دعوات تجديد الخطاب الديني، مطالب مريبة يثيرها ضحايا المركزية الغربية
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 567 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قضايا التجديد الديني وتفريعاتها التي يبرع نفر من الذين يحملون رايات مسائل فضفاضة، في إثارتها كل مرة، تتخذ ظاهر البحث العلمي وهي لاتعدو أن تكون أنشطة ايديولوجية يؤمنها ويروج لها ضحايا منظومات تشكيل ذهني وإلحاق بالمغالب العقدي ممن لأسباب وظروف عديدة تمكنوا من التحكم في جامعاتنا شق الإنسانيات، فصيروها لأدوات تبشير بالمشروع الغربي ومجاله المفاهيمي
أي قضية تثار في وجه الاسلام من منتسبي المركزية الغربية وضحاياها، لايجب الالتفات إليها وإن زعموا أنهم يتحركون بدواعي العلم ومناهجه، لأن الانسانيات ليست علوما وإنما ايديولوجيا، وليس لتلك التصورات المتداولة من العلم إلا المنهج أي الطريق المتبع، أما الموضوع ومحتوياته ونتائجه فهو كلام يقرب للانطباعية والذوق أي الذاتية، وهم يشهرون في وجوهنا محتويات تلك العلوم المزعومة، فهم إذن يقربون أكثر للمبشرين وأعوان الدعاية
إسلامنا بماهو عليه الآن لايمنعنا ولن يعيقنا من أن نتطور وأن نكون سادة العالم، وقد تطورت بلدان تعبد الفئران والأبقار فكيف بنا نحن، وإن كان هذا لايمنع من وجوب النظر في مسائل عديدة في ديننا أو بالدقة في فهم ديننا وتاريخه، حينما يتاح لنا ذلك في مهل من أمرنا لا تحت ضغط الدفع والإخضاع
أعتقد أن مشاكلنا في أساسها فكرية بغرض فهم الواقع الجديد وأدوات التأثير فيه مما لم يعد مستوعبا بالمفاهيم القديمة، أكثر من كونها فقهية أو كلامية أو أي من القضايا التي تثار من نوع البحث في الخطاب الديني وغيرها، لأن تلك المطالب أغلبها تصدر من المتأثرين بتوجيهات المركزية العقدية الغربية وإن كانوا يعتقدون أنها مسائل علمية، فهي اخضاعات ايديولوجية حقيقة تعمل على تقييم مركزيتنا ومحاولة التحكم فيها بمزاعم العلوم
نحن لايجب علينا أن نتعامل مع تلك المطالب كمسلمات، علينا أن ننتج مسائلنا الفكرية واحتياجاتنا من زاويتنا نحن وبأدواتنا نحن التي علينا البحث فيها ثم تصميمها وإخراجها للوجود
حينما ننتج فكرنا الخاص فإنه يمكن أن نجدد تشريعاتنا وفقهنا مثلما وقع في تاريخنا، وحين يكون الفعل الفكري من زاويتنا ومن دوافعنا فلا مشكلة فيه إن أوجب تجديدا أو رفضا أو تجاوزا لبعض فقهنا وتشريعاتنا وإعادة تقييم لتاريخنا ومراحله، لأنه سيكون تطورا ذاتيا من داخل منظومتنا
أما أن يأتي من خارجنا ممن يغالبنا، من يتأستذ علينا ويوجهنا كيف نفعل وماذا نفعل وأن علينا أن نجدد الخطاب الديني، فهذ أمر يجب أن يرفض لاعتبار التوجيه والاخضاع
وكان يفترض أن يرفض هذا الكلام أيضا لدواعي منهحية، لأن القول بالخطاب الديني عمل تحكمي حيث يحشر الإسلام في مفهوم الدين بمعنى السلوك البشري أي ما أسميه أنا إسلام الثقافة، بينما الإسلام كمنظومة عقدية ليس كذلك وإنما هو أقرب للمركزية الغربية من حيث أنه مشروع عقدي وفكري كوني، بل الإسلام أشمل من المركزية الغربية لاحتوائه بعدين الغيب والشهادة بينما المركزية الغربية تتحرك في بعد الشهادة فقط، وهذا لوحده كاف لأن لانجتمع في التقييمات الواقعية مع المركزية الغربية، لان الموجودات وإن كانت تشترك في بعد الواقع فإنها في المفهوم الإسلامي ذات بعد غيبي يؤثر في سلوك الفرد، وهو مالا يوجد لدى المركزية الغربية
ولما كان الفرد يخضع لأبعاد الموجود أي الغيب والشهادة أو الشهادة فقط، فإن الدائر في المجال المفاهيمي الاسلامي يكون حائزا على معاني غير التي لنفس الموجود من الذي يخضع للمجال المفاهيمي المشتق من المركزية الغربية