البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات
   رأي مأزق هنية

سيناريوهات تونس الانتخابية والغموض المريب

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 117



غربلت الهيئة الانتخابية المنصّبة في تونس المترشحين للرئاسة ونخلتهم، وخرجت على الناس بـ 3 مرشحين من أكثر من 100 إعلان ترشح، وعلى الناس أن يختاروا من بينهم، وإن لم يكونوا خياراتهم التي من أجلها أسقطوا مبدأ مقاطعة الانقلاب وإجراءاته، وخاضوا متحمسين في الترشيح والتزكية.

تفاجأ كثير من الناس بجرأة الهيئة الانتخابية على إقصاء الأسماء الوازنة، ما أسقط كل التخمينات التقليدية في الماء، فلا مرشحي المنظومة القديمة قُبلوا ولا مرشحي الصف الديمقراطي نجوا.

سكتت التخمينات القديمة كأن كاتبيها تلقوا ضربة على الرأس، ونحن ندخل مرحلة جديدة من التخمينات حول الرئيس المقبل، وليس لدينا أية معلومات أو استطلاعات تنير أمامنا طريق قراءة المشهد. لكن سنحاول وعلى قارئنا أن يعذر لنا الإفراط في التأويل، فالمعطى الأشد وضوحًا لدينا هو غموض المرحلة.

الناجون من الغربال
ثلاثة لا رابع لهم. الرئيس المنتهية ولايته. وقد نشطت آلة الدولة لصالحه فوفّرت له التزكيات الشعبية المطلوبة بأكثر من حاجته. لقد زكّاه قوم خائفون من تسجيل أسمائهم في قائمات تزكية معارضة له خاصة في الإدارة، ولم تتخلَّ عنه آلة الدعاية الإعلامية الرسمية المدجّنة على طريقة بن علي، وهو ما لم يحظَ به منافسوه. ولم يبلغنا خبر عن فرز تزكياته أو إسقاط بعضها كما حصل مع بقية المرشحين. وهو ما زاد في ريبة الناس من الهيئة الانتخابية التي نصّبها بنفسه.

أمين عام حركة الشعب، وهو حزب قومي مساند للرئيس ولحركته في 25 يوليو/ تموز، لم يتخلَّ عن الترويج له والدفاع عن قراراته بما فيها تعيين اللجنة الانتخابية. ولم يسعَ هذا المرشح في تجميع تزكيات شعبية، بل اكتفى بتزكية 10 نواب من البرلمان القائم، لأنه سبق له المشاركة في انتخابات قاطعها الجميع وضمن له نوابًا. لذلك إن حجمه الشعبي لم ينكشف مثل بقية المرشحين الذين شقوا شقاء كبيرًا في جمع التزكيات.

مرشح غامض جاء من أقصى المدينة. لم يحدث أية ضجة إعلامية في مرحلة جمع التزكيات، ولم يناوشه أحد من بقية المرشحين الذين خاضوا في أعراض بعضهم بشراسة ضيّقت فرصهم في التجميع. وجاء برصيد تامّ وكامل من التزكيات، وببطاقة السوابق العدلية التي مُنعت عن الآخرين بأسباب واهية، فوجدناه في الصف الناجي من الغربال، وبدأت الأسئلة حوله تتراكم ولا تجد إجابات حتى اللحظة. فهل يكون هذا المرشح المريب هو رئيس تونس القادم؟

بروفايل الرجل الغامض
النجاة المسترابة من الغربال جعلت المعلومات تتوارد، فقد كان نائبًا برلمانيًا مغمورًا ضمن حزب نداء تونس، بعيدًا عن نواب الضجة الإعلامية، ثم ظهر من جديد في برلمان 2019-2021 (المعتدى عليه) ضمن حزب قلب تونس (نبيل القروي)، وظل في مقعد خلفي مجتنبًا الظهور الإعلامي، ولم نعثر على إمضائه في قائمات سحب الثقة من رئيس البرلمان حينها، وتبيّن أنه رجل أعمال ناجح يستثمر في منطقة داخلية حيث نشأ (ولاية سليانة أو قلب تونس المفقَّر).

