احمد النعيمي - العراق
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6102 Ahmeeed_asd@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
جرت عادة بني البشر بل عادة كثير من الحيوانات، أن الجحر الذي يلدغون منه مرة أو مرتين، فإنهم يعملون جاهدين على الاحتراس من هذا الجحر، وإعداد الوسائل الممكنة التي من شانها أن تعمل على حمايتهم منه، وجرت العادة ببني البشر وكثير من الدواب كذلك أن تفقد ثقتها بالمتناقض وصاحب الوجوه الكثيرة، والذي تخالف أفعاله أقواله، وتتضارب تصريحاته بعضها البعض الآخر، وهذه هي عادات بني البشر وكثير من الدواب، بخلاف بعض من المخلوقات المثقوبة الذاكرة، والتي تراها تلدغ من الجحر نفسه عشرات ومئات المرات ثم تعود إليه مستلذة بالألم الذي يمارس بحقها، حتى أصبحت عادة تمارسها بشكل استلذاذي، كالفراشة تتهافت على النار تحرقها وهي مصرة على الاستمرار بتهافتها ومستمتعة بالنار ومتلذذة برائحة الشواء.
وهذه هي ردود فعل بني البشر والمخلوقات المثقوبة الذاكرة، تجاه ما يجري من تناقضات يمارسها النظام الأسدي المجرم وإعلامه الرسمي، فأناس نفضت يدها من هذا النظام وأدركت أنه نظام مخادع بادعائه الصمود وأنه ليس سوى مجرم فاقد للإنسانية وأن الحل الأمثل هو رحيله؛ ومخلوقات أصرت أن تقف مع هذا النظام المجرم من داخل سوريا، وأخرى من خارجه، وجميعها شاركت هذا النظام في إجرامه من خلال سكوتها أو دعوتها هذا النظام إلى أن يكون على رأس هذا الإصلاح.
ووسط كل هذا الذي يجري من مواقف بني البشر وهذه المخلوقات كان الشعب السوري يسطر بطولاته، ويفضح أكاذيب هذا النظام، ويفند مزاعمه بالإصلاح، وأنه ليس أهلاً لأن يقوم به لأنه لا يعرف معناه، فضلاً على أن يقوم به، فقبيل اشتعال الثورة السورية أعلن المجرم عفواً عاماً عن جميع المعتقلين في السابع من شهر مارس الماضي، وتم الإفراج عن المحامي هيثم المالح ابن الثمانين عاماً، وكثير من المعتقلين المدنيين والمجرمين، وكان لإلقاء القبض على أطفال درعا في السادس من نفس هذا الشهر والذين كتبوا على جدرانها مطالبين بإسقاط المجرم الأسد ورحيله؛ الدور الأكبر في إلغاء قانون العفو عن المساجين السياسيين، بل كان لاعتقال أطفال درعا الدور الأكبر في إشعال فتيلة ثورة الشعب السوري المباركة.
وبعد قيام الثورة السورية السلمية، والتي جوبهت بكل القسوة من قبل النظام المجرم والأكاذيب، اضطر المجرم بشار إلى الإعلان عن رفع حالة الطوارئ، والسماح بالتظاهر السلمي، ليأخذ مسار الثورة تحولاً جديداً، فمن رفع لسقف قانون الطوارئ إلى محاصرة المدن بالدبابات بدءاً من درعا وبانياس واللاذقية ووصولاً إلى حمص، وارتكاب مجازر بشعة داخل المدن السورية، كشف النقاب عنها المقابر الجماعية التي عُثر عليها بعد فك الحصار عن درعا، بالإضافة إلى منع اللجان الإنسانية من تقصي ما جرى في درعا؛ ولكن شجاعة الشعب السوري وقفت أمام محاولة النظام المجرم كسر إرادته، وحقق أول انتصار له بتحطيم قبضة المجرم الحديدية بعد أن عجزت آلياته على إخضاع هذا الشعب الثائر، وخرج في جمعة الحرائر ليؤكد أنه قد نفض الخوف عنه، ولن يعود لخوفه أبداً، وليكشف كذب هذا المجرم وأنه لم يرفع حالة الطوارئ وإنما رفع سقفها فقط!! وأن المجازر لا زالت تلحق بالشعب السوري، وجاء قتل الطفل حمزة الخطيب وقطع عضوه التناسلي وتشويه جثته، واعتقال الآلاف من الشباب مجدداً، لتفند التناقض بين أقوال هذا النظام في مزاعم الإصلاح وإجرامه الذي يقوم به على ارض الواقع.
واليوم يعلن النظام المجرم عن عفو عام للمعتقلين، يشمل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، بالرغم من تجاهل وزير الإعلام السوري لسؤال طرحته عليه مذيعة القناة السورية: "ماذا بشان قانون49" والذي يُجرم أي عضو ينتمي لهذا الجماعة ويحكمه بالإعدام، فحار الوزير وأخذ يقلب الأوراق التي بين يديه، مما استدعى من المذيعة أن تنتقل إلى سؤال آخر، كلها تدلل أن الكلام عن عفو يشمل إخوان سوريا كذب في كذب، ومحاولة لاستدراج المعارضة للداخل من أجل التنكيل بها، وإلا الأصل لو كان هناك عفو بهذا الشأن أن يعلن أنه تم إلغاء القانون49!!
وما هذا العفو إلا مناورة جديدة من هذا النظام الإجرامي وكذبة مفضوحة، فالعرب والترك والغرب طلبوا منه أن يكون على رأس إصلاحاته التي وعد بها، أو أن يرحل فوراً، فإن كان هذا هو طلب العالم منه فيجب عليه أن يقوم بإرضائهم، عن طريق إصلاحات كلامية جديدة، فأعلن عن عفو عام سيكون النصيب الأوفر منه للقتلة والمجرمين ومهربي المخدرات، بينما قواته تعمل في محاصرة مدينة حمص وإنزال القناصة من خلال الطائرات المروحية على أسطح الأبنية والمشافي لارتكاب مزيد من المجازر، والتي راح ضحيتها العشرات وعلى رأسهم الطفلة هاجر الخطيب، فعن أي عفو يتحدث هذا النظام المجرم، وما زال الاعتقال يطال الآلاف من الشباب الذين يتظاهرون بكل سلمية!؟ وعن أي عفو يتبجح وهو يهدد أهل سوريا الأبطال بأنه سيطلق النار على أي بيت يخرج منه التكبير!؟
ولكن رد الشعب السوري جاء مؤكداً بأنه مطلبه الوحيد هو رحيل هذا النظام، وأنه لن يعود إلى بيته إلا بعد رحيله، وأن هذا الشعب الذي فضح أكاذيب هذا النظام المراوغ والكاذب، وكسر قبضته الحديدية، وجعله مفضوحاً للجميع، واثبت أن انه بعد كل إعلان عن إصلاح جديد، تزداد الضحايا، ويكثر عدد المعتقلين من المتظاهرين..!! ؛ يعيب على هذا العالم الصامت والمثقوب الذاكرة دعوته لهذا النظام الإجرامي إلى إجراء إصلاحات يكون هو على رأسها، بعد أن اثبت لهذا العالم بأنه كاذب في كل إصلاحاته الكلامية..!!
وبالرغم من تخاذل العالم وسكوته إزاء ما يجري من جرائم في سوريا، فإن ثبات الشعب السوري قد آتى ثماره، ودمائه الذكية الطاهرة لن تذهب هدراً، وهي تقول للمجتمعين في مؤتمر أنطاليا: بأنها لن تسمح لأحد أن يتسلق على انتصارات ثورته المباركة وأنها لن تسامح أحداً يتاجر بهذه الدماء التي لم تجف بعد، وقد كان الأولى بكم جميعاً أن تعلنوا عن وضع أنفسكم تحت ثورته، لا أن تفعلوا كما فعلت بعض من أطياف المعارضة المصرية من محاولة لمنع سقوط مبارك، فكادت أن تخسر وكادت أن تفضح، لولا أن عجل الله بزوال ملك الطاغية، والموقف الذي يريده منكم الشعب السوري أن تعلنوا عن وضع أنفسكم تحت ثورته وتقفوا إلى صفه، والخاسر من سيتآمر على دمائه أو يتاجر بقضيته العادلة، والأيام لن ترحم أحداً، وأن هذه التنازلات التي فرضت على هذا النظام الإجرامي وإن كانت بالكلام فقط، ما كانت لتحدث لولا شجاعة الشعب السوري الذي كسر قبضة الأسد الحديدية في جمعة الحرائر، وهو اليوم يجبر هذا النظام على تنازل جديد، ولذا فهو الذي سيفرز القيادات الجديدة للدولة السورية التي ستنشأ بعد التحرر من الاستعمار الأسدي، لأن من قدم الدماء هم أولى الناس بأن يديروا هذا البلد، ويجب على الجميع أن يضع نفسه تحت هذه الثورة المباركة.
وعجلة الثورة السورية مستمرة في دورانها، ولن تقف بإذن الله حتى تسقط هذا النظام المجرم، وبانتصارها الجديد تكون قد كشفت النقاب عن هشاشة هذا النظام المجرم ورعبه، بالرغم من محاولة النظام الإيراني وحزب الله ومقتدى الصدر مساندته، وان ساعة الصفر قد حلت على هذا النظام الذي ظهر في إعلانه لهذا العفو بأنه على شفا الهاوية، والسقوط بإذن الله.
ومن المفارقات التاريخية أن المقبور حافظ الأسد أعلن عن بيعه للجولان في العاشر من حزيران 1967م وهو نفس اليوم الذي هلك فيه، فهل يكون يوم الجمعة العاشر من حزيران يوم زوال هذا النظام الأسدي المجرم من سوريا!؟ وهل يكون هذا اليوم لعنة على هذا النظام المجرم ولعنة لكل من وقف إلى صفه، وتخليصاً للشعب السوري من نيره!؟
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: