البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

المصالحة ..بناء الأوطان قبل بناء الحكومات

كاتب المقال د. غازي حمد - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5311


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


(1) المفهوم الخاطئ للمصالحة


كلمة "المصالحة " جميلة الشكل عظيمة المضمون،..لقد وردت في القرآن تحمل المعنى الشمولي المطلق للخير، "والصلح خير"، فلنحافظ على شكلها ولنصن مضمونها.
حين "نحرف" المصالحة عن مضمونها الخيري ونغير شكلها فإننا أشبه بمن يتلاعب بالجينات ليخرج منها مسخا مشوها !!

المصالحة جاءت أولا – وقبل كل شيء- لإنقاذ الشعب من معرة الانقسام وحلقة الضعف وبؤس التفرق والخلاف في- وعلى – كل شيء.. جاءت بعد انتظار طويل تحت قيظ الانقسام وزمهرير الصراع الداخلي، للانتقال به الى باحة أرحب ومستقبل أفضل.

قصيرو النظر هم الذين يظنون ان المصالحة هو معركة "عض أصابع" أو "القدرة على تحصيل مكاسب "أو تسجيل نقاط، والعميان هم الذين يظنون أنها مجرد بناء هياكل حكومية ووظيفية. هي أعمق واكبر وأبعد من ذلك بكثير... المصالحة فكر وثقافة وسلوك وتسامح وغلبة للوطن على الحزب..هي اعادة تصحيح المسار برمته.

نحن الفلسطينيون –كما كررتها كثيرا- مغرمون بالخلاف والبحث عن "عششه" اكثر مما نبحث عن محاضن الاتفاق.. ربما نستمتع كثيرا بإطالة أمد الخلاف وكثرة جولات الحوار والتنقل من عاصمة لعاصمة، ونتلذذ بالاتهامات والتصريحات خصوصا "الأجندات" و"الضغوط" الخارجية والمحاور الإقليمية للتهرب من استحقاقات المصالحة.!! انظر كم هي الناس اليوم محبطة بعد فرحة المصالحة التي لم تدم الا لحظات وكم فقدوا الثقة بها حين انتظروها على عطش ولم تأت.

هل يستحق الشعب الفلسطيني (المظلوم والمضطهد ) أن "نمرمطه" على أعتاب المصالحة، وهو ينتظر أن يخرج الدخان الأبيض فلا يجد الا غبارا اسود وانتظارا غير مبرر ومستقبلا مجهولا؟
هل يعقل ان تتوقف المصالحة على مدى اكثر من شهرين على خلاف حول رئيس الحكومة ؟ هل معنى ذلك أن الملفات الاخرى – والتي هي اكثر تعقيدا- ستأخذ منا عشر سنوات او ربما ربع قرن كي نجد لها حلا ؟؟ أليس هذا من المضحك المبكي ؟

نحن ننتقل من ازمة لازمة ومن حفرة لأخرى، لسببين مهمين،أولهما انعدام الثقة، مما يبقي حالة الشك والخوف والتوجس قائمة، ولأننا ننظر للمصالحة من ثقب النظرة الحزبية وليس من بوابة الوطن الواسعة !! وثانيهما : أننا نكتب على الورق دون أن نعرف كيف سننفذ، كما أننا قصيرو" النفس" لا نتابع بشكل حثيث ولا نبحث في التفاصيل الدقيقة التي تقف دائما حجرة عثرة في طريق التنفيذ !!
"المصالحة " ربما أصابت بعض الناس بالخوف و"كثرة القيل والقال والسؤال "، وبدأ البعض ينظر إليها نظر المستريب المتشكك، وكأنها جاءت على خوف ووجل. بعض الناس يخاف من كل جديد ويستنفر من كل طارئ، فيبدأ يطرح الأسئلة والشبهات هنا وهناك ويزرع علامات الاستفهام في الطريق، ويتبع ما تشابه منها، ويحوم حول حمى الفشل ويوشك ان يقع فيها، ويلتقط كل "حصوة" ليقول أنها الطامة التي ستقصم ظهر المصالحة !!( ومن فتح باب مسألة فتح الله عليه باب فقر)

المصالحة بمفهومها الحقيقي راحة للنفس،أمان من ضعف التفرق، هي أمل وبناء للمستقبل.. هي الطاقة الكامنة والقوة الكبيرة لمواجهة بطش الاحتلال وجرائمه..هي بلسم من مرض التحزب الأعمى وضيق الأفق.. هي ترتيب البيت الفلسطيني "العاصف" بالمشاكل والأزمات والخلافات.. لكن المصابون ب"سيندروم" الخوف ينظرون إليها من طرف خفي !!

(2) ليست كسبا للمواقع والمناصب


إن الذين يحاولون أن يصوروا المصالحة على أنها "مسابقة" في تحصيل المكاسب واحتلال المواقع إنما يغالطون الحقيقة ويتنكبون جراح الوطن ويقتلون الأمل في بناء مستقبل واعد..إننا بهذه العقلية نبني "كانتونات " تنظيمية بدلا من بناء مؤسسات مهنية تشكل مظلة للشعب بدون تصنيف حزبي.
المصالحة اذا كانت مجرد إنشاء هياكل حكومية وتوزيع للمناصب فلا نريدها، ولتخطفها الطير او تهوي بها الريح في واد سحيق !!

وإذا كانت تعني خلق ثقافة التعايش بدلا من الكراهية والمناكفة...وتعزيز الشراكة السياسية وبناء قيم التسامح والعفو...اذا كانت تعني بناء إستراتيجية وطنية جديدة...اذا كانت تعني ان الوطن يتسع للجميع وان التحزب الأعمى خطأ وخطيئة،فأهلا وسهلا بها في بيوتنا ونوادينا وشوارعنا.. وفي قلوبنا قبل كل شيء.

(3) بناء الحكومات وبناء الأوطان


حتى لا نقع في الوهم، الحكومة ليست هي الوطن. الحكومة تذهب وتجيء بينما يبقى الوطن.. الناس تغير حكوماتها ولا تغير أوطانها... الناس تعمل للحكومة براتب مالي بينما تعمل للوطن بقيمة التضحية وحب البذل وعدم انتظار الأجر الا من الله.

بعض الناس يكتفي بالحكومة دون الوطن، أو تشغله الحكومة عن الوطن أو يعتقد ان العمل للحكومة يكفيه عن العمل للوطن. هذا ليس خطأ، بل خطيئة كبيرة وقاصمة لظهر الوطن !!
هناك من يفخر بانجازات الحكومة اكثر مما يفخر بانجازات الوطن !!
أليس من الكارثة أن تتقدم الحكومة ويتوارى الوطن، ولا يجد من يذكره او يمسح على رأسه التي أثخنتها الجراح والآلام !!

يمكن أن يكون ذلك جيدا لو جاء نشوء وانجازات الحكومات في سياق بناء الوطن وإستراتيجية التحرير. انظر اليوم : نحن توقفنا لأشهر كثيرة ونحن مختلفون على الحكومة، وقزمنا كثيرا من خلافاتنا حتى أصبحت هي العنوان الرئيس في كل أحاديثنا وتصريحاتنا، فيما الوطن يسرق ويستنزف و يقتل عشرات المرات على أيدي المحتلين.أي خلل هذا وأي فهم عقيم هذا الذي يجرجر ذاكرتنا نحو صغائر الأمور... وأي خطيئة نرتكبها بحق الوطن حين نغيبه من وعي الناس ونجعلهم يفكرون ليل نهار بمن هو رئيس الحكومة القادم !!!

(4) غرائب الحكم الفلسطيني


عندنا في الغالب كل شيء يأتي بالمقلوب وعكس ما درجت عليه الأنظمة السياسية والحكومات. فنحن نريد رئيس الحكومة دون ان نعطيه أدنى فرصة لكي يشكلها او يبدي رأيه فيها، وهي أشبه بمن يريد ان يتزوج فيأتون له بامرأة لها عشرة اولاد حتى يكفونه مئونة "الخلفة"!!

اليوم نحن أسرى موجة " المستقلين " وكأنها العصا السحرية التي تريد إخراجنا من الورطة التي وقعنا فيها، دون أن يعطينا أحد ضمانات بان المستقلين- مع احترامي لهم- سينجحون فيما فشل فيه الآخرون.

(5) مجرد سؤال بريء


لماذا للان لم ينجح اتفاق واحد من كل الاتفاقات التي عقدناها : اتفاقية القاهرة 2005، وثيقة الوفاق الوطني،اتفاق مكة،اتفاق المصالحة....هل لأننا – في الأصل- نفكر ونتحاور بطريقة خاطئة،وهل لأننا لا نعرف كيف نعرف ونوصف المفاهيم والاستراتيجيات والأولويات الوطنية بطريقة صحيحة، لذلك تخرج كل حساباتنا خاطئة ونضطر كل مرة للعودة الى نفس السؤال : لماذا فشلنا في تطبيق اتفاق واحد... واحد فقط!!

سؤال اخر : لماذا نعشق سياسة الهروب الى الأمام : اذا لم تنجح المفاوضات المباشرة ذهبنا الى غير المباشرة، وإذا لم تنجح الأخيرة هربنا الى الأمم المتحدة... وإذا لم تنجح حكومة الفصائل ذهبنا الى طوق المستقلين، وإذا لم ينجح المستقلون سنبحث عن "وصفة" حكومة الوفاق... وإذا لم ننجح في التحرير سارعنا باتجاه الوحدة وإذا لم "تزبط " الوحدة بحثنا عن المصالحة. هكذا طوال حياتنا نجري نهرب من مشاكلنا وأزماتنا باتجاه البحث عن تقسيمات ولجان وتفريعات غير مجدية ولم تعط للان نتائج فعلية وعملية.
الهروب للأمام هو تعبير عن فشل وترحيل للازمات...يكفي، فكمية الزبالة تحت البساط زكمت أنوفنا !!


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فلسطين، السلطة الفلسطينية، المصالحة الفلسطينية، محمود عباس، حماس، فتح،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-07-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. كاظم عبد الحسين عباس ، مراد قميزة، كريم السليتي، د- محمد رحال، محمود طرشوبي، عراق المطيري، المولدي اليوسفي، صفاء العربي، محمد الطرابلسي، وائل بنجدو، منجي باكير، سامح لطف الله، د. خالد الطراولي ، عبد الغني مزوز، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. عادل محمد عايش الأسطل، ماهر عدنان قنديل، د - محمد بن موسى الشريف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عزيز العرباوي، مجدى داود، بيلسان قيصر، نادية سعد، إيمى الأشقر، أشرف إبراهيم حجاج، محمد عمر غرس الله، محمد يحي، يزيد بن الحسين، أ.د. مصطفى رجب، طارق خفاجي، العادل السمعلي، محمد أحمد عزوز، د - شاكر الحوكي ، د.محمد فتحي عبد العال، صباح الموسوي ، رشيد السيد أحمد، د- هاني ابوالفتوح، د- جابر قميحة، المولدي الفرجاني، د - الضاوي خوالدية، أحمد ملحم، أنس الشابي، كريم فارق، محمد شمام ، خالد الجاف ، محمد الياسين، مصطفى منيغ، أبو سمية، عمار غيلوفي، عبد العزيز كحيل، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد النعيمي، رافع القارصي، فهمي شراب، إسراء أبو رمان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. عبد الآله المالكي، د - صالح المازقي، عواطف منصور، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الرزاق قيراط ، علي عبد العال، صلاح الحريري، فتحـي قاره بيبـان، الهيثم زعفان، د - محمد بنيعيش، عبد الله زيدان، الهادي المثلوثي، د - مصطفى فهمي، علي الكاش، صفاء العراقي، حسن عثمان، عمر غازي، مصطفي زهران، محمد العيادي، سلام الشماع، سامر أبو رمان ، ضحى عبد الرحمن، سفيان عبد الكافي، أحمد بوادي، حسني إبراهيم عبد العظيم، سلوى المغربي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد علي العقربي، خبَّاب بن مروان الحمد، د- محمود علي عريقات، سليمان أحمد أبو ستة، جاسم الرصيف، صالح النعامي ، حسن الطرابلسي، إياد محمود حسين ، محمد اسعد بيوض التميمي، د - عادل رضا، د. أحمد محمد سليمان، محرر "بوابتي"، سعود السبعاني، د - المنجي الكعبي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله الفقير، ياسين أحمد، د. صلاح عودة الله ، أحمد الحباسي، د. طارق عبد الحليم، فتحي الزغل، رضا الدبّابي، يحيي البوليني، حميدة الطيلوش، رمضان حينوني، طلال قسومي، الناصر الرقيق، سيد السباعي، فوزي مسعود ، تونسي، صلاح المختار، فتحي العابد، رافد العزاوي، حاتم الصولي، د. أحمد بشير، محمود سلطان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز