|
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك |
مالذي يؤثر في الفرد، الفعل أم إدراكه للفعل: في فهم عجزنا عن التغيير فوزي مسعود - تونس
المشاهدات: 442 محور: مقالات في المعنى  يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط هذا موضوع هام جدا لأن عدم استيعاب تفاصيله يؤثر بطريقة سلبية على مواقفنا من أحداث الواقع وقدراتنا على تغييره خذ أمثلة بغرض تقديم الفكرة حينما ترى فتاة متبرجة حد الإنحراف من عامة الناس، فالفرد المسلم الملتزم سيذمها وقد يلصق بها صفات أنها فتاة متسيبة، وهو قد بنى موقفه على فرضية أن من يقوم بسلوكياتها لايكون إلا منحرفا سلوكيا، وأنها تقوم بذلك بفهمه هو أي أنها تفعل ماتفعل بقناعة أنها ترتكب انحرافات لكنه قد يفاجأ أن تلك الفتاة المتبرجة ترفض الزنا مثلا وعموما ليست كما يعتقد، فكيف يحصل هذا خذ مثلا آخر، أحدهم يضطر للعمل في ظروف مهينة فأنت حينما تراه تجده يقبل الكلام السيئ من مشغله ويقبل الاستغلال خارج أوقات العمل مجانا ولايرى في ذلك بأسا، فلماذا يسكت عن ذلك خذ مثلا آخر، الفرد من المناطق الداخلية بتونس، ينشأ في منطقته محروما من خدمات عديدة كالمستشفيات الجامعية والطرقات السيارة التي تتوفر لسكان مناطق أخرى محظوظة، فيقبل ذلك ويتعامل مع الموجود من دون مشكلة، فلماذا يسكت عن ذلك ---------------------------------- - حينما قيّمنا الفتاة أنها متبرجة كان ذلك تقييما صوابا من زاويتنا، لكن غير السليم هو فرضيتنا التي بنينا عليها موقفنا وهي أن الفتاة تفهم معاني سلوكياتها كما نفهمها نحن، أي فرضيتنا أن الفتاة المتبرجة تعرف معاني ودلالات سلوكياتها المنحرفة لكننا في الحقيقة نحن لم نتأكد من صحة تلك الفرضية، لم نقم بأي مقياس يجعلنا نتيقن أنها مدركة لدلالات أفعالها وسلوكياتها نسبة لمرجعيتنا التقييمية موقفنا بني فقط على ملاحظة ثم مقارنتها بسلم إدراكنا لتلك المعاني نسبة لخلفية قيمية نفهمها وندركها نحن، ولم نقم بنفس الشيئ مع الفتاة إذن مقياسنا على الفتاة وتقييمنا لها غير سليم من زاوية الصحة المنطقية وإن كان صحيحا معياريا أنها منحرفة أو عاصية أو أي مقياس معياري غير سليم منطقيا لأنه مبني على فرضية غير صحيحة، فالفتاة لم نتأكد أنها تحب الانحرافات ولم نتأكد أنها ترفض المعاني التي نريدها أين يوجد الاشكال إذن: اشكالية الفعل وإدراكه نحن بنينا مواقفنا على فرضية ضمنية غير مبرهن عليها تقول أن القائم بالفعل مدرك له، وبدقة أكبر أن القائم بالفعل مدرك لكل أبعاده وتفسيراته القيمية، وكل هذا كلام غير بديهي وغير تلقائي، بل أكثره غير صحيح الفرد يتعامل مع إدركه الخاص للفعل وليس مع الفعل، وهناك فرق كبير بين الفعل وبين الإدراك النسبي للفعل، حتى أنت حينما قيّمت تلك الفتاة فقد انطلقت من ادراكك للفعل وقمت بتسطيح الفعل ذي الأبعاد المتعددة لبعد واحد وهو إدراكك له والواقع عموما تحركه إدراكات الناس للواقع ولأحداثه وليس الأحداث ذاتها والادراك مستوى ذهني نسبي يتعلق بفعل ما ويستوعب أثره المادي وغياب هذا التفريق بين الفعل من جهة وإدراكه النسبي من جهة ثانية، سبب جزء كبير من مشاكلنا وسوء الفهم والعجز عن التغيير في الواقع الفتاة حينما ترتكب تلك المعاصي، لاتدرك دلالات فعلها المادي بالمعنى الذي تنظر منه أنت، أي أنها لا تحمل إدراكا بكون سلوكياتها تمثل انحرافا، وإنما لها مستوى آخر من الادراك ينظر من زاوية مغايرة لذلك الفعل هنا سنجد أنفسنا أمام التعامل مع مستويين من الموجود، مستوى الفعل المادي ومستوى الفعل كإدراك للأبعاد وهذا الفهم الذي أقدمه من خلال الفعل وإدراك الفعل هو الذي يفسر كون أحدهم يبقى خاضعا للتسلط والظلم، لأن ذلك الفرد ليس مدركا لماهية فعل الظلم وأبعاده، أي أنه لم يصل إلى مستوى من الادراك لفعل الظلم يخرجه من بعده المادي الخالص لبعده اللامادي المعياري أي الإحساس بالإهانة وهو نفس التفسير الذي يجعل أحدهم من المناطق الداخلية يقبل الحيف الجهوي، لأنه لايحمل الإدراك القيمي المعياري لذلك الواقع المادي الظالم، أي أنه يوجد بعد لامادي للفعل المادي ناقص هو الذي يجعل الفرد يصل لمرحلة تعامل مختلفة مع الفعل في حالة توفره، فينتج ذلك مواقفا أخرى ----------------------- نحن كنا قد قيمنا الفعل المادي للفتاة أنه انحراف وهو كذلك حقيقة نسبة لخلفيتنا القيمية (1) أي لإدراكنا له، لكن المستوى الثاني المبني على الادراك ليس بهذا الوضوح، إذ الفتاة ليست مدركة لكون فعلها انحرافا إذن لايصح بناء موقف من الفتاة كونها منحرفة في حالتها الادراكية تلك، لأنها ليست مطلعة ولا مستوعبة لمعاني أفعالها نسبة لمرجعيتنا القيمية لا يصح معاملة الفتاة أنها منحرفة منطقيا ودلاليا وليس معياريا (حيث يعد الفعل بحق انحرافا)، إلا حينما نتأكد أنها تحمل إدراكا لكون فعلها انحرافا ولايصح معاملة العامل الخاضع لمشغله أنه يحب العبودية فننهره ونحتقره، لأنه لايحمل إدراكا لحقيقة ماهو فيه موضوع الفعل وإدراكه وأهمية هذا التدقيق، يوصلنا لقيمة مسألة الإدراك، فهو المستوى الذي يقع التحكم فيه من طرف أدوات التشكيل الذهني، بحيث تتلاعب بالناس لدرجة أنهم يقومون بالأفعال من دون الإدراك لماهيتها معياريا، فتحوّل تلك الأدوات الناس لضحايا يتحركون في حقل مفاهيمي لايقدّرون دلالاته السيئة فتلك الأدوات تجعلهم يقبلون بالظلم ولاينتبهون لخطورته ولهوان حالهم، وهي تتلاعب بالفتاة وتجعلها تنحرف من دون وعي (2) منها المشكل إذن موجود في مستوى المجال المفاهيمي، ومالناس إلا مجرد ضحايا لتلك المنظومات المسؤولة على التوجيه والإخضاع من خلال ضخ المعاني في ذلك المجال مما يشوش الادراك لدى الناس إذن دورنا عوض أن نتعامل مع الأفراد فننهرهم ونسفههم، علينا أن نعمل على تحريرهم من المنظومات التي سلبتهم قدراتهم الإدراكية من خلال أدوات القصف والتشكيل الذهني هكذا نكون أكثر فاعلية في تغيير الواقع، ثم أكثر رحمة بالناس لأننا سنستنقذهم من منظومات الشر التي تتلاعب بهم وتوظفهم -------- (1) كلامي في هذا المقال لا يقصد منه ولا اعني به عدم النهي عن المنكرات وان عدم ادراك الفتاة لفعلها انه ليس انحرافا، لا انا اتحدث في موضوع اخر، بغرض جعل مساعينا لتغيير الواقع أكثر فاعلية (2) استعملت في هذا المقال مصطلح الإدراك بمعناه الخام، أما الوعي فهو مستوى آخر من الادراك، يكون نسبة لخلفية معيارية أعلى، وهذا لا يعنينا كثيرا هنا ينظر بالتفصيل في بحث لي حول الادراك والوعي: الآليات الذهنية لصناعة الضحايا (4) – المعنى والمعمارية الفكرية https://myportail.com/articles_myportail.php?id=9998 *********** فوزي مسعود #فوزي_مسعود #تأملات_فوزي_مسعود الرابط على فايسبوك . تأملات (75): مالذي يؤثر في الفرد، الفعل أم إدراكه للفعل: في فهم عجزنا عن التغيير  4-04-2023
 |
|||||||||
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: |
|||||
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور |
|||||
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته |
|||||