البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ظاهرة الهجرة، أسباب أخرى

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3833


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بغض النظر عن التكاليف الباهظة والنهايات المؤلمة لرحلات هجرة الفلسطينيين الغير شرعية عن مساقط رؤوسهم، والتي جلبت المزيد من الغضب والأسى لنا في آنٍ معاً، كونها أنتجت في عرض البحار، مئات الغرقى والمفقودين وآخرين من الجرحى رغماً وعمداً، فإن من الواجب فحص ما إذا كانت تلك الهجرة وليدة اللحظة أو نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية متشابكة ومعقدة.

للوهلة الأولى تعددت التكهنات حول تلك الهجرة، وبهذه الوتيرة المفاجئة والمُلاحظة أيضاً، فقد لجأ البعض إلى إرجاعها، للشعور العام لدى الفلسطينيين وبخاصةً الشباب منهم، بأن منطقة القطاع لم تُعد مستقرة، ولم تعُد صالحة لمواصلة العيش، بسبب أن الحياة لديهم لا تتوقف لمجرد الحياة فقط، بل لشعورهم بأنهم محاصرون من قِبل الاحتلال في أجسادهم وأفكارهم وكرامتهم.

وألقى كثيرون اللوم على الحصار، الذي تفرضه إسرائيل ضد القطاع منذ ما يزيد عن سبع سنوات متواصلة، حيث انتشرت البطالة وتجمدت مشاريع التنمية، وساد الفقر، في مقابل زيادة متواترة في الكثافة السكانية وزيادة المتطلبات الحياتية والمعيشية. وقرر آخرون بأن العدوان الإسرائيلي الأخير – الجرف الصامد- كان السبب الحقيقي لبروز الظاهرة، لما أحدثه من قتل وتخريب ونشاطات تدميريّة أخرى لم تعُد مُحتملة لديهم بالمطلق.

وسعت جهات عِدّة إلى أبعد من ذلك، حيث تصدرت قيادات من حركة فتح، باتهام حكومة حماس بضلوعها في عملية الهجرة، وحمّلتها مسؤولية الوضع الخطير الذي وصل إليه السكان، باعتبارها هي من قامت بترتيب تلك الرحلات، من خلال قيامها بعمليات تزوير ممنهجة لجوازات السفر لأولئك المهاجرين في مقابل الحصول على الأموال، واعتبرت نشاطاتها في هذا الجانب تمثل الخيانة العظمى، كونها تنفذ مخططات "الترانسفير" والتهجير الإسرائيلي التي طالما سعت دولة الاحتلال إلى تنفيذه.
ربما الروايات السابقة ليست كلّها، وأيضاً ليست وحدها التي أوجدت الظاهرة وعلى هذا النحو، لوجود ملاحظات تُحبط من درجة اليقين بها أو التأكّد منها، بسبب - وهذا مؤلم لمجرد ذكره- أن كثرة الفلسطينيين والراغبين على نحوٍ خاص، لم يكونوا لِيُقدموا على أيّة نوايا بشأن الهجرة، لو أن أبواب إسرائيل بقيت مشرعة أمامهم للعمل بداخلها، كونهم يستطيعون حيازة المزيد من الأموال مقابل أعمالهم هناك، وقد شهدت فترة الثمانينات من القرن الفائت، طفرة اقتصادية، طغت على الشعور الفكري لدى الكثيرين من الفلسطينيين والثوري أيضاً، وحتى في الوقت القريب كان تخلّى العديد منهم عن أعمالهم ووظائفهم لدى السلطة الفلسطينية رغبة في العمل داخل إسرائيل.

وبالنسبة لمسألة الحصار، فإنها وحدها ليست كافية لأن تكون سبباً جوهرياً في حدوث الظاهرة، بسبب أنها كان مقدوراً عليها بوسائل أخرى، وكنا أفضل حالاً، بالنظر إلى أفريقيا بأكملها أو أقل قليلاً، والتي لا يزال سكانها يقتاتون جذوع الشجر على الرغم من أنها ليست محاصرة. كما يمكن استبعاد العدوان الإسرائيلي أو توابعه من أن تكون سبباً مُقنعاً، فقد كانت هناك عدوانات إسرائيلية متكررة من قبل، والتي بدأت منذ انتفاضة الأقصى الثانية في العام 2000، وحتى الآن، وسواء التي كانت ضد السلطة الوطنية أو ضد حركة حماس، ولم نشهد نوايا فلسطينية نحو هجرة جماعية كهذه وبهذا الحجم.

أمّا حركة حماس، فقد دفعت جهدها باتجاه نفيها أيّة مسؤولية بشأن عملية الهجرة، بالنظر إلى استراتيجيتها والتي تتنافي معها، علاوة على رغبتها في تجسيد استمرار محافظتها على صورة المنتصر على العدو الصهيوني كأمرٍ واقعٍ لدى الرأي العام الفلسطيني.

وإن أُجبرنا لسببٍ ما، على أن نؤمن ببعض التكهنات كأسباب واردة، لكننا سنكون مضطرين للإيمان أكثر وأكثر، بأن هناك أسباباً أخرى - وجيهةً - كانت وراء تلك الظاهرة، نوجزها في شببٍ واحدٍ، وهو ليس منضماً إلى ما سبق منها، وإنما هي بذاتها التي طُرِحت عليه، كونه أساسي، وقبل الإفصاح عنه يتوجب علينا التنويه، إلى أن النسبة الكبيرة التي قصدت نيّة الهجرة هي من منطقة الجنوب (المنكوبة) وليس من منطقة الشمال (الأكثر غنى) والتي كانت الحكومات الفلسطينية وعلى اختلافها تقوم بتعزيزها على مدار أعمالها، وسواء بطرق مباشرة وغير مباشرة، وبدون التفكّر في الآثار المترتبة على ذلك التعزيز، وهو المتمثل في عدم توزيع العدالة من قبل تلك الحكومات على كامل سكان القطاع، حيث بقيت منطقة الجنوب في هامش الشعور لديها مع بقية المناطق المتروكة في أنحاء متفرّقة منه، ذلك السبب أوجد مساحة جيدة لدى عصابات ومافيا شريرة، لتنفيذ مخططات صهيونية قديمة، لتثبت نجاحاتها، بعد أن أخفقت في كل مرة في محاولاتها بشأن عمليات تهجيريّة لسكان القطاع، والتي كانت على رأس أهدافها الموضوعة، كلّما أقدمت على عمل عسكري، وقد توضحت تلك المحاولات، أثناء حملة الرصاص المصبوب عام 2008، من خلال تركيزها على تسوية الطريق أمام هروب السكان باتجاه الأراضي المصرية.
وعلى أيّة حال، ونحن أمام المشهد ككل، يجب ألاّ يفوتنا أن أوروبا التي تعاني الأمرين من الهجرات الأفريقية، لا نجدها بنفس المعاناة باتجاه الهجرة الفلسطينية، إذ ما إن يصل المهاجرون إليها، يجمَعهم حرس الشواطئ التابع لها، ويتم السعي إلى منح كل فلسطيني مكانة لاجئ، كما يتوجب الأخذ في الحسبان، بأن المهاجرين اليهود يأتون للبقاء، وليس كالفلسطينيين الذين يرغبون في الهجرة من غير عودة.

لذا يجب على الجميع تلافي كل ما من شأنه أن يدعم مثل هذه الظاهرة، كونها ظاهرة خطِرة تحقق أهداف سياسة الاحتلال في إفراغ الأرض من أهلها وتغليب الوجود اليهودي على ترابها، وذلك بقطع كل الأسباب المؤدية إليها، وعلى رأسها نشر العدالة وإرسائها بلا استثناء على كافة مناطق القطاع.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الفلسطينيون، الهجرة، التشريد، الغربة، المآسي الإجتماعية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-09-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سامح لطف الله، سفيان عبد الكافي، محمد اسعد بيوض التميمي، خالد الجاف ، منجي باكير، مصطفي زهران، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد يحي، العادل السمعلي، ماهر عدنان قنديل، سيد السباعي، د. أحمد محمد سليمان، كريم فارق، د. عادل محمد عايش الأسطل، صلاح الحريري، أحمد ملحم، عمر غازي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أنس الشابي، فتحي العابد، فهمي شراب، د. صلاح عودة الله ، مراد قميزة، ياسين أحمد، عزيز العرباوي، صلاح المختار، حسن عثمان، عبد الله زيدان، محرر "بوابتي"، عبد الله الفقير، إسراء أبو رمان، د.محمد فتحي عبد العال، ضحى عبد الرحمن، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حميدة الطيلوش، عمار غيلوفي، رافع القارصي، د - شاكر الحوكي ، أبو سمية، نادية سعد، وائل بنجدو، سليمان أحمد أبو ستة، الهادي المثلوثي، محمد عمر غرس الله، إيمى الأشقر، محمد الطرابلسي، أ.د. مصطفى رجب، صالح النعامي ، محمود فاروق سيد شعبان، سلام الشماع، عبد الغني مزوز، د- محمود علي عريقات، يزيد بن الحسين، حاتم الصولي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عواطف منصور، د - مصطفى فهمي، جاسم الرصيف، د- محمد رحال، رشيد السيد أحمد، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - المنجي الكعبي، د - الضاوي خوالدية، مجدى داود، صفاء العراقي، سعود السبعاني، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، طلال قسومي، فوزي مسعود ، علي الكاش، مصطفى منيغ، صفاء العربي، د - محمد بنيعيش، محمد العيادي، خبَّاب بن مروان الحمد، د. عبد الآله المالكي، أشرف إبراهيم حجاج، سامر أبو رمان ، يحيي البوليني، أحمد النعيمي، فتحـي قاره بيبـان، رمضان حينوني، سلوى المغربي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد الحباسي، الناصر الرقيق، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمود طرشوبي، الهيثم زعفان، المولدي الفرجاني، د. خالد الطراولي ، محمد شمام ، حسن الطرابلسي، رافد العزاوي، د. أحمد بشير، صباح الموسوي ، د - عادل رضا، د- هاني ابوالفتوح، د - صالح المازقي، إياد محمود حسين ، محمد الياسين، د. طارق عبد الحليم، علي عبد العال، فتحي الزغل، أحمد بوادي، محمد أحمد عزوز، عبد الرزاق قيراط ، عراق المطيري، كريم السليتي، تونسي، رضا الدبّابي، د- جابر قميحة، محمود سلطان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة