الخلط بين الفاعلية وبين التفكير: التفكير لايعني القدرة على الفعل
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 537 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يطرح العديد سؤالا يرونه صعب الجواب، وهو كيف لشخصية مفكرة مناضلة مثل راشد الغنوشي يتمكن شخص غرّ من دون تاريخ نضالي ولا مستوى فكري له، كقيس سعيد، أن يطيح به
الجواب على هذا السؤال يوجد في حقيقة أننا نخلط بين أدوات الفعل وأدوات الفكر
الفاعلية في الواقع ليس من شروطها التميز الفكري، إذ الواقع لتغييره يلزمه الفاعلية وليس التميز الفكري
نحن نخلط ونفترض ان المتميز فكريا بالضرورة فاعل في الواقع وهذا ليس صحيحا
الواقع يغيره المغامرون أصحاب الجرأة ومن لايعطون قيمة كبيرة لاراء الناس وانتقاداتهم وحساباتهم
يغيره الذين يملكون ثقة بالنفس وبأفكارهم
مايهم في مسألة الثقة هو التقييم الذاتي للأفكار موضوع التنزيل، لأن الثقة مبعثها تصور الفرد حول الأفكار التي يحملها وليس جدارتها وصوابيتها موضوعيا من خلال مقياس خارجي، لذلك فالكثير من أصحاب التحركات الكبرى تاريخيا يقربون للجنون لأنهم يحملون ثقة كبيرة بجنونهم وهذا يمثل طاقة فاعلة
وكلما قويت هذه الصفات لدى الفرد زادت احتمالية نجاحه في عمليات التغيير
إذن شروط تغيير الواقع لدى الفرد، ومنها القيادة السياسية لايوجد منها التميز الفكري ولا التاريخ النضالي بمعناه المتداول حاليا
ذلك أن النضال كمايقدم حديثا مفهوم فيه كثير من التحريف والانتقائية، لأنه مفهوم يفترض أن الذي يقوم ببعض الممارسات التي تقرب لاستجداء السلطات ويتقن الاستغاثة والاتصال بالمنظمات الغربية، يسمى مناضلا
بينما النضال كمصطاح لغوي وتاريخيا يفترض فيه المقاومة المادية وإحداث أثر في الواقع، فكان يجب أن يقع البرهنة أن تلك الممارسات المذكورة سابقا تمثل مقاومة حتى تصنف نضالا، بينما ليس ثابتا أن الانشطة اللامادية التي يمارسها من يسمون مناضلين تمثل مقاومة للحكام الظلمة أو الاحتلال
المناضل بمفهومه اللغوي او الاصطلاحي قديما حيث المقاومة على الارض والمعارك وافتكاك الارض والمواقع، كان يمثل الفاعلية الواقعية، لكنه حديثا وقع تحريفه نحو ممارسات لامادية لاتفعل في الواقع
إذن صفات المفكر والمناضل بمعناها الحديث، لايمكنها أن تكون صفات فاعلة لتغيير الواقع
الخلاصة إذن أن مشاكلنا فكرية منهجية نابعة من فرضيات غير صحيحة حول المفاهيم، ثم نريد أن نقيم من خلالها واقعا آخر