البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

معارف علوم الإنسانيات تبحث في مساحة "كيف" وليس "لماذا"

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 112
 محور:  المفكر التابع

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


ذكرت في كتابات سابقة أن عموم مايدرس من معارف في حقل الإنسانيات بجامعاتنا يوظف حقيقة في عمليات الإلحاق الذهني بالمركزية الغربية

وسأفصل ذلك في ما يلي:

- المعارف التي تدرس تقدم أنها علوم، فهم يقولون علم الاجتماع وعلم التربية وعلم النفس وغيرها
هنا يمكن أن نفرق بين أمرين:
أولا المعرفة أي مساحة المعاني المعلومة التي تمثل نتيجة سعي فكري سابق انتهى للوصول إليها
ثانيا الأساليب والمناهج التي اعتمدت للوصول لتلك المعارف، هذه الأدوات اعتمدت في عمليات التفكير الموصلة للمعرفة

إذن هناك معرفة وهناك تفكير وهما نسبة للمعنى، المعرفة معالجة لمعاني معلومة والفكر بحث في المعاني المجهولة، لكن لايوجد شيىء مستقل بذاته اسمه علم، وإن كان لفظ العلم يستعمل تجوزا أنه موجود بذاته

الحقيقة أن العلم صفة تلحق بأمر ما، فهو إضافة إما للمعرفة تجوزا أو لعملية التفكير أصالة أي البحث، فنجد بالتالي تفكيرا علميا يؤدي لمعرفة علمية بسبب تولدها من التفكير العلمي، فوصف المعرفة بالعلمي وصف بالانتساب وليس أصيلا كوصف التفكير بالعلمي

- العلم إضافة لموجود كما قلت سابقا وليس مستقلا، وبرهان ذلك أنه لو كان العلم مستقلا لكان العلمُ بالعلم دورا، وذلك لايجوز عقلا، فثبت أن العلم لازمه الالتصاق بأمر ما
بالتالي لايصح أن توصف معارف الإنسانيات التي تدرس بجامعاتنا علوما، إنما هي معارف مشتقة من طرق تفكير علمية تسمى مناهجا علمية
حتى التي تسمى علوما فهي مناهج علمية كالرياضيات، إذ هي طرق بحث وتفكير

- العلمية صفة تلحق المنهج وليس المعرفة أي تلحق الإطار والطريقة ولاتلحق المحتوى، وأن يكون المنهج علميا فذلك يعني أن طرق تحصيل الفكر اتبع مناهجا مضبوطة
أما المعرفة المنتجة فهي مساحة المعاني المحصلة من خلال المعالجة التي تنظر في آليات تفاعل المعنى فقط داخل إطار البحث مع الإقرار بصوابية وجوده

- المنهج العلمي ينظر في كيفية عمل عينة البحث وآلياتها ويتتبع القوانين المحركة لذلك، وكل هذا يتم بمناهج علمية
لكنه في كل ذلك ولكي يكون العمل علميا، يفترض صوابية الموجود موضوع البحث في تأسيسه الأول ولا يراجعه، أي أن الباحث العلمي لاينظر في "لماذا" وجد ذلك الإطار موضوع البحث ولا ينظر في مدى صوابيته نسبة لإطار أعلى مرجعي عقدي

- سبب عدم إلتفات البحث العلمي لمساءلة الإطار المرجعي ليس لعدم حاجته لذلك، وإنما بسبب تسليمه وافتراضه أن الإطار المرجعي الأعلى أي ما أسميه المركزية العقدية، يفترض أنه متجانس وليس محل اعتراض وأن الواقع في تأسيساته الأولى سليم وصواب

لذلك يتحرك النظر العلمي والفعل المعرفي المشتق منه في مساحة الأجوبة عن أسئلة "كيف"، أي البحث في آليات عمل فواعل عينة بحثية، من دون الاهتمام بمدى صوابية تلك العينة من حيث وجودها أساسا

أي أن البحث العلمي منهجيا لاينظر في سؤال "لماذا" وجدت تلك المسألة بما يجعله يراجع التأسيس الأولي للواقع، لأن الفرضية البحثية تنطلق من صوابية التأسيس الاولي ولا تعتبره موضوع مراجعة

- ثم إن البحث باعتماد سؤال "كيف"، ينظر في الآليات ولا ينظر في طريقة توجيهها وتوظيفهها الذي يكون بالبحث في سؤال "لماذا"
فهم مثلا يقولون لنا إن المنحرفين أخلاقيا إنما ينحرفون لأن لديهم قابليات ذهنية وأسرية واجتماعية لفعل الانحراف، فهذا بحث في "كيف"
لكنه لايبحث في سؤال "لماذا" وقع توظيف تلك القابليات لضخ محتويات سيئة، أي لماذا أساسا توجد العوامل المساعدة على الإنحرافات، لماذا نتحرك في مستوى الفرد ولاننظر في سلسلة الأسباب الأولى قبل أن توقع بالفرد ضحية لها
هذا سؤال "لماذا" لايطرح لأنه سؤال يراجع ويمس بالتأسيسات القيمية العقدية التي يتحرك فيها الواقع ويعتبر مسألة لاتناقش

------------

خذ مثلا، البحث العلمي يمكن أن ينظر في مسألة التفكك الأسري بالمجتمع، وسيجد عواملا متعددة وهي كلها صحيحة نسبة لإطار ما وهي أجوبة على اسئلة "كيف"، وهي تمثل الآليات المحركة والمنتجة لعوامل العينة بالمجتمع
بالمقابل ذلك البحث العلمي لا يمكنه ولايصح له أن يبحث في أسئلة "لماذا" التي تتناول الإطار المؤسس لفرضية الواقع

أي لايمكن النظر في لماذا أصلا يقع الزنا من فرد مسلم، ولماذا يقع التبرج
"لماذا" تسائل الفعل بينما "كيف" تقبل بالفعل وتبحث فيه تقنيا

لايمكنه أن يبحث في "لماذا" يقع القبول بعوامل الإفساد الأخلاقي، لأن إطار البحث التصوري لايعتبر الزنا مشكلة تستحق البحث ولايعتبر التبرج الموصل للتفكك الأسري مشكلة ولايعتبر الأسرة كمنظومة قيمية كلاما ذا معنى

إذن البحث العلمي باعتباره أدوات، ينضبط بتصور عقدي ما مؤسس للفهم الأولي، لذلك المعرفة المنتجة بطريقة علمية وهي عموم مايسمى علوما إنسانية، هي بالضرورة معارف تتحرك في أفق تصور عقدي ما أعلى لايمكنها أن تخرج من سقفه، وهو حاليا المركزية الغربية وعلويتها ووحدانيتها التي تقدم في صورة أنها قيم كونية

- لفهم فكرة أن معارف الإنسانيات تتحرك في مساحة "كيف" وليس "لماذا"، يمكن تقريبها بالتالي:
الذي يتعلم سياقة سيارة يتعلم تفاصيل كيف يسوق ويسأل معلم السياقة، بسؤال: "كيف"
كيف أقود وكيف أوقف السيارة وكيف أرجع للوراء وكيف أشعل الأضواء
لكنه لايسأل "لماذا"
لايسأل لماذا المقود دائري ولايسأل لماذا اضغط على 'الأمبرياج' قبل تغيير السرعة وغيرها

لأن "لماذا" تلك تدور حول اسئلة تتعلق بالمنظومة ككل، لا يسأل "لماذا" إلا من يريد المفاضلة بين منظومات، بين السيارات أو بين السيارة والطائرة أو الباخرة
أي أن سؤال "لماذا" هو سؤال حول المنظومة في تأسيساتها

---------------
فوزي مسعود
#فوزي_مسعود

الرابط على فايسبوك
. معارف علوم الإنسانيات تبحث في مساحة "كيف" وليس "لماذا"


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فايسبوك،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 30-01-2024  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء