البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

المفهوم والمعنى والفعل: جدلية الزمن وتغير المعنى

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 803
 محور:  مقالات في المعنى

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يمكن بيسر ملاحظة أنه يوجد لُبس يصل للخلط بين المفهوم والمعنى، وهو التباس يوجد في الكتابات البسيطة لكنه يوجد كذاك في الكتابات الرصينة المتفلسفة

فالحرية والشجاعة والزهد نماذج لمفاهيم تستعمل هكذا مطلقة، فيقال أن الشجاعة جيدة من دون تحديدها أي شجاعة وفي أي مجال زمني مكاني وفي أي سياق فهنا أخذ المفهوم ووقع سحبه على المعنى، ويقال أن العمل من أجل الحرية أمر جيد، هكذا من دون ذكر أي حرية يقصد بها لأن مواضيع الحرية في الواقع أي المعاني تتعارض فلا يصح التقرير الاطلاقي الأول في مستوى المفهوم

وينتج عن هذا الخلط مغالطات واستنتاجات فاسدة تمس واقعنا وتؤثر في مساعي تغييره
وهناك مفاهيم ينتج عنها سوء كبير في فعل التدين حينما نخلطها مع المعنى مثل الزهد والعفو والتواضع وغيرها

1 - المفهوم والمعنى يشتركان في كونهما يتناولان ماهية الموجود (ماهو)، فكلاهما يفسر ويعرّف ذلك الموجود أو الموضوع، وهذا المستوى من أهميتهما هو المطلوب بدرجة أولى منهما ومن استدعائهما، ولعل هذا الاشتراك في مساحة تعريف الموضوع جعل الكثير يعتقد أنهما سواء

2 - المفهوم هو التعريف المطلق أي ماهية الموجود أو الموضوع من دون التصاق بواقع، أي تحديدا المفهوم هو التعريف من دون تعلق بزمان ولا مكان ولا إطار مفاهيمي أي من دون الإنضباط بمرجعية عقدية
إذن المفهوم لايصح الاستناد إليه في تفاصيل الواقع وفعل تغييره، لأنه لايملك ذلك وليس مجعولا لذلك الغرض، لأن المفهوم سيكون صحيحا دائما بالنسبة للواقع مادام لايتحرك في متغيرات المكان والزمان والمرجعية الفكرية، أي أن المفهوم سيكون صحيحا ولا اعتراض عليه في أي استعمال حيث هو عبارة عن نتيجة ثابتة مهما تغيرت المحددات الثلاثة المذكورة (المكان، الزمان، المرجعية العقدية)
فاستدعاء المفهوم نوع من الحشو، ولايستدعى إلا بغرض العمل الدعائي المغالط أو نتيجة عدم استيعاب الفرق بين المفهوم والمعنى

يمكن القول إذن أن المفهوم هو وعاء اللفظ أو الماهية الثابتة

3 - المعنى هو المفهوم حينما ينزل في الواقع، أي أن المعنى هو تنزيلات المفهوم في متغيرات ثلاثة وهي: المكان والزمان والمرجعية العقدية المؤثرة في تصورات الناس
فالمرجعية العقدية بماتنتجه من تصورات ومجال مفاهيمي مشتق من مركزية عقدية ما، هي التي تنتج المعاني للمفهوم، فالمجال المفاهيمي هو الذي يحدد لنا معاني حرية فعل ما، فيكون الزنا مقبولا أو لا ويكون الإجهاض مقبولا أو لا وتكون حرية الثورة على الظالم مقبولة أو لا وتكون حرية التبعية للغير مقبولة أو لا

إذن الحرية التي يشاد بها كل حين، تختلف محتوياتها حسب البيئة والمجال المفاهيمي، وهي التي تنتج المعاني
والزهد الذي يعتقد أنه ذلك الذي ذكره الزهاد الاوائل إنما هو مجرد عينات أي معنى ما لمفهوم الزهد وليس هو الزهد كمفهوم

إذن المعنى هو المادة الزمنية التي تملأ وعاء المفهوم
كما إن الالتقاء في معنى المفهوم يحصل فقط في حالة الاشتراك في المتغيرات الثلاثة المحددة للمعنى أي المكان والزمان والمجال المفاهيمي، فحينما يكون هناك تجانس في هذه المتغيرات يمكن الاشتراك في معنى المفهوم، والاشتراك في المعنى يؤدي للاشتراك في المفهوم، ويصح في هذه الحالة فقط القول أن الاشتراك في لفظ المفهوم يعني اشتراكا في معناه

بالمقابل لايمكن الاشتراك في معاني المفهوم لدى من ليسوا مشتركين في مجال مفاهيمي

يمكن القول إذن أن المعنى هو محتوى اللفظ أو الماهية المتغيرة

4 - المعاني وهي التي لها تعلق بالمكان والزمان والمجال المفاهيمي، هي الأفعال وكيفيات الأفعال، إذن المعنى هو الذي يؤثر في الفعل وليس المفهوم، لأن المفهوم لايمكن إضافته لفعل باعتبار خلوه من الزمان
هذا يؤدي لحقيقة أن تغيير الواقع من حيث هو مسار زمني لايتم تغييره بالمفاهيم وإنما بالمعاني
كما إن أفعال التدين تتم من خلال انتاج عينات من المفهوم وليس بالضرورة بعينات تاريخية من المفهوم، وهذا خاصة في مفاهيم الزهد والتواضع ومايقاربها التي يتم فيها الخلط كثيرا بين المفهوم وبين عينات المفهوم التاريخية أي معانيه، فيعتقد أن نماذج الزهد والتواضع التي كانت تصح في وضع قديم هي التي ستصح في واقعنا، بينما حينما نطبق تلك النماذج من الزهد والتواضع فإنها في الغالب ستجر لفشل حياتي واجتماعي وتسليم للعدو والمغالب العقدي (1)

-------
(1) لي تجربة خاصة في هذا المجال، فقبل مايقرب العقدين قرأت "إحياء علوم الدين" للغزالي، وأثر فيّ كثيرا لدرجة اني أصبحت أنظر للدنيا بسوداوية وأنها لاتستحق أن تبذل فيها أي شيىء، ثم في نشاطي المهني بدرجات متقدمة، إلا أن استفقت، ولعله مازال مؤثرا في بدرجات ما لحد الآن
وسبب ذلك أني فهمت ساعتها نماذج الزهد التي ذكرها كأنها هي الزهد كمفهوم، أي أني خلطت بين المفهوم والمعنى

****************

فوزي مسعود
#فوزي_مسعود

الرابط على فايسبوك
. المفهوم والمعنى والفعل: جدلية الزمن وتغير المعنى


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فايسبوك،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 7-05-2023  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء