تجارب الحركات الاسلامية المعاصرة: الإسلام الوسطي، طالبان والحركات الجهادية
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 633 محور: إسلام العقيدة
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يمكن أن نصنف التجارب الاسلامية الكبرى حاليا لثلاثة اتجاهات:
1- الاسلام الوسطي المتفرع عن الاخوان المسلمين، وهذه تجارب وصلت تقريبا كلها للحكم بطريقة أو بأخرى، وكانت تجاربا مهمومة عموما باستجداء رضا الواقع والمتحكمين فيه، وهي تقبل بالدوران حول المركزية الغربية وبالتبعية لها
وذلك جعلها تقبل بشرعية الملك كما في المغرب والاردن وتقبل بمنظومات الالحاق الفرنسية كما في تونس والمغرب والجزائر، وتقبل بالالحاق بالغير الغربي والتبعية لتركيا كما في ليبيا، بل تقبل بالاحتلال الامريكي للعراق حيث قبل الحزب الاسلامي العراقي المشاركة في حكومة "بريمر" الممثلة لقوة الاحتلال
فالاسلام الوسطي قدم تجاربا عموما منكسرة وأعطى صورة سيئة عن المشروع الاسلامي، وأظهر العاملين بهذا المشروع اقرب للسذج المتلاعب بهم الذين يقبلون توظيفهم مقابل الاعتراف بهم، فهم يعانون من عقدة نقص تجعلهم غير مكتفين بهويتهم لذلك يطلبون كمالهم باعتراف الغير بهم أي انهم غير مقتنعين ذاتيا بمشروعهم ويسعون لاعتراف خارجي
2- حركة طالبان: قدمت نموذجا للصرامة المبدئية وأثبتت قيمة وأهمية الالتزام بالمبادئ ونتيجته وفعالية الثبات وعدم الالتفات للمعوقين والأعداء عموما وعدم جدارة وأهمية التقرب منهم والتمسح بهم وطلب رضاهم كما هو الحال مع مواقف جماعة الاسلام الوسطي، فالثقة بالنفس والفعالية في الموقف كانتا الصفتين اللتين حددتا نجاح طالبان
وطالبان ترفض المركزية الغربية وقد اقترحت بديلا لها، لكنه لا يرتقي لأن يكون مركزية عالمية
3- الحركات الجهادية: قدمت صورة عن المبدئية العمياء والإخلاص الفعال، حيث أثبتت تلك الحركات أن الصدق المبدئي والإخلاص لدى الفرد يمكن أن ينجز نتيجة تشبه الخوارق على أرض الواقع حد تقديم النفس قربانا للهدف وغلبة القوى الكبرى عسكريا
بالمقابل فإن التحليق في الخيال وعدم الاعتراف بالحدود الدنيا من الواقع وموجوداته، لدرجة اعلان الحرب على كل العالم، سينتهي بالمشروع للفشل وهو ماحصل مع تجربتي الدولة الاسلامية وبدرجة أقل القاعدة
إذن الصدق وحده لايكفي وفاعلية الإنجاز من دون ضبطها بالواقع تكون خرابا وانتحارا وفوضى وتوظيفا من الغير
الحركات الجهادية ترفض المركزية الغربية ولكنها لم تقدم بديلا ناضجا لها
الحوصلة تعطي أن أقرب التجارب للنجاح هي تجربة طالبان، لكن نحن هنا نتحدث عن التمشي والأسلوب كقواعد مواجهة مع العدو وليس عن المحتوى والأدوات المادية، أي أن الذي نعتقد بجدارته للتقدير في تجربة طالبان ليس محتوى مشروعها ولا أدوات تنزيله لأن تلك تمثل المستوى التقني العملي من المشروع وهي وجوبا تبقى متعلقة بسياق كل تجربة، وإنما مايهمنا هو طريقتها في الفعل وتنزيل المشروع والتصورات المتعلقة بمفهوم العدو وطريقة التصدي له والمبدئية في ذلك وموقع المغالب في سلسلة القرارات