يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
توجد مشكلة تصورية تتحكم في أغلبنا، تتمثل في وجود مساحة وسيطة بين الفرد والواقع، وهي نوع من الوهم والتحيّز المسبق، تكون نتيجتها منعك من الوصول للحقيقة وبالتالي تكون أحكامك وتقييماتك مبنية على صورة غير سليمة
وهذه مشكلة ليست ايديولوجية، لأنها توجد لدى المنتمين لكل التوجهات الفكرية
1- منتسبو منظومة فرنسا بتونس، يحاولون دوما الدفاع عن فرنسا وايجاد تبريرات لأفعالها ومواقفها السيئة تاريخيا وحاليا، فموقفهم يعتمد على أن فرنسا قدوة، وبناء على تلك المسلمة يجب أن يجدوا أي تبرير لفعل لاحق متعلق بفرنسا
وهؤلاء لايمكنهم فهم الواقع الموضوعي ماداموا يقومون بمصادرة أي الإنطلاق من تقييم سابق جاهز حول مسألة تتعلق بفرنسا، فتضيع الحقيقة ويعجز هؤلاء عن الفهم وإدراك الواقع
2- القوميون يرون عبد الناصر ثم البعثيين قدوات، وبناء على تلك المسلمة الأولية عليهم أن يبرروا أي مواقف وأفعال لأولئك الزعماء، وهذا تصور ينتج عنه وجوب معاداة من دخل في صراع مع تلك الانظمة ووجوب تشويههم
وهؤلاء لايمكنهم فهم الواقع الموضوعي ماداموا يقومون بمصادرة أي الإنطلاق من تقييم سابق جاهز حول مسألة تتعلق بالقوميين، فتضيع الحقيقة ويعجز هؤلاء عن الفهم وإدراك الواقع
3- الذين يتخذون المشائخ و"العلماء" أربابا من دون الله، فإنهم يفترضون صوابية مايقوله أولئك في كل مسألة، ثم حينما يأتون بعد ذلك لمواقفهم التي تلقى اعتراضا في الواقع، يعملون على تبريرها بطريقة تتوافق مع فرضيتهم أن ماقاله ذلك الرّب الأرضي هو الصواب
أتباع الشيوخ هؤلاء، لايمكنهم فهم الواقع الموضوعي ماداموا يقومون بمصادرة أي الإنطلاق من تقييم سابق جاهز حول مسألة وحوب صوابية مايقوله الزعيم والشيخ، فتضيع الحقيقة ويعجز هؤلاء عن الفهم وإدراك الواقع
4-الذين ينطلقون من تصور يقول أن كل ما يفعله ذوو الانتماء الشيعي فعل فاسد، ويستوردون معارك التاريخ وإرثه الثقيل ويلبسونه نظارات لفهم الواقع، فيقررون أن الشيعة ليسوا مسلمين وأنهم أخطر من كل الغرب، فيسبون إيران بما لايسبون به فرنسا ويحذرون من خطر إيران على تونس مقابل عدم تناولهم خطر فرنسا، ويحذرون من خطر التشيع ولايبذلون جهدا موازيا للتحذير من خطر التمدد الفرنسي اللغوي والثقافي ونتائجه الكارثية على البناء الاجتماعي على التونسيبن
هؤلاء ينطلقون إذن من مسلمة أولية تقول أن كل مايفعله الشيعي شر لامحالة من دون النظر للفعل أولا، ولمّا يقع ذلك الفعل عليهم التعامل معه بما يستقيم مع مسلمتهم الأولى، فيكون ذلك إما بتجاهل الفعل إن أمكن أو تأويله بأنه فعل سيىء وراءه نوايا لانعرفها إن كان فعلا إيجابيا
وبهذه الطريقة الملتوية في التصور، نفهم تعامل هؤلاء مع حزب الله واليمن حاليا، إذ رغم أن كليهما قام بأفعال مقاومة، ولكنها بنظر هؤلاء لاشيىء
معادو الشيعة بمنطلق طائفي لايمكنهم فهم الواقع الموضوعي ماداموا يقومون بمصادرة أي الإنطلاق من تقييم سابق جاهز، فتضيع الحقيقة ويعجز هؤلاء عن الفهم وإدراك الواقع