البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

المد الإعلامي وانحسار الديكتاتوريات

كاتب المقال عبد الغني مزوز - المغرب    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4486


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


في ظل المشهد الأسطوري العجيب الذي جسدته الشعوب العربية وهي تنازل بإمكانياتها الذاتية كيانات سادية متمترسة خلف ترسانة جبارة من الحديد والنار،بهدف التنكيل بهذه الشعوب واجهاض أحلامها المشروعة في التحرر والانعتاق والعيش بكرامة تليق بالإنسان العربي أسوة بباقي إخوانه في الإنسانية،في ظل هذا المشهد الفذ نقترح طرح السؤال الأتي:كيف ساهم المد التقني المعلوماتي في انحسار الدكتاتوريات العربية وأفولها ؟.

من المؤكد والمتفق فيه بين مختلف المراقبين لسياق ودينامية الثورات العربية أن هذه الثورات سبقتها ثورة إعلامية الكترونية أنهت احتكار الدولة البوليسية للمعلومة،هذا الاحتكار الذي لازمته مجموعة من العمليات التي كانت حكرا على مؤسسات الدولة البوليسية مثل:

الاستحواذ على المجال العام بتعبير "يورغن هابرماس" ،وإدارته وفقا لمصالح النظام وبما يضمن بقاءه واستمراريته فلا تسمح الدولة بتدفق الآراء والمواد الإعلامية إلا بقدر ما يتوافق مع الخطاب الرسمي السائد.
تحويل الوظيفة "التواصلية" لوسائل الإعلام الجماهيري إلى وضيفة "اتصالية" أحادية الخطاب والاتجاه،فتحولت بذلك وسائل الإعلام من أدواة للحوار والتواصل إلى آليات للقمع والإخضاع والاحتواء والعنف الرمزي.
احتكار عملية صنع الخبر وقراءة الصورة،فأجهزة الإعلام في ظل الاستبداد تحتكر إنتاج المحتوى الإعلامي كما تحتكر قراءته لأن المحتوى بحد ذاته شيء وقراءته شيء أخر، فمثلا الصورة بذاتها قد تكون محايدة وغير مؤدلجة لكن التعليق والخلفية الموسيقية المصاحبة لها، تجعل الصورة تنطق بأشياء بعيدة كل البعد عن رسالتها الحقيقية.

ماكس فيبر عندما تحدث عن العنف والسلطة أكد على وجود عنف مشروع تحتكره الدولة لضمان تنفيذ القانون والخروج من اللانظام الذي تتسم به المجتمعات البدائية،لكن المنظومة الاستبدادية العربية قامت باحتكار العنف بشقية الرمزي والمادي من أجل إقرار وترسيخ حالة الخوف واللانظام في المجتمع لتضمن أحقيتها في امتلاك كل شيء موازاة مع ترفعها عن كل حساب ومساءلة.

ولعل الوظيفة الأساسية التي كانت تؤديها "الغوبلزية "العربية على امتداد الأقطار العربية هي التعبئة السياسية والاجتماعية والفكرية لصالح الأنظمة القائمة وتحويل أجهزة الإعلام -من خلال القضاء على التعددية والاختلاف الذي تتسم به الفضاءات الديمقراطية-إلى بوق دعائي للنظام وسياساته ورجالاته ومؤسساته، فالنشرة الإخبارية تتحدث عن الزعيم وأمجاده والمجلة تتغنى ببطولاته الجريدة تسهب في سرد منجزاته والصورة العملاقة في الشارع والواجهات ترسخ هيبته المصطنعة وجلالته المزعومة وكاريزميته المزيفة التي يبدع محترفو الفوتوشوب في إبرازها بكل اقتدار.

بعد الطفرة الإعلامية التي حدثت بظهور صيغ وأنساق جديدة للإعلام والتواصل تجسدت في وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والتويتر واليوتيوب والرسائل القصيرة للجول،حدثت انتكاسة ورجة في بنية ومنظومة الاتصال والدعاية التابعة للنظم الاستبدادية تمثلت في وضع حد لحالة احتكارها للخبر والمعلومة والصورة والتعليق، وجعلها في متناول شرائح عريضة من القواعد الشعبية فوسائل التواصل الاجتماعي خلقت منظومة اتصالية شعبية موازية بل ومتفوقة أحيانا على تلك التي تحتكرها الدولة مما مكن الشعوب من إنتاج خطابها السياسي الموازي والدعاية له وتجاوز كل سرديات النظام الرسمية، والالتفاف على كل أشكال الرقابة التي تمارسها السلطة على الأنماط الإعلامية التقليدية، كما أن هذه الوسائل الحديثة ولطابعها الكوني العولمي مكن الشعوب من تدويل خطابها وعولمة قضاياها وكسب تعاطف العالم الحر ومؤسساته، مما جعل الأنظمة المحلية المتداعية تقدم وبشكل هستيري غير مدروس على خطوات سخيفة للحد من تأثير هذه الوسائل وذلك بحجبها أو قطع الانترنت أحيانا أو باعتقال الناشطين في حالات كثيرة مما جدر أزمة هذه الأنظمة وحشرها في زاوية النقد والإدانة وفقدان الشرعية.

إن هذه الوسائل الاتصالية الحديثة وحسن استخدام الشعوب العربية لها جعلها في غير ما حالة عربية تضطلع بمهمة نقل الخبر والمعلومة لوحدها، في غياب تام لأية وسيلة اتصالية تقليدية خاضعة للرقابة ومتحكم فيها ،كما هو الوضع في الحالة السورية، فالمقابلات المرئية والمباشرة التي كانت تنقل بواسطة الأقمار الاصطناعية باتت برامج السكايب والمحادثة الأخرى تقوم بها بجدارة ونجاح،وخدمة البث المباشر أصبحت تقوم به الموبايلات وأجهزة اللابتوب ،وما كانت تقوم به وكالة أنباء مرموقة من تقديم الأخبار المعززة بالصور ومقاطع الفيديو باتت تقوم به صفحة واحدة على الفيسبوك،والخدمات التي يقوم بها مراسل صحفي متمرس بإمكان ألان أي مواطن يمتلك هاتف نقالا وكمبيوتر محمول متصل بالانترنت أن يقوم بها بكل إبداع واحترافية.
هذا إضافة إلى خاصية إفلات هذه الوسائل من كل أشكال الرقابة وحصانتها من الرصد والتعقب، باستخدام برامج مخصصة لهذا الغرض كبرامج البروكسي وإخفاء الابي وتجاوز الحجب والتصفح الآمن..فيبقى مستخدميه في منأى عن أجهزة السلطة ورقابتها.

فالشعوب العربية أحسنت صنعا بتوظيفها هذه الوسائل أحسن توظيف ولعل مخترعي هذه الأجهزة الحديثة والمواقع التواصلية لم يدر بخلدهم أنها ستتحول إلى أدواة لاقتلاع الجبابرة وكنس الطغاة..لقد كان غرضهم منها هو التواصل الاجتماعي والتسلية المترفة، لأن فظاءات النقاش والحوار والنقد عندهم متاحة على أرض الواقع تنص عليها الدساتير وتكفلها القوانين وتؤطرها مؤسسات المجتمع المدني و الصحافة الحرة، على عكس ما تعيشه الشعوب العربية في ظل أنظمة أسرية عصاباتية مافيوية بدأت تأفل غير مأسوف عليها. من خنق للأنفاس قبل الحريات ونصب المشانق للأحرار ودعاة الإصلاح، فانزاح هؤلاء الأحرار والمصلحين إلى الفضاء الافتراضي واتخذوه بديلا موازيا للفضاء الواقعي الذي أقسموا على تغييره.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثورات العربية، الربيع العربي، وسائل الإعلام، المد الإعلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-07-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  تقنيو القاعدة يكشفون تطفل CIA
  الظاهرة الجهادية ومعضلة الإعلام المؤدلج والمأجور
  غزال فرنسا وضواري تمبكتو
  إرهاب أمريكا يطال "جبهة النصرة"
  بين إنجيلينا جولي ورمضان البوطي
  كفى من شيطنة التيار السلفي
  الخطاب الجهادي المغشوش
  هل هي مقدمة ثورة ضد التبعية؟
  عام دون بن لادن..هل تتهاوى "القاعدة" ؟
  المد الإعلامي وانحسار الديكتاتوريات
  الجهاديون في سوريا: المسار والمصير
  هل فعلا انتكس الإسلاميون في ليبيا ولماذا ؟
  هل ينتهي الربيع العربي بالمصالحة مع المشروع الجهادي ؟

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
خالد الجاف ، يحيي البوليني، مصطفى منيغ، عبد الله زيدان، مجدى داود، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إيمى الأشقر، أحمد النعيمي، وائل بنجدو، فهمي شراب، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد الياسين، أبو سمية، أ.د. مصطفى رجب، حاتم الصولي، صفاء العربي، أحمد ملحم، د. عبد الآله المالكي، فوزي مسعود ، ضحى عبد الرحمن، سليمان أحمد أبو ستة، أنس الشابي، صفاء العراقي، د - شاكر الحوكي ، الهادي المثلوثي، صلاح الحريري، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، محمد علي العقربي، حسني إبراهيم عبد العظيم، يزيد بن الحسين، بيلسان قيصر، فتحي الزغل، سفيان عبد الكافي، محمود طرشوبي، مراد قميزة، د - المنجي الكعبي، د - صالح المازقي، حسن الطرابلسي، صباح الموسوي ، كريم فارق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سلام الشماع، رحاب اسعد بيوض التميمي، سعود السبعاني، د.محمد فتحي عبد العال، د- محمود علي عريقات، فتحي العابد، سيد السباعي، د - محمد بنيعيش، المولدي اليوسفي، جاسم الرصيف، د - عادل رضا، أحمد الحباسي، رشيد السيد أحمد، عبد الغني مزوز، سامر أبو رمان ، عمر غازي، د. أحمد محمد سليمان، طارق خفاجي، د - مصطفى فهمي، د. صلاح عودة الله ، د. أحمد بشير، عزيز العرباوي، الناصر الرقيق، مصطفي زهران، د. طارق عبد الحليم، طلال قسومي، د- محمد رحال، محمود سلطان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، علي الكاش، سلوى المغربي، علي عبد العال، محرر "بوابتي"، رمضان حينوني، محمد أحمد عزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، تونسي، منجي باكير، إياد محمود حسين ، رافع القارصي، أحمد بوادي، أشرف إبراهيم حجاج، حميدة الطيلوش، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، محمود فاروق سيد شعبان، عراق المطيري، عبد الله الفقير، نادية سعد، ماهر عدنان قنديل، حسن عثمان، عبد الرزاق قيراط ، صلاح المختار، د- جابر قميحة، محمد اسعد بيوض التميمي، د - الضاوي خوالدية، عبد العزيز كحيل، د. خالد الطراولي ، فتحـي قاره بيبـان، كريم السليتي، سامح لطف الله، إسراء أبو رمان، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد العيادي، محمد يحي، المولدي الفرجاني، عمار غيلوفي، الهيثم زعفان، ياسين أحمد، العادل السمعلي، رافد العزاوي، صالح النعامي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، رضا الدبّابي، عواطف منصور،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة