احمد النعيمي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6752 Ahmeeed_asd@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعيد موقف أردوغان وخروجه من مؤتمر دافوس وقطعه لكلام المجرم بيريز، قلت في مقالي : " من استغضب ولم يغضب فهو..!؟": " وأما الأبطال والعظماء في مواقفهم وأفعالهم وتصرفاتهم، فكل يشير إليهم ويدلل عليهم، وتثني عليهم الألسن وتشكرهم الشعوب، فهم صنف آخر ارضعوا لبان العزة والكرامة والشجاعة، فجاءت مواقفهم شجاعة كما هم، فها هو الطيب أردوغان الذي أعلن عن غضبه وهاج كليث وماج كموج بحر ورد بعنف على السفاح بيريز واختتم كلامه إليهم:" اشعر بالحزن عندما يصفق الناس لما تقوله لأن عدداً كبيراً من الناس قد قتلوا، واعتقد أنه من الخطأ وعدم الإنسانية أن نصفق لعملية أسفرت عن مثل هذه النتائج" وكان يجهز ردوداً ليرد بها على السفاح بيريز فمنع من الكلام ولم يسمح له بإتمامه، فخرج من الصالة غاضباً وانسحب من مؤتمر دافوس، ولا عجب ولا غرابة أن يصدر هذا الموقف الشجاع من هذا الشهم الأصيل الكريم سليل السلالة الكريمة سلالة العثمانيون الأبطال، حفيد مراد الأول الذي دحر أوروبا بأكملها في موقعة الصرب، حفيد محمد الفاتح الذي أنهى الوجود البيزنطي وقضى عليهم وفتح مدينتهم واتخذ منها عاصمة لملكه، حفيد السلطان سليم والسلطان سليمان والسلطان عبد الحميد الثاني الذي أبي أن يبيع شبراً من فلسطين لليهود وطردهم من مكتبه شر طردة".
ووقتها أرسل صديق لي يقول لي: لماذا تذم الحكام وتخاذلهم عن نصرة أهل غزة ومن ثم تمدح واحداً منهم!؟ فأرسلت إليه:"وأما بالنسبة لمدحي لتصرف أردوغان فإن مواقفه أفضل حالاً من هذه الحثالات التي لا تملك لأنفسها نفعاً ولا ضراً، وان كانت لي كثير من المآخذ عليهم لدخولهم في العملية السياسية، وحضوره في هذا المؤتمر هو وعمرو موسى سيان، ولكن كان موقفاً مشرفاً فعلاً؛ فكانت الإشادة به من باب أن نبين هؤلاء الذين فقدوا الشرف والمروة وما عاد لديهم بقية من ضمير لعل هذه الصرخة أن تكون صحوة ضمير لبعض من الذين بقي فيهم بقية من شرف أو كرامة أو ضمير فلعلها أن تستيقظ، واقصد بهم الجوقة المحيطة بهذه الزاعمات التافهة.. وليس من الضرورة أن نفتح كل الجبهات في نفس الوقت" وكانت هذه الإشادة وقتها بموقف الطيب أردوغان بغية أن تثار فيه النخوة، ولكن لم يحدث شيء بعدها، وذهبت دماء أهل غزة هدراً.
ولدى إرسال سفن الحرية الأولى لغزة كنا قد فهمنا درس دافوس جيداً، فقلت في مقالي: "هكذا تسترد الحقوق زمن حروب الطنطنة!؟":" إلى هؤلاء الحالمين بأن تلك السفن سترفع الحصار عن غزة هاشم، فضلاً على أن تحرر القدس المحتلة، نقول لهم عودوا إلى رشدكم، فليس بأمثال هذه الأفعال يرفع الحصار، وقبل أن نتعرف كيف تحرر البلدان، نقول رحم الله أرواح الشهداء الذين أضاعتهم حكوماتنا كما أضاعت دماء من سبق من إخوتنا، نقدم إليكم صوراً من حروب الطنطنة التي لم تقدم لنا شيئاً، فلا صوت للنصر إلا تحت صليل السيوف وفرقعة المدافع".
واليوم وفي ظل أحداث الثورة السورية وبعد تعرض الطيب أردوغان لمحاولة اغتيال واستدعائه للسفير السوري ليعلن له عن تذمره مما حدث، بعد يومين من تصريحه بأنه لن يسكت عن المجازر التي ترتكب في سوريا، جرى تعتيم إعلامي مخيف على ما حدث وأخفيت كل الأحداث التي أكدت، وتم نفي خير اغتيال أردوغان، واستدعائه للسفير السوري، وما حدث من تعتيم متقصد كان مؤلم جد واستهتار بعقول العالم اجمع.
وقبيل الانتخابات التركية بقليل عاد تهديدات أردوغان من جديد للنظام السوري بأن الجيش التركي سيتدخل إذا لم تتوقف المجازر، واختفت هذه التهديدات بمجرد حصول حزبه على خمسين بالمائة من الانتخابات البرلمانية، وعاد ليؤكد مجدداً برغبته ببقاء بشار على سدة الحكم وأن يكون على رأس الإصلاحات، وسط تصريح بزيارة قريبة لمسئول سوري اليوم إلى تركي لمناقشة الإصلاحات ووقف القمع فوراً، وذلك كما نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر تركي بأن رئيس الوزراء التركي أردوغان سيستقبل اليوم مبعوثاً خاصاً لبشار الأسد وهو حسن التركماني.
وفي محاولة من الطيب أردوغان التعتيم عن الوضع السوري فإنه ينشغل بإرسال سفن جديدة لغزة، وهي التي لم تقدم لها شيئا في المرة، ومحاولاً أن يتستر ويغطي عما يجري من أحداث وقتل وانتهاك للأعراض وتهجير للناس في سوريا، وهو نفسه الذي قال للسفاح بيريز بأنه يشعر بالحزن لأن عدداً كبيراً قتل من الناس بغزة، والشعب السوري يقول لك بأنه يشعر بالحزن العميق لتغطيتك على المجرم بشار واستقبال مبعوث منه، بينما دماء هذا الشعب تهدر في كل لحظة وكل ثانية، وتنتهك أعراضه، فهل أعراض ودماء أهل سوريا ارخص من دماء أهل فلسطين أيها الطيب أردوغان!!
الشعب الفلسطيني ليس بحاجة اليوم لسفن ما قدمت لقضيته وأخرت سابقاً، بينما الشعب السوري اليوم بحاجة إلى موقف سريع وحاسم وإعلان بان هذا النظام الأسدي المجرم قد فقد شرعيته، ومطالبته بالتنحي فوراً، بدل من محاولة جديدة لترقيع هذا النظام الوحشي الذي اثبت أنه لا يستحق أن يكون حاكماً للشعب السوري الشجاع؛ فحذاري أيها الطيب أردوغان أن تكون من المتاجرينً بدماء الشعب السوري؟!