احمد النعيمي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8573
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
انتشرت بيننا نحن المسلمين كثير من الأفكار التي لا أصل لها في ديننا ، وراجت بيننا للأسف الشديد ، وساعد على انتشارها هؤلاء المستغربين وكثير من مفكرينا ، وسط سكوت العلماء والكتاب ذوي الاتجاه الإسلامي عن إنكارها ومحاولة ابتعادهم ، وتقوقعهم على أنفسهم ..
حتى وصل الأمر بالكثير منا إلا أن يتقبل هذه الأفكار التي لبسها علينا هؤلاء الحاقدون على الإسلام – تلامذة المستشرقين – العاملين على تشويه الدين والطعن فيه ، وقد بينت حقيقتهم في مقالي " المستغربين والمتفرسين .. وكلام في الممنوع " ..
ومن هذه الأفكار التي راجت بيننا .. مقولة " أن الإيمان بالقلب وليس بالمظهر " ، ومقولة " هذا متدين وهذا غير متدين ".. وأصبح كثيرا منا يتصرف تصرفات منافية لعاداتنا وتقاليدنا ، وإذا ما أنكرت عليه تصرفه هذه يقول لك " المهم انو الإيمان في القلب " ..
واذكر أن واحد من معارفي كان يطيل شعره ، ثم يفرقه بالنصف .. ويلبس بنطالا ضيقا وبلوزة بدي لتعرض مفاتن صدره وتظهر عضلاته المفتولة .. أما عن مشيته فلا تحس فيها أي نوع من الرجولة ، بل يخيّل إليك أن من يمشي أمامك هو فتاة وليس شابا مكتمل الرجولة، حتى انك إذا مشيت معه شعرت بالخجل والعار ..
أقول لو رأى أسامة ابن السابعة عشرة أمثال هؤلاء .. ماذا سيقول ؟؟ وهل هؤلاء فعلا مؤهلون لكي يكونوا قادة كأسامة ؟؟
نصحته .. وذكرته أن هذا التصرف لا يليق بشاب ، وان مظهر الإنسان يعكس حقيقته .. وان لباس الشخص هي مرآة لنفسه .. فما كان منه إلا أن قال لي انه لا يقصد التشبه بالنساء ، وليس مهما المظهر ، ولكن الإيمان في القلب .. سبحان الله !!
سبحان الله .. الرسول عليه الصلاة والسلام ، لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال .. ثم نخالف قول رسول الله .. حجتنا في هذا، المقولة التي راجت عند كثير منا .. ومن هذا الأمثلة والنماذج العشرات ..
فهل حقيقة أن الإيمان هو في القلب فقط ؟؟ وهل اكتفاء الإنسان بإيمان قلبه كافيا لان يصل بالإنسان إلى طريق الجنة ؟؟
فما هي حقيقة الإيمان .. وكيف عرفها لنا القران الكريم ورسوله – صلى الله عليه وسلم – وكيف طبقها صحابته وسلفنا الصالح .. وما هي أقوال العلماء في الإيمان ..
جاءت الآيات في القران الكريم .. في اغلبها لتربط الإيمان مع العمل .. بل انه ورد في أكثر من موضع أن عمل الصالحات هو السبيل والطريق الوحيد إلى الجنة .. ولا يقبل هذا العمل إلا من المؤمن .. والمؤمن فقط ..
يقول الله تعالى : (( وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً )) النساء 124 .
ويقول عز وجل .. ((وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً )) طه 112 .
ويقول في موضع آخر .. (( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ )) غافر 40 .
وغيرها من الآيات .. النحل 97 ، الإسراء 19 ، الأنبياء 94 ..
والرسول – صلى الله عليه وسلم – في كثير من أحاديثه يؤكد أن الإيمان شعب كثيرة أفضلها قول لا اله إلا الله ، حتى أن إماطة الأذى من الطريق هي ادني مراتب الإيمان ، فيقول – صلى الله عليه وسلم – : (( الإيمان بِضْعٌ وستون أو بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا اللّه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شُعْبَة من الإيمان )) متفق عليه ..
وأما علمائنا فقد عرفوا الإيمان : " الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه اللسان ، وعملت به الجوارح " ..
ويقول الشافعي – رحمه الله – : " وكان الإجماع من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وممن ادركناهم يقولون : (( الإيمان قول وعمل ونية ، لا يجزي واحد من ثلاث إلا بالآخر )) " كتاب الأم 8 / 161 .
وقال البخاري – رحمه الله - : " هو قول وفعل " ..
وقد فصل الإمام ابن حجر العسقلاني صاحب كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري قول من قال بهذا من علمائنا ، فقال : " وَمَا نُقِلَ عَنْ السَّلَف صَرَّحَ بِهِ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَمَالِك بْن أَنَس وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن جُرَيْجٍ وَمَعْمَر وَغَيْرهمْ ، وَهَؤُلَاءِ فُقَهَاء الْأَمْصَار فِي عَصْرهمْ . وَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو الْقَاسِم اللَّالِكَائِيّ فِي " كِتَاب السُّنَّة " عَنْ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْةِ وَأَبِي عُبَيْد وَغَيْرهمْ مِنْ الْأَئِمَّة ، وَرَوَى بِسَنَدِهِ الصَّحِيح عَنْ الْبُخَارِيّ قَالَ : لَقِيت أَكْثَر مِنْ أَلْف رَجُل مِنْ الْعُلَمَاء بِالْأَمْصَارِ فَمَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْهُمْ يَخْتَلِف فِي أَنَّ الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل " ..
والله تعالى يقول .. (( إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى )) النجم 23 .
فما دام انه قد جاءنا من الله نور وبرهان ، لماذا نحيد ونعدل بعدها إلى من اتخذ إلهه هواه ؟؟
والمسالة الأخرى التي يجب أن نتطرق لها ..
إننا نرى كثيرا منا يتحين أخطاء أشخاص عرف من مظهرهم التدين .. لكي يتهجم على الدين ، ويُحمل الدين خطا فلان ما .. ولكي يصل كذلك في الوقت ذاته إلا أن يسكتنا عن خطأه الذي هو واقع فيه .. بحجة أن أصحاب اللحى يخطئون .. ولسان حاله : " هذا هو الدين فانظروا إليه " ..
فبداية نقول أن الإنسان خطاء – لا فرق قي هذا بين إنسان مظهره التدين أو غيره ، مع أن الأصل في الإنسان المسلم انه يجب أن يكون متدينا في جميع أحواله وسكناته وليس الأمر كما أراد له النصارى الذين جعلوا أمور دينهم مقتصرة على القس ، وممارسة الدين عندهم في الكنيسة فقط !! – وخير الخطاءين التوابون ..
وأما الأمر الآخر .. فإننا نرتكب خطا بان نقيس الدين على تصرف أي شخص كائنا من يكون .. فإذا اخطأ رجل مظهره التدين . قلا يجوز أن نربط خطأه بالدين .. لان تصرفات كل شخص تعني الشخص نفسه الذي قام بالخطأ .. فمن يخطئ فإنما خطأه على نفسه ولا علاقة للدين به .. وان تظاهر به ..
وهذه الأخطاء لا يجب أن تدفعنا إلى أن نكتفي بجعل الدين في قلوبنا فقط ..
وليعلم كل مسلم .. ان كل واحد منا مطالب بان يطبق شرائع الدين في كل تصرفاته ، وسكناته وحركاته ، يقول تعالى " يا أيها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة " البقرة 208 ؛ أي أن نأخذ بكل عرى الإسلام وشرائعه ، ونعمل بجميع أوامره ، ونترك جميع زواجره ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ..
وليس الدين حكرا على احد .. " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " ..