البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

التقوى والفاعلية وتغيير الواقع: ماهي التقوى المقصودة بأنها مقياس المفاضلة في "إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم"

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 352
 محور:  التدين الشكلي

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


نفهم نحن المسلمون أن ديننا أوجد لنا مقياسا للمفاضلة بين الناس تعتمد التقوى، حيث إن أكرمنا عند الله أتقانا
هذا معناه أن الأفضل هو الأتقى، لكن هنا ستطرح إشكاليات كثيرة لا تحل الا بتعميق النظر في المفاهيم ثم ضبطها

التقوى تفهم عموما أنها الالتزام بالإسلام في بعده الفردي، فالذي يؤدي فرائضه المتعلقة به كفرد ويقرأ القرآن ويكون ذا اخلاق جيدة، فهو سيصنف على الأرجح تقيا، وهو حسب هذا الفهم للتقوى سيكون من الأفضل في محيطه بما أنه يحوز على التقوى إن كان متميزا في هذ التقييمات

مانلاحظه في هذا الفهم للتقوى، أنها حالة لاتعلق لها بالأفعال وعموما لاتعلق لها بأحداث الواقع، فالذي يصلي يفعل ذلك من دون تعلق بأي فعل أي هو يصلي مهما كانت أحداث الواقع حوله، والذي تكون أخلاقه جيدة فيبتسم في وجه جاره ويميط الأذى عن الطريق بالفهم المعتمد سيتحلى بتلك الاخلاق من دون تعلق بحدث محدد في الواقع، والذي سيقرأ القرآن بالتصور المعتمد فإنه يفعل ذلك من دون تأثر بفعل خارج عنه من أحداث الواقع

إذن التقوى التي نفهمها كمقياس للمفاضلة بين الناس، سلوك ثابت لا تعلق له بالأفعال، ولما كان الفعل يمثل تغيرا حادثا نسبة للزمن، فإن التقوى المعتمدة كمقياس للمفاضلة، سلوك لا تعلق له بالزمن

يصبح بالتالي ممكنا للتقي بهذا الفهم أن يوالي ظالما ويدعمه، وكم أعطانا التاريخ بل الواقع نماذجا من أمثال هؤلاء ممن يقفون في صف الحكام الظلمة بل في صف من احتل بلدانهم من الكفار (دعم أحد مشائخ آل سعود الاحتلال الأمريكي للعراق وقال بوجوب طاعته لإنه حاكم متغلب) وأحيانا يكون دعما ضمنيا من خلال السكوت عن المحتل الكافر (سكت كبار مشائخ الزيتونة عن الاحتلال الفرنسي لتونس و أفاعيله بالتونسيين من تقتيل واغتصاب، فكان موقفهم التجاهل وهو يمثل عمليا دعما ضمنيا لذلك الاحتلال الفرنسي)
سيتحول التقي بالفهم المعتمد للتقوي لأداة لتكريس الظلم و المحافظة على الواقع والاقناع به، وسيكون التقي بهذا المعنى عونا لدى الظلمة لأنه بنموذجيته الأخلاقية لدى الناس سيجعلهم يقولون: هذا الشخص أتقانا وقد دعم ذلك الواقع وتلك الأفعال وذلك الظالم، فأولى بنا أن نفعل مثل مافعل ونحن الأقل منه تقوى

تتحول التقوى الساكنة التي لا تعلق لها بالزمن، لعامل محافظة على الواقع ولأداة في أيدي المتحكمين به ولمستويات التشكيل الذهني التي يمكن أن تستعين بالتقاة هؤلاء الذين لايقربون الواقع ويكتفون بتقواهم الساكنة، لكي توهم الناس أن ماتضخه من محتويات دعائية في الاعلام والتثقيف والتعليم، يقره الإسلام ودليل ذلك أن كبار التقاة لايعترضون
فهنا يقع توظيف الاسلام لخدمة مالا يقره، من خلال مفهوم التقوى بالمعنى المتداول الساكن

نفهم إذن أن التقوى بهذا المعنى الساكن لايمكن قبولها وأنها ليست التي يقصدها الاسلام حينما قال إن أكرمكم عند الله أتقاكم، فكيف الحل إذن لهذا الإشكال

------------

التقوى حالة يقصد بها طبع المواقف الفردية بتصورات الاسلام ومعانيه، وهذا لا يكون إلا في مايمكنه تغيير الواقع والتأثير فيه، لأن السلوك الساكن لايؤثر في الواقع وبالتالي تكون تلك التقوى قاصرة عن الوصول للغير

إذن التقوى يجب أن تكون متعلقة بأفعال الفرد التي يمضيها في الواقع، بمعنى آخر التقوى ليست حالة مستقلة ساكنة وإنما حالة مضافة وجوبا لفعل ما، هذا يعني أن التقوى سلوك زمني بما أنها متعلقة بالأفعال

حينما نفهم التقوى أنها سلوك مضاف لأفعال سابقة، فإننا نجعل للتقوى مجالا واسعا جدا يدخل ويمس كل مواقف ومستويات الواقع، أي أن الفرد مطالب أن يتعامل باستحضار تقوى الله في كل أفعاله التي تصدر منه بالواقع

وأكرمكم عند الله أتقاكم، يجب أن تفهم أنها التقوى التي تمارس في تعلق بأفعالنا كلها وجميع مناشطنا وليست تلك العبادات الفردية المفصولة عن الواقع

وهذا الفهم الزمني المتحرك للتقوى سيؤدي للتالي:

- سيضطر الفرد لأسلمة كل أنشطته مادام سيعمل على استحضار تقوى الله فيها، وسيجعل الواقع مساحة للتنافس في التقوى، مما ينتهي بأسلمة الواقع
أي أن الاسلام يصبح سلوكا في كل شيئ وليس صفة ساكنة وظيفية تؤدى دوريا فقط من تلك العبادات الفردية

- سيلغي توظيف الاسلام من طرف هؤلاء الذين يمارسون عبادات فردية ثابتة ويتقربون بها لدى الحكام ويوظفونها للتمايز الإجتماعي، لانه سينهي أسباب وجود طبقة المتمعشين من ظاهر الالتزام بالإسلام، حيث سيتبين أنهم ليسوا تقاة كما يعتقد، لأن التقوى تكون في الفعل وليست أمرا ساكنا

- سيجعل توظيف الإسلام من المتحكمين بالواقع صعبا، أو على الأقل أصعب مما هو عليه الآن، لأن كل فرد سيفهم أن التقوى توجد في الأفعال، ولما كانت أفعال الظلمة وأدوات التشكيل الذهني مرفوضة نسبة للاسلام، فستتحول التقوى أداة لرفضها ابتداء، وسيكون الكل على بينة من هذه البديهية

- تصبح العبادات الفردية، أدوات لبناء الطاقة الإيمانية التي تتطلبها التقوى المتحركة، لأن التقوى ستكون بهذا الفهم إضافات لأفعال الرفض والتصدي للموجود، فيلزم لإنشاء تلك الطاقة أسباب لإنتاج تلك الامكانية بزخم ما، فتكون العبادات الفردية تلك الأدوات التي تشحننا لنواجه الواقع ونسعى لتغييره


************
فوزي مسعود
#فوزي_مسعود
#تأملات_فوزي_مسعود
#التدين_الشكلي
#التدين_الوظيفي

الرابط على فايسبوك
التدين الشكلي (30): التقوى والفاعلية وتغيير الواقع: ماهي التقوى المقصودة بأنها مقياس المفاضلة في "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فايسبوك،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 6-04-2023  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء