكون منافسا جديا على إعتلاء سدة الحكم في الإنتخابات القادمة مما فسح المجال واسعا لشبكة العنكبوت الإعلامية التي تلبس لبوس الثورة والثورة تلعنها أن تفتح الفضاءات الإعلامية والبلاتوهات المستديرة والمربعة والمثلثة لتناول هذا الحدث الفريد والإنجازالمجيد لصانع التغيير الجديد
فإلى أي مدى يمكن إعتماد مثل هذه النتائج وما هي نسبة صدقية وشفافية مثل هذه الدراسات الإحصائية وعمليات سبر الآراء التي تقوم بها بعض شركات الرصد وسبر الآراء في تونس بعد الثورة
ففي الدول العريقة التي تنتهج مبدأ الديمقراطية ومبدأ سيادة الشعب تعتبر شركات سبر الآراء وإستطلاعات الرأي في المواقع الالكترونية المحترمة أداة مهمة من أدوات إستقصاء إتجاهات الرأي العام الشعبي وهذه الأداة غير مقتصرة على جس نبض الشارع في المجال السياسي فحسب بل تتجاوزه الى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
وتساهم نتائج هذه الاستطلاعات في رصد التوجهات وسبر تطلعات الرأي العام إتجاه القضايا الحساسة وتمكن الفاعلين وصانعي القرار من الاعتماد على هذه النتائج في عملية تصويب القرارات وإتخاذالإجرءات اللازمة لتأطير وإقناع وإستقطاب قطاعات عريضة من الرأي العام حتى أننا لا نفاجأ في معظم الاحيان أن نتائج سبر الآراء للانتخابات المصيرية في جل الدول الديمقراطية تكون مطابقة بشكل كبير للنتائج الحقيقية لصناديق الاقتراع مما يعطيها مصداقية لا تخفى على المتابعين
لكن من المؤسف أن هذه المناهج الحديثة لاستطلاعات الرأي تخضع عندنا في تونس لعمليات تزوير وتدليس لا تخفي على المتابع بل نكاد نجزم أن هذا التزوير والتزييف أصبح طريقة معتمدة منهجيا سواء قبل الثورة أو بعدها بل تضاعف بعد الثورة ووصل حدا يبعث على السخرية والإستهزاء من مؤسسات وهيئات تتلاعب بالحقائق وتعمل على تزوير الارادة الشعبية وذلك بغاية خدمة أجندات سياسية وإعلامية.
إن هذا الإستطلاع وحسب ما تم نشره أجري عن طريق الهاتف ( هكذا ) وللحقيقة أقول أن هناك إستطلاعات تتم عبر المواقع الألكترونية وأخرى تتم عن طريق العمل الميداني وهذه أول مرة أسمع بسبر آراء عن طريق الهاتف مع المخاطرالمؤكدة لمصداقية مثل هذه الوسيلة التي لا أظنها معتمدة دوليا وخاضعة للمعايير العلمية والمنهجية فهل أن ذلك يندرج في إطار اللعبة المتواصلة والمستمرة للضحك على ذقون التونسيين وإستبلاههم لتمرير أجندات سياسية مسطورة مسبقا
ففي ظل غياب إطار قانوني واضح لعمليات سبر الآراء ستسمعون العجب في شعبان وشوال ورجب ألم يطل علينا المخرج السينمائي التونسي النوري بوزيد ذات يوم من منتهى سنة 2010 على قناة حنبعل الفضائية ليؤكد لنا جازما أنه أطلع على دراسة إحصائية علمية وإستقصاء للرأي يؤكد أن ثلاثة أرباع التونسيات مفتضات البكارة قبل الزواج وأستدل أن هذه هي نتيجة دراسة إحصائية قام بها مركز بحوث وسيتم نشر هذه الدراسة قريبا ( إلى حد كتابة هذا المقال مازلنا ننتظر ولقد طال إنتظارنا ) مما يؤكد أن ما يسمى بإستطلاعات الرأي أوسبر الآراء مازالت تخضع عندنا لعمليات دمغجة ولأجندا سياسية وإيديولوجية تهدف لتزييف الوعي العام و لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالواقع التونسي على الأرض
إن شركات سبر الآراء التجارية التي تكاثرت بعد الثورة بصدد إرتكاب مجازر جديدة ومهازل شنيعة بحق علوم الإحصاء ومباديء الإقتصاد الكمي ومعاييرالشفافية والمصداقية وإن تنظيم هذه المهنة الجديدة في المشهد التونسي وفق كراس شروط واضح المعالم يأخذ بعين الإعتبار المعايير المعتمدة دوليا أصبح ضرورة ملحة و مؤكدة حتى لا تستمر المغالطات وحتى لا يتلاعب بالرأي العام المتلاعبون
إن غياب الإطار القانوني المنظم لهذه المهنة ستجعلنا لا نستغرب حين نسمع بين الفينة والأخرى بأن %40 من التونسيين لعودة الجنرال الهارب يحنون ويشتاقون وأن 44% منهم على قيامهم بالثورة على الإستبداد نادمون فمتى صانعي القرار الجدد يستيقظون ومن الغفوة يستفيقون
مراجع نظر :
1-مقال تزوير الرأي العام التونسي: أداة أخرى من بقايا النظام القديم للدكتور طارق الكحلاوي موقع المشهد التونسي
2-مقال أزمة استطلاعات الرأى العام للكاتب محمد شومان جريدة الأهرام المصرية-
3- مقال : كيف يتم تزوير إستطلاعات الرأي بتونس نشربموقع دنيا الوطن (فلسطين ) بتاريخ 13أكتوبر2012 بقلم عادل السمعلي
4-مقال :النوري بوزيد: ثلاثة أرباع التونسيات فقدن عذريتهن قبل الزواج-- موقع باب نات بتاريخ 22أكتوبر2010
---------------
الأستاذ العادل السمعلي
كاتب من تونس
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: