شاهدت فيلم "حسن ومُرقص"؛ وخرجت بانطباع يقول: إن المسلم الصحيح هو الذي يعيش في حاله، "كافي خيره شره". فهو يصلي، ويتبتل، ويدعو الله في محراب المسجد بصلاح حال نفسه، ويصوم يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، ويُراعي حدود الله في تجارته أو في عطارته كما هو الحال مع "الشيخ محمود". كل ذلك محمودٌ، لا غُبار عليه، ولا جدال فيه...ولكن هل المسلم الصحيح مُطالب بذلك فقط؟
هل هو مُطالب بالدعاء بصلاح حال نفسه دون الشروع والسعي في إصلاح حال مجتمعه وجماعته الوطنية؟ أليس إصلاح حال المجتمع وحال الجماعة الوطنية من واجبات المسلم الصحيح، على اعتبار أنه مخلوقٌ مسئول عن إعمار الأرض بالنفع والخير للناس أجمعين؟ أم أن مسئوليته تقتصر فقط على أداء الشعائر الخمس، دون النظر إلى رسالته ودوره في داخل مجتمعه، وفي داخل جماعته الوطنية، وفي داخل أمته؟ يبدو أن هذه هي الصورة – الصورة المُختزلة لدور المسلم – التي أصر الفيلم على إظهارها، حتى يترسخ لدى المُشاهدين، مسيحيين ومسلمين، أن الإسلام ما هو إلا علاقة فردية خاصة بين العبد وربه؛ وأن الإسلام ليس له علاقة بدنيا الناس ودنيا البشر؛ وأنه ليس له علاقة بحركة المجتمع وحركة الأرض. ومن ثم، "فليس هناك دور للجماعة الإسلامية؛ وإنما هو دور الفرد المسلم...وكفى"؛ هذه هي إحدى رسائل الفيلم الموجهة.
لقد "نجح" الفيلم – وبجدارة – في تشويه مفهوم الجماعة الإسلامية عبر إظهار صورة "الجماعات الإسلامية" في ثوبها السلبي المعهود الذي اعتادت أفلامنا العربية على إظهاره؛ حيث الوجوه المُكفهرة، والذقون غير المُهذبة، والجلابيب والسراويل البيضاء، واللهجات المليئة بالوعيد والتهديد والتنكيل؛ ثم أخيراً التفجيرات المُروعة التي يقومون بها في وسط تجمعات الناس.
هذه هي الصورة الوحيدة التي أظهرها الفيلم...ليُعبر بها عن مفهوم الجماعة الإسلامية. وهو مما لاشك فيه، تصوير خبيثٌ، وتعبيرٌ زور. فأن يتم اختزال مفهوم الجماعة الإسلامية في هذا المثل القبيح، لهو عين الظلم والبُهتان لذلك المفهوم الذي يعني الوحدة مع التنوع؛ والذي يعني توحيد الصفوف، من مسلمين وغير مسلمين، في داخل الوطن الواحد. إن هذا الاختزال الظالم يُعمي رؤية المشاهد عن حقيقة الجماعة الإسلامية ودورها التاريخي في لم شمل الوطن، وحمايته من المحتل الخارجي. نعم، إنه اختزال مقصود؛ يُعمي تلك الرؤية ليُكَرس مفهوم الفردية في مجتمعنا؛ فيظل الناس أفراداً؛ كلٌ يعيش على جزيرته. وما دام بقي الناس أفراداً، بقي السلطان فرداً مُستبداً...وهذا هو عين المطلوب.
كلمة أخيرة....
قال "مالك بن نبي": "يظل الحاكم فرداً ما دام الناس أفراداً".
03-09-2008
almesryoon.com
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
14-09-2008 / 13:13:19 ابو سمية
الى نبيل مقداد
عدم وجود مرجعية دينية لدى السنة بالمعنى كالذي لدى الشيعة أو لدى المتصوفة أو لدى المسيحيين، يمثل نقطة قوة للإسلام الصحيح او للسنة كما يشار لذلك، ولا يفهم كيف تصبح عوامل الإنحراف لدى الأطراف الأخرى نقطة يحاجج بها.
إذ أن المرجعيات لدى تلك الطوائف و"الأديان" أحالت الأمر لوجود واسطة بين الله وبين العبد، كما إنها صيرت أولئك الأفراد لمراكز تقديس، يعبدون من دون الله ويصورون على أنهم محل حلول لله في ذواتهم كما لدى الشيعة في أئمتهم او النصارى مع مسيحهم (وليس المسيح لدى المسلم المنزه عما يقولون)، ورهبانهم الذين اتخذوهم أربابا من دون الله.
والإسلام إسلام واحد وليس إسلام سني وآخر شيعي وآخر صوفي، والمسلم هو الذي يؤمن بالسنة كلها ويوقر سيدنا علي رضي الله عنه وينزله حق مقامه، أما التفرق لمذاهب فهو من نتاج صراعات حلت في فترات متعاقبة، ولم يعرف الإسلام هذه التقسيمات سني شيعي وصوفي الا متأخرا، فالتشيع بمفهومه المذهبي برز بعد أحداث كربلاء، وأما التصوف كتيار فلم يبرز إلا في حوالي القرن الثالث للهجرة، وان كان بعض رموزه قد وجدوا منذ القرن الأول، ولكنه كان "تصوفا" نقيا غير منحرف وليس كما آل إليه الأمر من إنحرافات ومزاعم الحلول والإتحاد وغيرها من الهرطقات التي تقارب المسيحية والرافضة أكثر من الإسلام.
والمسلم ليس في حاجة لوجود مرجعيات توضح له دينه، وتعلمه مالحلال وما الحرام، وليس المسلم في حاجة لواسطة بينه وبين ربه، وكل مسلم بإمكانه أن ينظر بنفسه في امر الدين، مادام مستوفيا للشروط الموضوعية في ذلك، وهي كلها شروط تتعلق باستيفاء قواعد النظر والاطلاع على الإحكام الشرعية وليس فيها شروط غيبية أو متعلقة بمواضيع ما وراء الحجب وغيرها مما لدى الروافض مثلا، وهي كذلك شروط تتدرج في أهميتها على حسب الأحكام المنظورة ودرجة وضوحها وإلمام الناس بها، فهناك المعلوم من الدين بالضرورة مما يكاد يعلمه كل مسلم، ثم تتدرج الاحكام حتى تصل الأمور الدقيقة، وهنا يلزم البت فيها ممن أوتي علما، وهم طائفة العلماء، وهؤلاء صنف لا يحضون بأي تقديس ولا يزعمون أنهم واسطة او أنهم مراجع، وإنما هم اهل اختصاص كما في سائر الاختصاصات، أرأيت حينما يلمّ بك وعك، ألست تذهب لطبيب مختص، وتحترم رأيه في توصيف مرضك، فكذلك الأمر مع الفقيه والعالم بالعلوم الشرعية عموما، فهم علماء بموضوع تناولهم، وليسوا واسطة او مرجعيات بالمفهوم لدى سائر الطوائف والأديان من دون الاسلام.
اما التكفير مثلا، فانه قد تعتريك حالات واضحة من حيث ان صاحبها كافر لا محالة، ولا حاجة للالتجاء لعالم للبت فيها وذلك لوضوحها ولكونها أمور محسوم الحكم فيها، وان كان هناك حالات أخرى، ربما لا يجوز الحسم فيها الا من طرف عالم متمكن من تفاصيل دقيقة.
كيف وأنت ترى احدهم يرفض أحكاما متأكدة في الإسلام، او انه يسفه نبي الإسلام والصحابة ويسخر من الإسلام عموما، او يجاهر بمعارضته لبعض ركائز الإسلام.
هذه أمور واضحة كفران صاحبها، على ان الأمر قد يبقى مناط خلاف لدى بعضهم، وعلى أية حال، مادام هذا التكفير ليس مستتبعا بتنفيذ أحكام بحق المتهم بالكفر، فلا حرج منه، واذا كان البعض فزعا من امر التكفير فالحل هو وجوب النأي بالنفس عن حمى الإسلام وعدم الخوض فيها حتى لا يعرض نفسه للتكفير، والا فإن الحل الثاني الأكثر فاعلية، يتمثل في وجوب قيام السلطات المستأمنة على أمر المسلمين بالتكفل بالأمر والضرب على أيدي العابثين من الزنادقة وإقامة الحدود الشرعية الواجبة ضدهم، بحيث لا يبقى للمسلم حاجة للخوض مع هؤلاء مادام أنه يرى شأفتهم قد استأصلت.
أما والحال غير ذلك للأسف، فإنه لا يعقل ان يسمح بعضهم لنفسه بالعبث بأمر الإسلام، ثم تجده في المقابل مشتكيا من أن المسلمين أسرفوا في اتهامه بالكفر، اذ واضح أن المتهم بالكفر هو الظالم حيث تجرأ أولا على مقدسات المسلمين بالخوض فيها بهواه، وعليه فلا أقل من أن ينعت بالوصف الذي يستحقه وهو الكفر، مادام ردعه فعليا وإقامة الحد عليه غير ممكن في واقعنا.
13-09-2008 / 21:38:49 نبيل مقداد
في تدمير البرجين
إنّما أثرت موضوع تدمير البرجين،للإشارة إلى أنّ مشكلة السنة أنّهم لا يملكون مرجعيّة دينيّة ،فترى كلّ واحد منهم يفتي ويشرّع، كما هو الشأن في هذا الموقع حبث يعمد بعضكم دون وجه حقّ إلى تكفير الآخرينحعلى خلاف الشيعة الذين يمتلكون مرجعيّة تحدّ من عبث الغوغاء.هذا بغضّ النظر عن موقف المرجعيّة غير المقبول من احتلال العراق.
13-09-2008 / 13:36:56 نبيل مقداد
سؤال إلى "ابوسميّة"
سؤالي يا أبو سميّة:أيّ إسلام؟ السني أم الشيعي أم الوهابي؟ فالمسلمون منقسمون منذ مقتل الامام علي كرّم الله وجهه،إلى ملل ونحل.وكلّ يعتقد أنّه على حقّ.ألا ترى معي أنّ القضيّة ليست بالبساطة التي نتصوّرها؟
لعلّ السؤال هو: كيف نعيد المسلمين إلى وحدتهم؟ على صعوبة ذلك إن لم أقل استحالته،إذ حلّ المذهب محلّ العقيدة عند كثير من المسلمين.
لعلّ الحلّ يبدأ بقبول هذه التعدديّة الاسلاميّة، حتى لا تكون هناك فتنة أو ما يشبه "الحرب الأهليّة" كما هو الشأن في العراق.
ـ اليوم عثرت في الأرشيف على رأي الشيخ يوسف القرضاوي في موضوع "التكفير"، وأظنّه كان على صواب.
10-09-2008 / 16:40:43 ابو سمية
بلى، الفرد المسلم لا يكون الا منقذا لنفسه ولمجتمعه
الى مقداد
لماذا تدعو لتجنب الحديث حول "المسلم المنقذ" كما تسميه، بلى المسلم مطالب بأن يكون رساليا، أي منقذا لواقعه بإخراجه من عبادة العباد والأهواء لعبادة رب العباد وحده ودعوته للمنظومة التي ارتضاها لعباده وهي الإسلام، والفرد المسلم لا ينفك بطبيعة واجباته من مهمته الرسالية وذلك من خلال ابسط المساعي المتضمنة في حركاته اليومية كواجبات النهي عن المنكر والأمر بالمعروف الملتصقة بكل مناشط الفرد، وها ما يعطي معنى ايجابي للفرد المسلم، انه فرد مسئول عن نفسه وعن مجتمعه، يهمه أمر المجتمع وله الحق بالتدخل في تقويمه مثل ما يهمه أمر نفسه، والانعزال عن المجتمع وترك شانه ودعوى الفصل بين العام والخاص أمر غريب عن الإسلام، انه نبت خبث يعمل زنادقة العلمانية للترويج له.
أما موضوع تدمير البرجين، فلا ادري علاقته بالموضوع المتناول، وعلى أية حال إساءة استخدام وسيلة ما –هذا على افتراض جدلي انه وقع فعلا إساءة الاستخدام- لا يعني أن الوسيلة ذاتها سيئة، حيث ان وقوع حوادث السيارات لا يعني ان السيارات لا تصلح وسيئة في ذاتها من حيث أنها وسيلة نقل، ولكن أهل الباطل عموما لا يلجئون الا للتحايل والتلبيس حين نقاشاتهم
10-09-2008 / 12:05:48 نبيل مقداد
"شاهدت فيلم "حسن ومُرقص"؛ وخرجت بانطباع يقول: إن المسلم الصحيح هو الذي يعيش في حاله، "كافي خيره شره". فهو يصلي، ويتبتل، ويدعو الله في محراب المسجد بصلاح حال نفسه، ويصوم يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، ويُراعي حدود الله في تجارته أو في عطارته كما هو الحال مع "الشيخ محمود". كل ذلك محمودٌ، لا غُبار عليه، ولا جدال فيه...ولكن هل المسلم الصحيح مُطالب بذلك فقط؟"
ـ أجل هذا هو المسلم يا أخت.. ودعونا من صورة" المسلم المنقذ".. انظري حال الأمّة بعد أن خوّل افراد منها لأنفسهم حق تدمير البرجين في نيويورك، على أناس ابرياء غير مسؤولين عن جرائم حكومتهم في حقّ العرب والمسلمين. ليكن شعارنا" من الفرد إلى الجماعة"،وليبادر كلّ منّا بإصلاح نفسه.الدين خلاص فردي قبل كلّ شيء.يا ليت المسلمين يعون هذه الحقيقة يا أخت. فنحن أفراد ولسنا قطعانا.سلامي
14-09-2008 / 13:13:19 ابو سمية