البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

لا يجب أن نحمل الآباء المسؤولية لوحدهم عن شيوع اللباس الفاضح

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 304
 محور:  تفكيك منظومة فرنسا

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يكتب العديد تشكيا من شيوع اللباس الفاضح الذي تظهر به الفتيات والنساء في المجال العام، ويبدو أن هذا الاتجاه المسرف في التعري زاد في مايعرض من لباس العيد

وقد رأيت بعضهم يشتكي ويدعو الأولياء لتربية بناتهن، وهم يحملون الآباء ثم البنات مسؤولية هذا العفن المستشري

أعتقد أن هذا التصور الذي يحمل الآباء المسؤولية الأولى مجانب للصواب بل إنه تصور فاسد يعمل على تكريس الواقع ومحركاته، وهو بحصر اللوم في الاباء لايعمل إلا على تقوية ذلك الانحراف الاخلاقي وهو ظاهرة التهتك الاجتماعي من خلال اللباس

هذه التصورات عينة لأهم مصدر لمشاكلنا، وهو الاعتقاد الفاسد أن الواقع يحكمه الافراد وقراراتهم الفردية، وأن الفرد يمكنه أن يعيش كما يريد متجاهلا أي ضغوط أخرى

هذا الفهم للواقع يلغي وجود التأثيرات على الفرد ولايعترف بها، إنه يلغي المحرك والموجه الأول لواقعنا وهي المنظومات

انها تصورات لم تعد صالحة، موروثة من حقبة وزمن غير زمننا، أي أن أصحاب الاعتقاد بمحورية الفرد واستقلاليته وقدرته على الفعل المطلقة، يعيشون معنا بأفهام القرون الوسطى حينما كان الفرد سائبا حرا لا يؤثر فيه أي طرف وإن كان أحيانا من تأثير بسيط فهو تأثير تصورات القبيلة وإخضاعاتها لحد ما

مجتمعاتنا الحديثة لم تعد تصحّ فيها هذه التصورات القاصرة التي تلغي ولاتعترف أن واقعنا تحكمه منظومات للتشكيل الذهني هي التي تصيغ وتخضع الناس لتصوراتها ومعانيها ومصالحها

المجتمعات الحديثة بنيت بمفهوم إخضاع الفرد لمصالح المتحكمين في رقع جغرافية تسمى بلدانا وأوطانا، فكل من يوجد ببلد ما يكون آليا خاضعا لمجموعة مفاهيم أوجدها المؤسسون الأوائل لهيكل تلك الدولة أو الوطن

أول أدوات الإخضاع والضبط هو التعليم الذي يصمم بطريقة تخدم مفاهيما مؤسسة وخادمة للمعاني التي تتبعها تلك البلاد، فالتعليم الحديث أداة ايديولوجية حتما، ولذلك تختلف منظومات التعليم من بلد لآخر لاختلاف مصالح الدول والمجموعات الحاكمة فيها

ثم تاتي بعد التعليم أدوات أخرى تعمل على إخضاع الفرد لمفاهيمها ومعاني تلك المفاهيم، وهي أجهزة التثقيف والإعلام التي لاتكاد تترك الفرد طرفة عين حرا مع نفسه، فهي تتلقفه بالبيت من خلال التلفزة والمذياع والانترنت، ثم تؤطر وتوجه مجاله البصري بالمعلقات في الساحات العامة حينما يخرج من البيت، وهي تزيد من تعبئته بما تقدمه من مهرجانات ومسابقات ودور ثقافة، تصب كلها في معاني واحدة تتحرك في مجال مفاهيمي مشتق وجوبا من مركزية عقدية ناظمة لكل أوجه الحياة

إذن الفرد الحديث أغلب التأثيرات الخاضع لها متأتية من مصادر غير الأسرة، ومن القصور التصوري اعتقاد أن الأسرة فقط هي من يؤثر في الفرد

صحيح أن الاسرة تنتج وتزود الفرد بمعاني معينة في أول نشأته، لكن ذلك الفرد سرعان ما يفلت من تأثيراتها، فضلا أن الآباء هم أنفسهم سيتحولون لمستهدفين سيقع اغراقهم واسقاطهم كضحايا منظومات القصف الذهني التي لاقبل لهم بمقاومتها

إذن التهتك الاجتماعي الملاحظ بالمساحات العامة وبعض مظاهره التعري، لايملك الآباء إلا جزءا صغيرا من سلسلة أسبابه، لكن السبب الاكبر لذلك هي أدوات الإخضاع من تعليم وإعلام وتثقيف التي تتغذى بدورها من مجال مفاهيمي يدور في المركزية الغربية منذ عقود

سبب التهتك الاجتماعي برامج التعليم التي لاتحيل للإسلام وترفض اعتماده ضابطا بل تعاديه، وتصل بها دعوات الانحراف لفرض الرياضة النسائية مختلطة فتيانا وفتيات

سبب التهتك الاجتماعي هو أجهزة الإعلام والتثقيف التي تصر على إنتاج محتويات محاربة لما بقي من أثر دين لدى التونسيين

سبب التهتك الإجتماعي هي المساحات العامة وملصقاتها المسرفة في الفحش، التي وقع احتلالها وتحويلها لمصلحة وتحكم أجهزة تغرق المجال البصري في معاني التعري مما ينتهي للتطبيع معه والقبول به

التونسيون ضحايا في مرحلة متقدمة من الإخضاع، وعلينا لاستنقاذ أنفسنا العمل على التحرر من منظومة التشكيل والقصف والإخضاع الذهني بتفكيك الموجودة ثم التخلص من الربط القسري بالمركزية الغربية ومعانيها


---------
فوزي مسعود
#فوزي_مسعود

الرابط على فايسبوك
. الفرد التابع (39): حول التشكي من اللباس الفاضح، لاتلوموا كثيرا الآباء


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فايسبوك،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-04-2023  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء