ماهر عدنان قنديل - سوريا / الجزائر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5124
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عندما اذكر شارل ديغول، بومبيدو، جيسكارديستان، ميتيران، شيراك وساركوزي، فانا اكتب اسماء رؤساء الجمهورية الفرنسية الخامسة، وسبب ذكرهم هو ان كل فرنسا واطياف كبيرة من شعوب العالم تنتظر اسم الرئيس الفرنسي الجديد. والسؤال هل سيبقى اليميني الوسطي ساركوزي ام سيكسبها اليساري الوسطي هولاند اقوى المرشحين؟ هل سنتعرف على اسم سابع يضاف للستة اللذين ذكرتهم على راس الجمهورية الخامسة، ام سيبقى عددهم ستة ببقاء 'ساركو' ؟!، فالتوقعات والاستطلاعات توحي بان الدور الاول سينتهي بفارق بسيط بين ساركوزي وهولاند، ليشتعل الصراع، وتلتهب انوار مدينة الانوار باريس خلال الدور الثاني، الغير واضح المعالم الى غاية الان. حتى الصراع على المركز الثالث، يبدو حامي وساخن، بين اليمينية المتطرفة لوبان، وميلونشون اليساري الراديكالي، وفي اوساط اليسار اصبح ميلشون بافكاره اليسارية المتطرفة يشكل خطرا كبيرا على هولاند، كما في اليمين، تحرز لوبان المتطرفة خطرا على ساركوزي الوسطي، رغم ان الفارق الذي قد يحصل، سيكون من خلال الغالبية الصامتة اللتي لاتنتمي لاي حزب، اللتي تجد في الغالب ضالتها الانتخابية في اجدى الشخصيات المقدمة من قبل اليمين المعتدل (الاتحاد من اجل حركة شعبية) او اليسار المعتدل (الحزب الاشتراكي) وهذا ما يعتمد عليه ساركوزي وهولاند، ففرنسا تعيش حاليا فترة حالكة لم تعرف لها مثيل منذ 5 عقود ما سيدفع بالناس الى الذهاب الى الصندوق للرمي بافكارهم.
واذا خرجنا من ممثلي اكبر حزبين في البلاد وهما 'الاتحاد من اجل حركة شعبية' (ساركوزي) و'الحزب الاشتراكي' (هولاند)، سنجد ان الثلاث نساء والخمس رجال الباقون، ليسوا الا تكملة عدد، او ما يسمى في العاب القوى 'ارانب' لمساعدة الاخرين: فمارين لوبان المتطرفة اليمينية اللتي كان ابوها اكبر معادي للسامية حتى وصل به الامر الى انكار المحرقة اليهودية، ما سبب سخط شعبي يهودي عليه، حتى راى البعض انه الشخص الوحيد الذي اتفق على كرهه اليهود والمسلمين في فرنسا، 'مارين' ولانها تعرف سخط التيار اليهودي عليها التقت في امريكا بسفيراسرائيل لدى الامم المتحدة، محاولة مص الغضب عليها، رغم ان اليهود يعتبرونها بخطابها الناعم اكثر خطرا من ابوها، لان همها فقط اصلاح صورة الحزب المنكسرة في عهد ابيها، وبهذا تريد تحقيق جمهور اوسع، لوبان لم تتخلى خلال حملتها الانتخابية عن خطابها وهجومهاعلى الثالوث المعتاد (النخب، المهاجرون، الاسواق المالية) ودعت الى الاستفتاء اذا تم انتخابها حول الانسحاب من اليورو والعودة الى الفرنك الفرنسي.
اما ميلونشون اليساري الراديكالي، المولود في طنجة المغربية، وهو الذي لا يرى مستقبل لفرنسا بدون المغاربة، فهو يعكس بذلك افكار اليسار المتطرفة، واصبح ينافس بقوة هولاند داخل اليسار، فافكاره تبدو العكس الصحيح لافكار لوبان اليمنية، ولذلك يرى الملاحظين ان الصراع بينهم سيكون قوي على المرتبة الثالثة.
اما صاحبة النظارات الخضراء، او بالوان حزبها الاخضر، ايفا جولي (من اصل نرويجي)، اللتي حققت مركز ثالث خلال احدى مسابقات الجمال قديما في النرويج، تمثل مع حزبها الايكولوجي اليساري فكر الخضر في فرنسا (اي الكنفيديرالية البيئية)، جولي اللتي قوبلت طلباتها باقامة يوم عطلة في اعياد المسلمين واليهود برفض شاسع، جولي ورغم محاولتها ادخال الاخلاق على السياسة الا انه تلقى معارضة شديدة حتى من داخل الحزب نفسه، وتبدو فرصها ضئيلة.
اليميني الوسطي، ورئيس حزب 'الاتحاد من اجل الديمقراطية الفرنسية'، فرنسوا بايرو تبدو شعبيته ليست اكثر، بل ممكن اقل من 2007 عندما جاء ثالثا وراء 'رويال' ب18%، فوزير التربية مع ميتران وشيراك (من 1993-1997) تبدو نقطة قوته اللتي يرتكز عليها هي النظام التعليمي، وهي نقطة لا يهتم بها الشارع كثيرا حاليا، خاصة مع الازمة الاقتصادية ومشكلة المهاجرين ...، ومن خلال برنامجه يبدو انه يريد التقارب مع'الحزب الاشتراكي' حزب هولاند، بل صار من المؤكد ان اصوات حزبه ستذهب لهولاند في الدور الثاني.
اما البقية، فجاك شوميناد، مواليد الارجنتين، مؤسس ورئيس حزب 'التضامن والتقدم' فحزبه هو الوجه العاكس لافكار الامريكي 'ليندون لاروش'، فهدفه الدفاع في فرنسا وفي انحاء العالم على السلام بالتقدم الاقتصادي، والمساواة.
اما ناتالي ارتو، زعيمة 'الحزب العمالي'، وخلفت على راس الحزب المخضرمة 'ارليت لاجوييه' اللتي خاضت ستة مرات غمار الانتخابات دون جدوى (1974-2007)، ناتالي ارتو لم تغير شيئا من اهداف الحزب، اذ تعهدت انها في حال انتخابها رئيسة لفرنسا ستفرض ضرائب كبيرة على رؤوس الاموال وارباب العمل والشركات والمؤسسات المالية فضلا على التوزيع العادل لثروات الشركات على كل العاملين فيها وليس على مالكها فقط. اما نيكولا دوبون اينان، فهو يميني التوجه، و رئيس حزب 'الجمهورية الدائمة'، المدافع على افكار دي غول او ما يسمى ب 'الديغولية'. في حين فيليب بوتو الناشظ النقابي والسياسي، صاحب الافكار اليسارية يبدو ان ترشحه للانتخابات لم يكن اكثر من مجرد ظهور واظهار افكار يؤمن بها الرجل، ولكن مشكلته انه لن يجد من يؤمن بها شعبيا، لذلك صرح هو شخصيا انه ينتظر انتهاء الدور الاول ليعود الى حياته الطبيعية، مرشح الحزب الاحمر'الحزب الجديد ضد الراسمالية' يبدوانه عرف قدره قبل يوم الانتخاب.
هكذا اذن هو الطريق الى الاليزيه، مليئ بالاشواك، سينتهي بتنصيب احد العشرة يوم السادس من مايو المقبل، الا اذا تم حسمها من الدور الاول يوم 22 ابريل، بحصول احد المرشحين على نسبة تفوق 50%، وهذا مستبعد جدا، بل ومستحيل.
ماهر عدنان قنديل
محام، كاتب وباحث (سوري/ جزائري) مقيم في الجزائر حاليا
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: