البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حرب رمضان، الاعتماد على النفس

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3869


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


انضم قبل قليل ثلاثة شهداء من نفس العائلة، إلى قافلة الشهداء البررة، الذين ارتقوا بفعل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، والذي طُبع بروح الجنون والغباء في آنٍ معاً، كونه لا يُفرق بين صغيرٍ وكبير أو رجل وامرأة أو شجرٍ أو حجر، فالكل أمام عينه سواء، سيما وأنه لا يجد أمامه من يصدّه ويكسر أنفته من قناطير مقنطرة من القوّة والعتاد، أو الألوف المؤلّفة من الجيوش والكتائب، سوى عجول الأرض، بصدورهم العارية وبطونهم الخاوية، مدججين بأسلحة العزائم القويّة، ومعتمدين أفئدة ملأي بالعزّة والإيمان.

وإن كان المشهد عموماً يختلط فيه العز والكبرياء في شأن مواجهة العدوان بالأسى والحسرة على شهدائنا الأبرار وعلى انتهاك مقدراتنا ومقدساتنا، فإنه أيضاً يثير لدينا العند والإصرار على مواصلة المسير صوب انتزاع الحق بكامله، والنيل من المعتدين والقصاص منهم ومن أتباعهم مهما طال الزمان أو قصُر.

قد نصبر على ذلك العدوان طويلاً وبغير غضبٍ ولا وصب، بسبب قناعاتٍ لدينا راسخة، بأنّه لا محالة زاهق ولو بعد حين. لكن الذي يجرح صبرنا، ويبتّ من عضدنا، ويضعف من بأسنا، هو الحال العربي ذو المواقف السيّئة، بشأن العدوانات الصهيونية الشرسة والمتكررة ضد الفلسطينيين، باعتبارها أشد سوءاً وأكثر مرارةً من تلك العدوانات نفسها، إذ لا توجد أيّة تحرّكات عربيّة جدّية، ولا حتى مواقف جريئة وخاصةً من العدوان الإسرائيلي الجاري الآن ضد القطاع، برغم ما يرى القادة والحكّام وولاة الأمر، أمام أعينهم من قتل وسفك دماء وتدمير ممتلكات، أو ما قد يُنقل إليهم من أنباء وقصص وروايات مؤلمة من انتهاك حُرمات وممارسة ألواناً من الترهيب والتخريب، على الرغم من أن لديهم إمكانات مهمّة وقادرة في وقف العدوان ولجم إسرائيل عن مواصلة ممارساتها الاحتلالية والتسلطيّة.

حتى بعد التحذير الذي وجهه الرئيس الفلسطيني "أبومازن" من أن إسرائيل تقوم بتنفيذ جريمة إبادة جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين، فإن جل المواقف الرسمية التي تكلّفت بالرد، لم تمس وكما في كل مرة، الجوهر المطلوب في مثل هذه الحالة العصيبة، فكل ما تم تقديمه، كان على سبيل الإدانة في الحد الأعلى، أو دعوات بإعمال العقل وضبط النفس كحدٍ أدنى، وغالباً ما تعبّر عن مواقف تبدو متطابقة من حيث دعوة المجتمع الدولي إلى التحرّك، وهي في جملتها لا تفي بالمطلوب ولا تكاد تُقنع طفلاً في الشارع الفلسطيني.

ما يزيد من الأسى هو سماحهم لأنفسهم بإطلاق نفس العبارات وبنفس النبرة، في ظل العدوان الجاري، وفي ظل تمدده إلى استهداف المدنيين العزل، بعد نفاذ مخزون الأهداف التابعة للمقاومة والمدرجة في سجلات المؤسسة الاستخبارية الصهيونية، وكأنها انتقام لِما فشلت في تحقيقه وتسجيل نجاحات كاذبة.

لقد خاضت المقاومة بكل فصائلها، حروباً طاحنة وواجهت نشاطات عسكرية صهيونية متتابعة على مدار سنين طويلة، في ظل سكوت عربي مطبق، حيث لم نكتشف يوماً أن هناك موقفاً جدّياّ وصادقاً قامت باتخاذه جهة عربية واحدة، وحتى في حال حصوله وجدنا من يقوم بإحباطه.

ربما نجد لسكوت بعضهم مبرراً، يرفع عنهم بعضاً من الحرج، لانشغالهم بأنفسهم، أو بمواجهتهم تهديدات محتملة، أو بشأن أنهم مغسولي العقل، أو بشأن ما باليد حيلة، ولكننا لا نجد لهم رخصة في شأن تغاضيهم أو نسخهم بالمرة للقضية الفلسطينية أو بعدم اهتمامهم بقتل الفلسطينيين على مدار الوقت وكما هو حاصلٌ الآن.

وإن كان محبطاً لنا كفلسطينيين، ومؤذياً لنا في نفس الوقت، أن نرى مثل تلك المقابلات المائعة، أو تأكّدنا بأن عمليات القتل التي يقوم بها الاحتلال تتم بأسلحة أميركية يمولها الأشقاء العرب، إلاّ أنها لا تُوهن من عزيمتنا ولا تُخيفنا تماماً، ولكن الذي يُحل لدينا أشد الخوف وحتى موت الفجأة، هو ثبوت أن تكون هناك تطابقات عربية – إسرائيلية، حتى وإن كانت في شأن أو ضد فئة أو شريحة فلسطينية معينّة، سيما وأن قادة في إسرائيل أكّدوا على الملأ، بوجود تفاهمات مع جهات عربية، حول كل ما يدور– سياسياً وعسكرياً-، وأن العرب بجملتهم نسوا القضية الفلسطينية والفلسطينيين كذلك، وكان أكّد وزير الجيش الإسرائيلي "موشيه يعالون" عشية العدوان بأن في الغرف المغلقة مع شخصيات من الدول العربية، تكاد المسألة الفلسطينية لا يتمّ طرحها من الأساس، وأن هناك آراء مُريحة بشأن ضرورة تنقية القطاع من (الإرهاب).

وبالإضافة إلى اعترافات صهيونية وأمريكية مختلفة ومتتابعة وبإضافة أصواتاً - غير رسميّة - في الشرق والغرب العربيين، تنادي جهاراً نهاراً بضرورة استباحة القطاع وضرب المقاومة، فقد بدأت الهواجس بجد، تتسلل إلى قلوبنا وتفرض نفسها على أفكارنا، بأن هناك تنسيقات ثابتة مع جهات عربية، وإن كانت بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ، على اجتثاث المقاومة الفلسطينية وبالذات التي تتصدّرها حماس، تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية، وأن المطلوب فقط، هو صبر السكان مع مراعاة تقديم تضحيات. وفي الحالة كهذه، فإن من الواجب العمل في إطارها على أنها صحيحة، مع تثبيت أن من غير الضروري انتظار العون والمدد من آخرين، حتى من بعد سنتمترٍ واحدٍ عن الحدود. ويجدرُ بنا فقط الاعتماد على النفس طالما بقيت قلوبنا تنبض بالحياة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الهجوم على غزة، حماس، إسرائيل، العدوان على غزة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-07-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الرزاق قيراط ، مصطفي زهران، محمود سلطان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سليمان أحمد أبو ستة، محمود طرشوبي، محمد الطرابلسي، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد الحباسي، عبد الغني مزوز، د- محمود علي عريقات، تونسي، أحمد النعيمي، د- جابر قميحة، أ.د. مصطفى رجب، عمار غيلوفي، المولدي الفرجاني، أنس الشابي، بيلسان قيصر، د. أحمد بشير، طلال قسومي، د - المنجي الكعبي، محمد شمام ، سلوى المغربي، رمضان حينوني، فهمي شراب، د - مصطفى فهمي، ماهر عدنان قنديل، عمر غازي، صفاء العراقي، محمد العيادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بنيعيش، كريم السليتي، يزيد بن الحسين، د- هاني ابوالفتوح، إيمى الأشقر، الهادي المثلوثي، سامح لطف الله، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد علي العقربي، حميدة الطيلوش، مجدى داود، فتحي الزغل، صلاح الحريري، رافع القارصي، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، د - الضاوي خوالدية، د- محمد رحال، خبَّاب بن مروان الحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، علي الكاش، د.محمد فتحي عبد العال، عزيز العرباوي، مصطفى منيغ، الناصر الرقيق، العادل السمعلي، محمد الياسين، د. طارق عبد الحليم، رافد العزاوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إسراء أبو رمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، علي عبد العال، سيد السباعي، فتحي العابد، إياد محمود حسين ، محمد أحمد عزوز، المولدي اليوسفي، حسن الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، صالح النعامي ، صلاح المختار، محمد عمر غرس الله، د. خالد الطراولي ، صفاء العربي، عبد الله الفقير، حاتم الصولي، فوزي مسعود ، د. عبد الآله المالكي، محرر "بوابتي"، أحمد بن عبد المحسن العساف ، نادية سعد، وائل بنجدو، د. صلاح عودة الله ، د - محمد بن موسى الشريف ، سعود السبعاني، عبد الله زيدان، سلام الشماع، د. أحمد محمد سليمان، مراد قميزة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد بوادي، صباح الموسوي ، عراق المطيري، عواطف منصور، محمد اسعد بيوض التميمي، كريم فارق، سامر أبو رمان ، رضا الدبّابي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، يحيي البوليني، أبو سمية، خالد الجاف ، الهيثم زعفان، طارق خفاجي، أحمد ملحم، د - صالح المازقي، جاسم الرصيف، د - عادل رضا، محمد يحي، سفيان عبد الكافي، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، عبد العزيز كحيل، منجي باكير، فتحـي قاره بيبـان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة