فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 477 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من ضمن الأساليب المعتمدة لفهم الواقع وأحداثه أن يقع تفسير ظاهرة اجتماعية بغير أسبابها الموضوعية، من ذلك أنه يقع إقحام جنس الفرد كعامل مركزي للفهم والتفسير
هذه الأنماط من التفسير تخضع للتأثير الايديولوجي وتسعى لتحويل وجهة سلسلة الأسباب وتغييبها بالتلاعب بها وتكييفها لكي تكون مصداقا للتصور المبنىي حول محورية جنس الفرد، ثم من هناك حول أن الأفعال تصدر ابتداء من منطلق جنس الفرد، ثم من هناك حتمية أن يكون الذكر ظالما أبدا وأن تكون الأنثى مظلومة أبدا
- هذا فهم مبني على الحتميات وهو تصور لايصح في الظواهر الاجتماعية إلا نادرا وجزئيا وبطريقة لايمكن اعتبارها قانونا
- تفسير الأحداث اعتمادا على جنس الفرد، توظيف لاستنتاجات ايديولوجية لما يقال إنها علوم إنسانية لبناء سياقات تنتج مفاهيما ومحتويات تبرر لوجود تصورات ثم أنشطة تعتمد مظلومية المرأة كنواة لإطلاق مشاريع لاعادة ترتيب الواقع بمستوياته المختلفة حسب أهواء منتجي تلك المفاهيم حتى وصلنا للدعوات المبنية على مايسمى الجندر
- الإيهام بحتمية محورية جنس الفرد كعامل للتفسير، يترك الأسباب الحقيقية للأحداث والأفعال ويتجاهل سلسلتها وتتابعها الحقيقي، وهو بالتالي تصور لايعالج مشاكل الواقع التي تمس الافراد مهما كان جنسهم
- الظلم يمس الفرد الأنثى والذكر والفقر يمسهما الاثنين وأخطار الواقع تستهدف الفرد مهما كان جنسه، وإن كان هناك تزايد في ظاهرة أو فعل لدى جنس دون الآخر فليس ذلك لاعتبار الجنس وإنما لاعتبار توفر القابلية لوقوع الفعل لدى الفرد عليه، فالأنثى تُستغل لأنها تشتغل في ظروف سيئة وبشروط معينة ولها قابلية معينة وليس لأنها أنثى، ودليل ذلك أن نفس تلك الشروط حينما تتوفر لدى الذكر فإنه يقع استغلاله أيضا بالشغل، كما إن المستغِل يمكن أن يكون أنثى والمستغَل ذكرا
وقد يجادل البعض أن المرأة تستغل أكثر من الرجل، في هذه الحالة لو أخذنا فعل الاستغلال ونظرنا في سلسلة أسبابه، فإننا نجد جنس الفرد يوجد في أفضل الحالات في الترتيب الثاني بقائمة الأسباب، لأن الذي يستغلها يفعل ذلك بغرض سرقة مجهودها موظفا جنسها، اذن السبب الأول هو قصد الاستغلال والسرقة، إذ لو لم تكن تلك المرأة تعمل لما استغلها المستغل رغم أنها أنثى، إذن فجنس المرأة ليس سببا مباشرا أوليا
هذا يعني أن جنس الفرد سبب مضاف وتابع لسبب سابق، وهذا يوصلنا لكون جنس الفرد ليس ولايمكن أن يكون سببا أصيلا أي منتجا لسلسلة الأسباب ولاسببا مستقلا
يستثنى من ذلك الاستغلال الجنسي إذ في هذه الحالة يكون جنس الفرد الأنثى سببا أصيلا ومستقلا عن سلسلة الأسباب ويدعو لاستغلالها في الدعارة
- نلاحظ إذن أن التفسير بجنس الفرد الذي هو أحد مفاعيل المجال المفاهيمي للمركزية الغربية، يعمل على تحييد أسباب الظلم بالواقع وعموما لايسعى للتعامل الموضوعي مع سلسلة الأفعال به ومساراتها
ولما كان هذا تفسيرا قاصرا لايقصد فهم الاحداث في حقيقة نشأتها، فهو إذن تفسير لايستهدف تطوير وضع المرأة بقدر سعيه لتوظيفها لاصطناع قضايا تكون هي محورها بغرض خلق زخم لإنشاء مفاهيم أخرى والترويج لها كالنسوية ثم أخيرا الجنس الثالث الذي يقع التعمية عليه بإشاعة مفهوم الجندر
فهنا نحن إزاء توظيف للمرأة لخدمة الايديولوحيا السائبة المتحركة في أفق المركزية الغربية ومشروعها التبشيري