البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس.. تفاؤل حذر

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 659



نشحن جملنا بروح رمضانية لعلاج الإحباط فقد طال أمد الانقلاب وكنا ظننا أنه لا يملك نفسا لصعود ربوة السياسة والديمقراطية. كلما خرج المنقلب أضاف لفشله سببا جديدا ونفّر آخر المخلصين له ولم نعد نرى حوله إلا كل استئصالي مرعوب من الديمقراطية.

في الجهة الأخرى حيث وقفنا ونقف بوعي تام بخطر الانقلاب منذ الساعات الأولى نرى جبهة وطنية للخلاص تضع أسس مرحلة جديدة وندفع حدود التفاؤل (ولكن بحذر شديد) إلى حد القول بأن النواة الديمقراطية التي تتشكل الآن كقاعدة لما بعد الانقلاب ستكون طليعة موجة ربيع عربي واثق وواع بأخطائه الأولى وتملك مقومات بقاء ونجاح ولو بعد حين. نرى مرحلة عسيرة قادمة تعمل على محو آثار الانقلاب وتثبيت المبادئ التي تقوم عليها ديمقراطية ناجحة بعيدا عن الاستئصال السياسي. أما مصدر الحذر من لدغة ثانية من نفس الجحر فهي معاينتنا لوجود ثوريين يظهرون في الوسط وفي اللحظة الأخيرة لقطف نتائج (غنائم محتملة) ومصادرة وعي الجمهور. ثوريون بدون سيرة نضالية يمدون وجوههم لحظة توزيع الفيء ويقولون نحن اكتشفنا العجلة.

النقابة ليست شريكا في ما بعد الانقلاب

أثبت موقفا شخصيا لم أنفك في التأكيد عليه طيلة عشر سنوات من الثورة. النقابة المسماة تعسفا بالاتحاد العام التونسي للشغل، لم تكن شريكا في الثورة ولم تكن وسيلة لدعم مطالبها منذ تفكيك اعتصام القصبة 2 سنة 2011. بل نراها أداة تخريب ولم تعد كونها جزءا مكينا من منظومة الحكم التي أسقطتها الثورة. وقد كانت ولا تزال هي العنصر الرئيسي في بقاء الانقلاب قائما بعد.

ونرى مكونات جبهة الخلاص الوطني في هذه الأيام تكرر تلك الجمل الخائفة بل المرعوبة من النقابة ولا تفتأ تدعوها إلى الانحياز إلى الصف المعادي للانقلاب. وفي كل دعوة نستشعر خوفا مرضيا (لم يسع أصحابه في علاجه) كما لو أن النقابة تمسك السماء أن تقع فوق تونس. هذه الدعوات (الطيبة أو الغبية غالبا) تتبنى فكرة طفولية عن النقابة (ذات التاريخ النضالي) إذ تفرق بين القواعد النقابية الوسطى والقيادة المركزية وتحصر الخطأ في التنفيذي فتزعم أن الهياكل المتوسطة ثورية ومناضلة ولكن الحقيقة التي لم أعم عن رؤيتها يوما هي أن هذه القواعد لا سلطة فعلية لها بل إن القرار المركزي في التنفيذي هو الغالب وإليه يعود كل القرار في المنظمة.

وأزعم أن النقابة كانت هي الانقلاب الحقيقي منذ اليوم الأول للثورة. وهي القاعدة التي سمحت للانقلاب بإنجاز عمله وأمسكت به أن يقع منذ الساعات الأولى وحتى اللحظة لا تزال تراه أفقا ممكنا يؤدي المهمة التي ترغب النقابة في إنجازها. وهي منع الديمقراطية من أن تقوم وتستوعب الفريق الإسلامي الذي هو مكون أساسي في الساحة التونسية. حجتي في ذلك أن النقابة ليست نقابة فعلا بل هي حزب سياسي يساري متطرف واستئصالي بواجهة نقابية مزيفة. ودعوتها لمعارضة الانقلاب ساقطة بالقوة لأن اليسار الاستئصالي هو مالك الانقلاب ومدبره وقاطف ثمرته.

الأصدقاء الذي نسير معهم في معارضة الانقلاب يدسون بوعي أو بدونه في جبهة الخلاص جرثومة قاتلة. وهذا أكبر مصدر للحذر من الإفراط في التفاؤل بالمستقبل. وإذا كان هناك من نصيحة في هذه المرحلة فهي أن نغسل أيدينا من النقابة (الحزب اليساري الاستئصالي) وأن يتعامل معها الديمقراطيون بصفتها قاعدة معادية للديمقراطية وعنصر تخريب للمستقبل لا يمكن التعويل عليها كشريك. ومن لم يقرأ مرحلة السنوات العشر كمرحلة غربلة لزيف نضالية النقابة فهو يعيد ترحيل سبب الفشل إلى ما بعد الانقلاب.

الحذر من الشطّار الجدد والزعامات المستنفدة

لم يملك الانقلاب قوة بن علي ليوجه ضربات ماحقة لخصومه ومعارضيه فقد ارتعشت يده وهذه الميوعة سمحت حتى الآن لبعض الشطار بالقفز إلى وسط المشهد. لتزعم نضالات مخملية أغلبها يمر في بلاتوهات الإعلام. وبعضها غير مواقفه 180 درجة من لحظة 25 ـ 07 إلى لحظة 10 إبريل. ويوشك الكثير منهم أن يفتك طليعة الحديث باسم معارضة الانقلاب. وصناعة سيرة سياسية من فراغ.

وهذا مشهد تكرر كثيرا منذ الثورة. فقد قفز تجمعيون فاسدون إلى مقدمة المشهد وصنعوا سيرهم على حساب مناضلين دفعوا الثمن أيام الدكتاتورية. بل شارك بعضهم في كتابة الدستور. وقد أظهروا من الوقاحة ما جعل أبناء الثورة يتراجعون في مواقع كثيرة حفاظا على السفينة من الخرق. كثير من هؤلاء يحوم الآن حول النواة الصلبة التي برزت ضد الانقلاب منذ اليوم الأول ويخططون لما بعد الانقلاب من احتمال فيء.

ويقع المناضلون في خطئهم الأول باسم التجميع ضد الانقلاب، يجب أن ننبه هنا إلى أن أكثر المتساهلين مع هؤلاء (باسم التجميع والعفو عند المقدرة) هم قيادات حزب "النهضة" التي تسند النواة الصلبة للمعارضة كدأبهم منذ الثورة بحديث الطلقاء. وهذا مدعاة لمضاعفة الحذر وعدم الاطمئنان لحديث العفو.

إلى هؤلاء أضيف الزعماء الذين لم يفلحوا أبدا في بناء قاعدة حزبية ولم يفلحوا في تجميع فريق سياسي حولهم. وقد كان كل عملهم السعي إلى وضع أنفسهم في الوسط بصفتهم قيادات سياسية ديمقراطية. وفيهم من يريد الخروج من فشله التاريخي على نهاية سياسة مرفهة باسم نضال تاريخي لم يقلع شعرة واحدة من رأس دكتاتور. وفيهم كثير ظل يتربص في أشهر الانقلاب الأولى أن يمنحه مكانة ولم يتراجع إلا بعد يأس مطلق من أن يراه الانقلاب بعين الرضا.

لننظف الطاولة

هنا تتجمع عندي أهم الأسباب للحذر من أفق ديمقراطي مصاب بفيروس الزعامات الطارئة والزعامات المستنفدة والنقابات السفيهة. إني لا أملك هنا مقياسا للنضالية وللثورية ولكن تجربة السنوات العشر جديرة بالقراءة المعمقة قبل البدء في بناء تشكيل سياسي (برلماني) يروج للمستقبل مع هذه الجراثيم السياسية.

عند الحديث عن أخطاء السنوات العشر (برغبة التجاوز) أضع خطأ التسليم بنضالية النقابة كخطأ مركزي دمر الثورة والانتقال الديمقراطي كما أعتبر أن الاعتماد على الزعامات التي تتفضل علي الجمهور بتاريخها خطأ كبير. يتجاهل الدور السلبي الذي لعبته هذه القيادات في تخريب الثورة. خاصة أن أي من هؤلاء لم يتوجه للجمهور بنقد ذاتي واعتذار فصيح عن دوره ولا يزال يبرر أنه في الموقع السليم دوما.

من أين سنأتي بقيادات جديدة؟ هذا سؤال عاجز وغير واثق من نفسه. القيادات ظاهرة في الصورة وهي تقود الشارع فعلا وتأثيرها بين جلي لكن حديث الزعامات يصغرها ليجد مكانا فوق رؤوسها. وهي من فرط استصغار نفسها تسلم له بهذا الدور. كما تسلم للنقابة بدور اجتماعي وما هي إلا بيدق بيد رأس المال ومنظومة الفساد والاستبداد.

ما بعد الانقلاب يصير يقينا ويقترب لكن البناء بعده يقتضي غربلة حقيقية لأخطاء من حكم قبله ومن تزعم على الفراغات الكبيرة ومن يتربص بكل مغنم ممكن. لهذا نتفاءل ولكن نغلب الحذر من موقع المواطن الناخب الذي لا يريد منح صوته مرة ثانية بخديعة لن تختلف عن خطيئة (التطبيع خيانة عظمى). نسير معكم بوعي تام ضد الانقلاب ولكن لن نسمح بسرقة إيماننا مقابل مغانمكم. من أنتم؟ نحن من سنحرس الصندوق الانتخابي القادم من كل زيف. وهذا مبلغ مطمحنا من الكلمة والصرخة والدموع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، راشد الغنوشي، حركة النهضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-04-2022   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الرزاق قيراط ، أحمد الحباسي، حميدة الطيلوش، د. عبد الآله المالكي، ياسين أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، سامر أبو رمان ، د. عادل محمد عايش الأسطل، إياد محمود حسين ، عبد الغني مزوز، د. أحمد محمد سليمان، الناصر الرقيق، د - الضاوي خوالدية، د- محمد رحال، يزيد بن الحسين، محمد اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، يحيي البوليني، صلاح الحريري، منجي باكير، رضا الدبّابي، عبد الله زيدان، فتحي العابد، رمضان حينوني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد الياسين، إسراء أبو رمان، مجدى داود، أشرف إبراهيم حجاج، فتحـي قاره بيبـان، نادية سعد، فتحي الزغل، د - مصطفى فهمي، أحمد بوادي، الهادي المثلوثي، صفاء العراقي، حاتم الصولي، مراد قميزة، د - المنجي الكعبي، سليمان أحمد أبو ستة، د - محمد بن موسى الشريف ، د- جابر قميحة، د - صالح المازقي، جاسم الرصيف، أحمد النعيمي، د. صلاح عودة الله ، أبو سمية، خبَّاب بن مروان الحمد، د.محمد فتحي عبد العال، د - محمد بنيعيش، فهمي شراب، د. أحمد بشير، د - عادل رضا، سيد السباعي، عبد الله الفقير، محمد الطرابلسي، محمود سلطان، سفيان عبد الكافي، صالح النعامي ، محمد العيادي، سلوى المغربي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، المولدي الفرجاني، د- محمود علي عريقات، أحمد ملحم، عمار غيلوفي، ماهر عدنان قنديل، د. خالد الطراولي ، كريم فارق، محمد عمر غرس الله، العادل السمعلي، الهيثم زعفان، علي عبد العال، عمر غازي، عزيز العرباوي، صفاء العربي، محمد شمام ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صلاح المختار، رافد العزاوي، أ.د. مصطفى رجب، إيمى الأشقر، عراق المطيري، مصطفى منيغ، صباح الموسوي ، خالد الجاف ، حسن عثمان، سامح لطف الله، حسن الطرابلسي، رافع القارصي، محرر "بوابتي"، تونسي، كريم السليتي، سعود السبعاني، طلال قسومي، د - شاكر الحوكي ، محمود طرشوبي، فوزي مسعود ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سلام الشماع، د. طارق عبد الحليم، رحاب اسعد بيوض التميمي، ضحى عبد الرحمن، محمد أحمد عزوز، محمد يحي، مصطفي زهران، د- هاني ابوالفتوح، علي الكاش، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أنس الشابي، وائل بنجدو، محمود فاروق سيد شعبان، رشيد السيد أحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة