الكلام المطلق والحِكَم الطنّانة لاقيمة لها مادمنا لم ننتج معانيها
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 554 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ترديد الحكم والألفاظ الطنّانة لايغير كثيرا من واقعنا، وعلينا الكفّ عن ترويج تلك الصياغات النمطية التي تبدو جيدة، من مثل أن الحق سينتصر على الباطل وأن الظلم ظلمات وأن الشرف رفعة وأن الشجاعة كذا وكذا وغيرها
واقعنا لايتغير إلا بالتعمق في المعنى بينما تلك الحكم والأقوال تتحرك في المفهوم الذي عادة يكون محل اتفاق ولانزاع حوله، فهو ليس إذن موضوع الخلاف ثم الإقناع به
بالمقابل مشاكلنا توجد في مستوى معنى تلك الحكم والمفاهيم، لأن الناس تختلف في المعاني وليس في المفاهيم
علينا أن ننزل ونتعمق لنفهم أي معنى للشرف وأي فعل يصح عليه شرف، وأن ننظر كيف ينتصر الحق وبأي إلزام عقلي ومتى يكون ذلك
إذن علينا أن نتعمق ونحاول أن نحفر في تلك المفاهيم والألفاظ ومعانيها، هناك سنجد التفاصيل المختلف حولها وسنفهم أكثر وسننتج معاني تخصنا وسنصبح فاعلين مؤثرين في الواقع لأن الواقع لايتغير إلا بالمعاني وليس بالمفاهيم
البقاء على السطح، أي في مستوى الصياغات وظاهر المفهوم يحرمنا من المعاني ومن استيعابها وبالتالي من التأثير، ويجعلنا مستهلكي معاني لم ننتجها، وهذه تبعية ذهنية وهي أول التبعيات المؤسسة للتبعات الاخرى لدى الفرد، إذ إنتاج المعاني أول درجات التحرر الذاتي، لأن الفرد في تلك الحالة سيكون صاحب معاني وقع ايجادها من زاويته الخاصة أي من خلفيته ومن واقعه وبإدراكه الخاص
أي أن ترديد الصياغات العامة والحكم قد تصلح للتنشئة الأولى للاطفال، لكن في مرحلة الرشد العقلي فإن الاكتفاء بها عبارة عن تبعية ذهنية، لأن دلالتها توكيل للغير للتصرف في معاني المفهوم وتسليم بالعجز عن إنتاج المعاني أي اعتراف وقبول بالتغيب عن المشاركة في التأثير في الواقع