أحمد النعيمي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9612 Ahmeeedasd@googlemail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في شهر شباط عام 1981م أرسلت سرايا الدفاع السورية مجموعة من الأشخاص إلى الأردن للقيام باغتيال رئيس الوزراء السابق " مضر بدران " ولكن محاولتهم تلك ذهبت أدراج الرياح، وتمكنت القوات الأردنية من القبض عليهم، وإفشال ما أرادوا القيام به، وكان للقبض عليهم – قدراً – الكشف عن خبايا مجزرة من أبشع المجازر التي ارتكبت بحق العزل، داخل زنازين السجون، جريمة راح ضحيتها أكثر من خمسمائة سجين تم قتلهم بدم بارد، وبدون شفقة، وببطولة فائقة وشجاعة منقطعة النظير، وقامت بتنفيذها وبكل بسالة سرايا الدفاع السورية، والمكان هو سجن تدمر المركزي، السجن المخيف الذي ما زال مجرد سماعه كفيلاً بإلقاء الرعب بقلب إي شخص بمجرد سماع اسمه، مع أن هذا الاسم قد أسدلت عليه ستائر النسيان منذ مدة قريبة.
وتناقلت وسائل الإعلام الأردنية والعالمية هذه الاعترافات البشعة وقتها، وننقل جزءاً من هذه الاعترافات وذلك كما أدلى بها عيسى إبراهيم فياض – رقيب نصيري من سرايا الدفاع – عندما سأل عن المهام التي أوكلت له أثناء خدمته بسرايا الدفاع، فقال : " المهمة الأولى مهمة سجن تدمر. في 26/6/1980 تعرض سيادة الرئيس حافظ الأسد لمحاولة اغتيال. فجر اليوم الثاني 27/6/1980 فيقونا الساعة الثالثة بالليل الصبح وقالوا لنا اجتماع في لباس الميدان الكامل مع الأسلحة. واجتمعنا بالساحة وخدونا إلى سينما في اللواء 40 وهناك كان في منتظرنا الرائد معين ناصيف قائد اللواء وألقى فينا كلمة. قال هدول الإخوان المسلمين ما عم يفرقوا بين مسلم علوي ومسلم سني ومسيحي. عم بيقتلوا في الشعب. وامبارح حاولوا اغتيال الرئيس. لذلك اليوم راح تقوموا بهجوم على أكبر وكر لهم وهو سجن تدمر. قال مين ما بده يقاتل ؟ ما حدا رفع إيده. الأمر عسكري. قال لنا : اطلعوا بالسيارات. طلعنا بالسيارات مجموعة قدرها 82 واحد تقريباً. وصلنا لمطار المزة القديم وكان في انتظارنا مجموعة من اللواء 138 أحد ألوية سرايا الدفاع اللي قائده المقدم علي ديب، علوي، من اللاذقية. وكان موجود في انتظارنا عشرة طائرات هيلوكبتر.
طلعنا بالطائرات بقيادة قائد أركان اللواء 138 المقدم سليمان مصطفى، علوي. وكان معنا ضباط الملازم أول ياسر باكير، علوي من حماة. والملازم منير درويش، علوي. والملازم رئيف عبد الله، علوي. يعني الثلاثة هدول من لواء أربعين. طلعنا بالطائرات اتجاه تدمر ووصلنا حوالي الساعة ستة ونصف الصبح بنفس اليوم. وهناك نزلنا من الطائرات وفرقونا إلى مجموعتين : مجموعة اقتحام ومجموعة ظلت بالمطار. المجموعة اللي راحت على السجن اجت سيارة دوج تراك يعني ونقلتنا للسجن. بالسجن توزعنا لمجموعات حوالي شي ستة مجموعات وأكثر. ويعني كانت مجموعتي أنا حوالي أحد عشر واحد. يعني المجموع الكلي اللي تحرك للسجن حوالي ستين واحد هيك شي. مجموعتي كانت بقيادة الملازم منير درويش. وفتحوا لنا باب المهجع يعني الباب بتاع المهجع اللي دخلنا حوالي ستة لحد السبعة. قتلنا اللي فيه كان مجموع اللي فيه حوالي ستين واحد سبعين واحد. سمعت أنا انه فيه قتيل أخذ بارودة من زميلي من السرايا اسمه اسكندر أحمد رقيب. رحت أنا لعنده وشفته. ولاّ واحد بناديلي. قلت له : شو بدك ؟ قال : أعطيني مخزن. قلت له : ليش ؟ قال لي : في واحد لسه ما مات بدنا نموته. قلت له : أعطيني بارودتك بما أنا أعطيت بارودتي لزميلي بارودته كانت خربانه. أخذت بارودته ورشيته. يعني كان مجموع اللي رشيتهم حوالي 15 واحد. ومجموع اللي قتلوا في السجن من الإخوان المسلمين كان حوالي 550 واحد. والمجموع اللي قتلوا من السرايا كان واحد واثنين جرحى ".
ومنذ وصول النظام النصيري إلى سدة الحكم، فإنه عمل على كتم أنفاس الشعب السوري من خلال قبضة حديدية مارستها أجهزة المخابرات، منعته من ممارسة حياته العادية إلا بظل الخوف والقلق، وارتكبت بحقه أبشع المجازر التي كان أبرزها الأحداث الدموية التي جرت في الثمانينات من القرن المنصرم، والتي ذهب ضحيتها ثلاثون ألفاً في مجزرة حماة لوحدها، بالإضافة إلى عشرات الآلاف الذين تم قتلهم في باقي المناطق والمدن السورية، والزج بالآلاف من الشعب السوري داخل السجون، وأشهر هذه السجون سجن تدمر المركزي، سيء الصيت، ومن ثم كان لتصفية أصوات المعارضة والقضاء على وجودها في البلاد وطردها إلى الخارج، أن تركت الشعب السوري يرزح وبكل استسلام لدولة المخابرات تلك.. وبموت الرئيس الراحل حافظ أسد اعتقد الشعب السوري أن القبضة الحديدية والقمع والاضطهاد اللذان كانا يمارسان بحقه قد ذهبا إلى غير رجعة، وأن الدولة التي تتحكم بها المخابرات بكل صغيرة وكبيرة فيها ولت والى الأبد، ولا سيما أنه بتولي الرئيس الجديد تم الإعلان عن تغيير للسياسة السابقة وحديث عن حريات أكثر، ورفع للمظالم، ورفع لسطوة المخابرات، واستبشر الشعب السوري خيراً , ولكن عودة الاعتقالات السياسية التي توجت في منتصف 2007م باعتقال إعداد كبيرة من الشباب السوري في مختلف البلاد، والزج بهم في السجون، بالإضافة إلى الاعتقالات التعسفية التي طالت الكثير من الأدباء والناشطين السياسيين والحقوقيين، وما تلاها من أحداث سجن صدنايا العام المنصرم، أعاد إلى أذهان السوريين مجدداً أن هذه الشعارات التي رفعت لم تكن سوى محض افتراء، وتبين لهم إن اليد التي كانت تحكمهم سابقاً هي هي، وأن الشخوص الذين كانوا يمارسون المجازر بحقهم هم أنفسهم وإن تغيرت الأشكال واختلفت المسميات، وذهب الحديث عن الحريات التي كان يمني الشعب السوري نفسه بها أدراج الرياح، ووضح لهم جليا أن الحية لا تلد إلا حية.
وما جرى من أحداث في سجن صدنايا قد طوي بشكل مخيف، وسط رفض السلطات السورية الحديث عما جرى أو توضيحه، ورفضها القيام بأي تحقيق بهذا الشأن، ووسط تكتم الأخبار المحلية والدولية، وكأن هناك بحق تواطؤ دولي من أجل منع تسريب أية معلومة عما جرى داخل هذا السجن، وسكوتها عن مطالبة الحكومة السورية بالكشف عما إليه حال المساجين، ولذلك بقي الضباب الكثيف يكتنف ما جرى من أحداث بداخله، ولكن دعوة منظمة " هيومن رايتس " يوم السبت 4 / 7 لسوريا بالكشف عن مصير المحتجزين في سجن صدنايا والذين يبلغ عددهم ما يقارب 1500 سجين ولم يعرف عنهم شيئاً بعد أحداث السنة الماضية، أعاد للأذهان مجدداً، احتمالية حصول مجزرة جديدة ارتكبت بحق السجناء الذي انتفضوا مطالبين بتقرير مصيرهم والدفاع عن حرياتهم، وقالت المنظمة في بيان حصلت " يونايتد برس انترناشونال " على نسخة منه : " إن على السلطات السورية أن تكشف فوراً عن مصير جميع محتجزي سجن صيدنايا، ويعتقد أن تسعة منهم على الأقل قتلوا أثناء استخدام الشرطة العسكرية للقوة المميتة لإخماد أعمال شغب في السجن في يوليو / تموز الماضي "، وأشارت المنظمة : " أن على سوريا أن تطلق سراح من انتهت محكوميتهم في السجن "، مضيفة : " أن الحكومة السورية لم توفر لعائلات المحتجزين أو الرأي العام أية معلومات عن أحداث صيدنايا ولم تكشف عن أسماء الجرحى أو القتلى، ومنعت إي اتصال بين السجناء وأسرهم منذ وقوع الحادث "، ودعت الدبلوماسيين الأجانب الذين يزرون دمشق إلى سؤال الرئيس السوري بشار الأسد عن مصير هؤلاء السجناء، مما يبعث في الأذهان تساؤلات محيرة ومقلقة عما جرى بحق المساجين، وخصوصاً أن السلطات السورية رفضت الإفراج عن عدد من الذين انتهت مدة محكوميتهم، كما جاء في بيان المنظمة.
فهل حدثت جريمة بحقهم وهل حصل لهؤلاء المساجين ما حصل لإخوتهم في سجن تدمر سابقاً، وتم القضاء عليهم ببطولة مشابهة للبطولة السابقة !؟ والى متى سيبقى الشعب السوري محكوماً بالخوف والرعب، كما هو حال إخوتهم من المسلمين المضطهدين تحت ظل نظام الآيات في العراق وإيران !؟ ولماذا لم تكن بطولات هؤلاء إلا على شعوبهم المقهورة، بالرغم من كل الشعارات التي يرفعونها من الموت لليهود والموت للأمريكان !؟ وهل صدق الكاتب الشيعي الدكتور موسى الموسوي صاحب كتاب الثورة البائسة، بقوله : " أما إيران فكانت منذ قيام دولة إسرائيل صديقاً حميماً لها سواء في عهد الشاة أو بعد سقوطه، وكانت إسرائيل على علم ويقين أن تصريحات الخميني وسائر زمرته من احتلال القدس والحرب مع الكيان الصهيوني هي للاستهلاك المحلي ومزايدات داخليه وخارجية، وقد ثبت ذلك حين زودت إسرائيل إيران بقطع الغيار والأسلحة أثناء حربها مع العراق في الحرب الإيرانية العراقية، ولقد حاولت الزمرة الخمينية الحاكمة إخفاء هذه الفضيحة الكبرى، وحاول الخميني نفسه أن يدخل الميدان وكذب الخبر مرات ومرات، إلا أن الفضيحة كانت اكبر من أن تخفى " !؟ ولماذا اشتركت القوات السورية بحرب الخليج ضد العراق، ولماذا ساعدت المخابرات الإيرانية قوات الاحتلال الأمريكي في العراق !؟ أسئلة أضعها أمام كل عاقل، لعلنا أن نجد لها حلولاً وإلا ستبقى بطولاتهم مستمرة بحقنا، وستبقى الشعارات بالموت مرفوعة، وسيبقى الموت للشعوب المسلمة على أرض الواقع حقيقة واقعة، يحاول الكثير منا أن ينفيها عن القتلة، ويروج لهم أبطالاً كصلاح الدين !!.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
8-07-2009 / 20:03:23 فينيق
اذا قالت حذام فصدقوها
لقد بدأت تتوضح طريقتك في ربط سوريا بإيران من خلال توحيد الهجوم .. كون سوريا في بؤرة التشهير من قبل عرب الاعتدال .. لا رتباطها بعلاقات مع ايران ...
يا أخ نعيمي .. انت تعتمد في سرد الرواية على كاسيت منقول عن مقابلة ملفقة قامت بها المخابرات الاردنيّة .. التي هي الفرع الثاني " للموساد " .. و حينها كان الهجوم شديدا على سوريا لأنّها لم تقبل الوقوف ضد ايران في حرب الخليج الاولى .. و هذا الاسلوب الملتبس في التحريض الطائفي .. شيعي .. نصيري ... علوي اصبح مفضوحا .. طبعا انت عندك غيريّة على الذين قتلوا في تدمر .. و لكن لم يكن قصدك نبيلا .. و لو تحدثت عن الموضوع دون تقديس " المخابرات الاردنيّة " لقبلنا .. و لكن عندما تتحدث عن الاردن .. فيجب أن تتحدث عن تاريخ طويل ، و معقد من العمالة ، و الصهيونيّة .. و احداث ايلول الاسود .. و حفاظا مني على رمزية استشهاد صدام حسين فإنني لن اتكلم بالكثير من حقائق الاغتيالات التي شهدتها سورية .. و عمليات التغرير التي قامت بها المخابرات العراقية بين ١٩٧٧ - ١٩٨١.. بجميع من قام بتلك الاحداث
8-07-2009 / 20:03:23 فينيق