فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 518 محور: إسلام العقيدة
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الذي يؤلف الكتب في التفاصيل الفقهية وفي الفرق الاسلامية من أشعرية ومعتزلة والفروق بين المالكية وغيرها من المذاهب، مثله مثل مهندس الميكانيك الذي لم يجد مايفعل غير تأليف الكتب حول تفاصيل المحركات البخارية ثم يعتقد أنه على شيء، أو مهندس الإعلامية الذي يكتب في منظومات المعلوماتية التي تعمل بMSDOS والتي كانت سائدة في الثمانينات من القرن الماضي
يتجاهل الذين يؤلفون في التفاصيل الفقهية والكلامية أو لعلهم لايستوعبون، أن تلك المواضيع تفترض وجود مجال مفاهيمي إسلامي يدور في أفق مركزية إسلامية تضبط الواقع وتؤطر فواعله وتغذي أدوات التشكيل الذهني فيه، وكل هذا كان موجودا بدرجات متفاوتة عبر التاريخ الاسلامي وإن لم يكن بهذا التقسيم المنهجي الذي أقدمه أي مركزية عقدية ومجال مفاهيمي، قبل أن يندثر ويقع الغاؤه منذ حوالي القرن بفعل عمليات غزو الغرب المتلحف بمفاهيم المركزية المتعالية عن كل العالم
حاليا لايوجد الشرط الأولي اللازم لصحة تلك الكتابات الاسلامية الفقهية والمذهبية، وهو وجوب وجود واقع إسلامي بمعنى وجود مجال معاني يدور في مركزية إسلامية
نحن الآن تظلنا وتخضعنا مركزية عقدية مغالبة ترفض كل ماتكتبون فيه من مواضيع ولاتعترف به، وتعتبره في أفضل الحالات مواضيعا ثقافية كما يظهر مثلا مع كلية الأدب ب"منوبة" إحدى معاقل منظومة فرنسا في تونس وأداتها الفاعلة في مستوى الترويح للنموذج الغربي، حين تناولها الإسلام أنه ظاهرة تاريخية ثقافية
استغرب من الكمّ الكبير من هذه الغفلة لدى الجامعات والهيئات المختصة في الإسلاميات وهي تواصل تأطير رسائل جامعية حد الدكتورا في مسائل فقهية وكلامية لامعنى لها من حيث عدم تأثيرها على الموجود، أي أنها لاتنتبه لهذه الحقيقة وتواصل التحرك في الواقع مع ضمنية الخضوع للآخر المؤثر، أي أنهم يقرون ضمنيا بالقبول كتوابع للمركزية الغربية ويكتفون بالاسلام في مستواه التعبدي الفردي وهو ما أسميه "إسلام الثقافة"
مايكتبونه هو ما أسميته من قبل "كتابات تقنية" وهذا الصنف من الكتابة لايغير الواقع، وحدها الكتابة الفكرية تنتج المعاني وتساهم في إحداث تغيير (1)
الكتابة التي تهمنا الآن هي كيف نوجد واقعا يحكمه الاسلام لكي تصبح المسائل الفقهية لها معنى
مايعنينا أكثر ليس مسائل الفقه التي أشبعت بحثا وإنما يهمنا أن تبحثوا في كيفية التأسيس واستعادة المركزية الإسلامية وإحياء مجالها المفاهيمي بحيث يؤثر في الواقع
أي أن ما يعنينا هو كيف نجعل التعليم والتثقيف والإعلام والمنظمات دائرة في أفق المركزية الاسلامية ومعانيها، وهذا لن يحصل من خلال البحث في المسائل الفقهية ولا الاستيراد من التاريخ صراعات الفرق التي كانت تتنازع في قضايا فكرية لاتعنينا حاليا
نحن الان نغالب مركزية غربية لها مفاهيم وفلسفة ومعاني أخرى لاعلاقة لها بمسائل الفلسفة القديمة
----------
(1) ينظر لفهم هذه الفكرة:
أيّ الكتابة أقدر على تغيير الواقع
https://myportail.com/articles_myportail_facebook.php?id=10806
الكتابة والإبداع: الكتابة الفكرية والكتابة الأدبية
https://myportail.com/articles_myportail_facebook.php?id=10808