سمعنا له فيديوهات ينصح فيها الناس بالتفكير مثلما ما يفعل الرئيس، وقلنا هذا تملُّق أنيق، لكن هل كانت نصيحته لنفسه فاتخذ بها سبيل الغموض الذي اتخذه الرئيس الحالي في انتخابات 2019، حتى وجدناه رئيسًا مجهولًا؟ يبدو رجلًا أنيقًا في مقتبل العمر وله لغة فرنسية سليمة، من خريجي مدارس النخبة، لكن هذا لا يرفع عنا حالة الريبة التي تحيطه، والتي ضاعفها قبوله السهل مقارنة بعملية صيد الساحرات التي تعرّض لها بقية المترشحين.

مرشح الجيش والقوة الصلبة؟
هنا ندخل فعلًا في منطقة التخمين. فالسائد عندنا أن القوى الصلبة لا تتدخل في السياسة، وهي جملة نرددها خوفًا لا إيمانًا. فالانقلاب صناعتها من وراء حجاب مدني، ولدينا يقين أنها تعرف بوسائلها غير البسيطة حالة التذمر الفاشية بين الناس من سياسات المنقلب غير المجدية، وهي لا تقف طويلًا عند صفحات الدعاية السعيدة بإنجازات وهمية تكشف فقر الحلول وعجز الفكرة. فهل قررت تغيير الرئيس بوجه مدني آخر، ومواصلة إسناد ما بُني على اعتداء على الديمقراطية؟

إن هذا يعني تخليها عن الرئيس الحالي دون حركة انقلابية لا تعجزها لو رغبت، لكنها الأعرف بأن الداخل لا يقبلها والخارج المتربّص لا يشرعها. وإذا سلمنا بهذه الفرضية (وهي فرضية)، فإن شراسة الهيئة الانتخابية في إقصاء كل المرشحين تفسَّر بأنها تعمل لدى القوى الصلبة، وأنها مسنودة ومحمية ولا تخشى أية متابعة قضائية لاحقة، كما ينوي المطرودون فعله في الأيام القادمة.

فتكون الهيئة قد نظّفت الطريق بأمر عسكري صارم من كل احتمال رئيس متنطّع لا يقبل هيمنة المؤسسات الصلبة على سياساته في المرحلة القادمة. وقد أُقصي فعلًا كل من يشتمّ فيه رائحة مرحلة ما قبل 25 يوليو/ تموز، ممّن قد يعيد الاستقطاب الأيديولوجي وحرب الإقصاء التي خربت الانتقال الديمقراطي السلس.

لم يكن يمكن إهانة الرئيس بإقصائه في مرحلة التزكيات، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة بالقانون، وهو رجل لا يمكن توقع ردود أفعاله على الإهانة، وتشبّثه بالبقاء يسبّب حرجًا كبيرًا للقوة الصلبة.

وأبقت للزينة على مرشح حركة الشعب، وهي تعرف أن لا حجم له في الشارع، ودليلها أنه لم يفلح حتى في تجميع مكونات التيار القومي العربي بتونس، وتجنّب الحزب تجميع التزكيات الشعبية والتسلُّل عبر التزكيات النيابية، فضلًا عن أن عقله السياسي الباطن انقلابي في العمق وغير معارض لدور المؤسسات الصلبة في الحكم، ويمكن استيعابه بسهولة.

حالة بهتة من أمر مدبّر
أعقب قرار اللجنة ومعرفة الثلاثي الفائز وخاصة وجود المرشح الغامض حالة من “البهتة”، وطرح الجميع السؤال من أين جاء الرجل الغامض وكيف؟ من جمع له التزكيات من جغرافيا متعددة لم يرَ فيها الناس أنصاره ينشطون (الموغلون في سوء الظن قالوا إنها تزكيات مخدومة في مكتب يملك معطيات التونسيين الخاصة، لكنه تخمين بظن سيّئ). وفي غياب نشر قائمات التزكية لن نعرف من زكاه ومن أية جغرافيا في الداخل والخارج، وهو شرط صحة التزكيات.

رجل هادئ طيع ناجح في عمله الخاص، بلا ماضٍ أيديولوجي، ولا يستعمل معاجم النخبة المعروفة بل يعطي انطباعًا بأنه تكنوقراط عملي بلُغة إدارية سلسة، وهو بروفايل مطلوب لمرحلة الخروج من اضطراب سياسي وفشل اقتصادي واجتماعي.

لم يتكلم بسوء عن فرنسا ولا عن أحلاف خارجية محتملة حتى الآن، وسياساته الخارجية لم تنكشف، وننتظر مرحلة الدعاية الانتخابية قبل 6 أكتوبر/ تشرين الأول لنسمعه أكثر. هل هو رئيسنا القادم؟ أعدَّ لنا في مواجهة الرئيس الحالي بحيث نهرب إلى غموضه من رعبنا من وضوح الرئيس الحالي، فنذهب إلى الصناديق لنصوّت له كأننا نملك الخيار فعلًا؟

أيها القارئ المبجّل هذه تخمينات، فإن كنت مهتمًّا فتربّص بها جانباً حتى تتضح لنا الصورة، فالمعطى الثابت الوحيد في الساحة التونسية هو الغموض.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، إنتخابات، قيس سعيد، انقلاب قيس، المعارضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-08-2024   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد العيادي، د. صلاح عودة الله ، يزيد بن الحسين، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد يحي، كريم فارق، سامر أبو رمان ، عمر غازي، مجدى داود، نادية سعد، أحمد النعيمي، عراق المطيري، ياسين أحمد، عمار غيلوفي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الله الفقير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صلاح المختار، منجي باكير، رمضان حينوني، د - صالح المازقي، سلوى المغربي، د - مصطفى فهمي، أحمد بوادي، بيلسان قيصر، عبد الله زيدان، محمد الياسين، د. أحمد محمد سليمان، محمد الطرابلسي، سلام الشماع، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مصطفى منيغ، محمود فاروق سيد شعبان، محمد أحمد عزوز، عواطف منصور، تونسي، طلال قسومي، سليمان أحمد أبو ستة، د. أحمد بشير، عبد الغني مزوز، د- محمد رحال، أشرف إبراهيم حجاج، أنس الشابي، أحمد ملحم، الناصر الرقيق، رافد العزاوي، عزيز العرباوي، المولدي الفرجاني، مراد قميزة، د. ضرغام عبد الله الدباغ، كريم السليتي، صباح الموسوي ، صفاء العربي، رضا الدبّابي، صفاء العراقي، محرر "بوابتي"، حاتم الصولي، عبد العزيز كحيل، محمود طرشوبي، الهيثم زعفان، خالد الجاف ، أحمد الحباسي، عبد الرزاق قيراط ، يحيي البوليني، رافع القارصي، العادل السمعلي، فهمي شراب، رشيد السيد أحمد، سفيان عبد الكافي، علي عبد العال، فوزي مسعود ، فتحي الزغل، د - عادل رضا، حسن عثمان، سيد السباعي، إيمى الأشقر، فتحي العابد، صلاح الحريري، محمد شمام ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - محمد بن موسى الشريف ، د- جابر قميحة، سعود السبعاني، ماهر عدنان قنديل، جاسم الرصيف، د. عبد الآله المالكي، وائل بنجدو، إسراء أبو رمان، د- محمود علي عريقات، د.محمد فتحي عبد العال، الهادي المثلوثي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - المنجي الكعبي، سامح لطف الله، د - محمد بنيعيش، علي الكاش، إياد محمود حسين ، ضحى عبد الرحمن، حميدة الطيلوش، د- هاني ابوالفتوح، مصطفي زهران، أ.د. مصطفى رجب، محمود سلطان، محمد عمر غرس الله، أبو سمية، حسني إبراهيم عبد العظيم، صالح النعامي ، د - شاكر الحوكي ، د - الضاوي خوالدية، حسن الطرابلسي، محمد علي العقربي، د. خالد الطراولي ، فتحـي قاره بيبـان، د. طارق عبد الحليم،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة