فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 482 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الفرد العاقل يفترض أن ينتج المعاني خلال أنشطته في الواقع، لكن نمط الحياة الحديث ومنظومات الإخضاع الذهني من تعليم وتثقيف وإعلام، تفتك منه تلك الإمكانية وتضيق مساحة فعله وتضطره ليكون تابعا ويستهلك معاني لم ينتجها ولا حتى ساهم فيها، وبقبول الفرد التخلي عن انتاج المعنى الخاص يكون قد سلم قياده للغير للتحكم فيه وتوجيهه
المعاني لايلزم منها أن تكون مقالات أو صياغات منهجية، المعنى يمكن أن يظهر في أشكال بسيطة من التعبير كالنكتة والرأي الخاص في أي من مسائل الواقع والتعليق البسيط على شبكات التواصل الإجتماعي واللمسة الخاصة في نشاطك التجاري مثلا أن تصر على استعمال اللغة العربية في كتابة صك بنكي أو في نشاطك، ذلك موقف يحمل معنى
ذلك هو المعنى في مفهومه الأولي، المعنى هو المساحة الصغيرة اللصيقة بالفرد التي يقع افتكاكها منه، حيث يقصف الفرد ذهنيا حتى يقع إخضاعه فيقبل بالتبعية للغير حتى في الأمور البسيطة، فيتحول لعاجز عن التعبير عن موقف خاص في أي من مسائل الحياة، ويعجز عن كتابة تعليق يعكس رأيه في شبكات التواصل وإن عبّر قام بنقل كلام غيره
إنها مستويات منحدرة من الانهاك الذهني التي دمرت قدرات إنتاج المعنى لدى الفرد وافتكتها منه وحولته لتابع للغير في أخص إمكانياته وهو التعبير عن المعنى
إنتاج المعنى يوجب على الفرد أن يقول مايراه هو صوابا ومايراه فسادا لا أن ينقل رأي غيره
إنتاج المعنى يجعل الفرد واثقا من نفسه معتزا بتصوره يدافع عنه فيظهره للغير ويخرجه من أدراج ذاته وظلماتها لنور الواقع ونقد الناس، فيعدل من تلك التصورات في الاتجاهين، وهذا ينضج تلك المعاني ويساهم في خلق الفكر
إنتاج المعنى يجعل الفرد فاعلا يؤثر في الغير بالمعاني التي ينتجها، يجعله يؤثر بالطرائف والنكات وبالتعليقات وبالفيديوهات والصور التي يصيغها، وليس بالضرورة من خلال المقالات الرصينة
وحينما تنتج المعنى الخاص فإنك تساهم في تغيير الواقع اللامادي الذي هو أساس الواقع المادي عن طريق التأثير فيه ولو جزئيا، تساهم في وضع لبنات داخل المجال المفاهيمي الذي يؤطر الناس في تصوراتهم اليومية من خلال بصمة تخصك ممثلة في تعليق أو نكتة أو فيديو
أن تنتج معاني خاصة بك يعني أن تكون زاوية رؤيتك للواقع وفهمك وعمقك العقدي مؤثرا في الموجود بدرجة ما مادامت ستصل للغير، فإن لم يقبلوها فعلى الأقل سيتعرفون عليها وسيناقشونها
أن تنتج المعنى يجعلك غير تابع لمعاني انتجها غيرك
لكل ذلك يمثل إنتاج المعنى أول مراحل التحرر وكسر حلقات التبعية الذهنية للغير، وأهم شروط الفرد الفاعل