فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 395 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لايصح أن ترفض أداة أو أن تحولها لاختيار وحيد في كل الحالات، لأن الأداة مجرد وسيلة لتنزيل وتنفيذ فكرة أو إنجاز عمل، ولا تعلق لتلك الأداة بمحتوى ذلك العمل الا في ما يتيحه استعمالها
إذن مادامت الوسيلة تتحرك في معاني متعلقة بمفهوم الأداة فلا مشكلة في التعامل معها، وإنما الاعتراض يطرح حينما تتحول تلك الأداة لأكثر من وسيلة، أي حينما تستعمل في كل الحالات أي تنتشر على كل الشريط الزمني الممكن وعلى كل مساحة الاحتمالات
بعض عينات ذلك، التظاهر أو استعمال العنف كوسائل لنقل موقف سياسي وتنزيله في الواقع
التظاهر يصح في حالات معينة، لكنه لا يقبل في أوضاع أخرى مما لا تجب فيها التظاهرات
العنف السياسي وعموم الأعمال المقاومة، فإنه لا يصح رفضه في المطلق مثلما يتداول عادة، وإنما العنف طريقة تستعمل لتنزيل مواقف تتطلبها موازين القوة وشرعية العدو أو المغالب عموما
العنف يجب أن يستعمل كحل وحيد في حالات معينة، لكن نفس العنف لا يمكن وأحيانا لايجب أن يستعمل في حالات أخرى
اذن لا يصح عقليا رفض أداة معينة دائما كالقول برفض العنف أو رفض التظاهر في كل الحالات، ولا القول بتبني تلك الاساليب كطريقة نقل موقف وحيد في كل الحالات
وسبب فساد هذا التصور أنه مبني على فرضية أن تلك الوسيلة لا تعلق لها بموضوعها مادامت دائما هي الحل الوحيد أي أننا اخترنا الوسيلة قبل أن نعرف المشكلة، مما يحولها لأكثر من أداة لأن الأداة تكون لاحقة عن الموضوع لا سابقة عنه، فالأسلوب الذي يستعمل في أسبقية عن موضوعه يتحول لمصادرة، وهذا يحصر مسبقا طرق الحل، ويجعل تلك الطرق ليست حلا حقيقة
فالذي يقول باستبعاد العنف أو استبعاد التظاهر دائما أو الذي يقول بتبني أحدهما دائما كحل وحيد، إنما يحكم مسبقا بتعقيد حل مشكلته ويستبعد جزءا من الممكنات
نفس الملاحظة حول استعمال اللغة الأجنبية، فتلك اللغة مادامت مجرد أداة لنقل المعنى والتواصل، فإنه لا باس من استعمالها، لكن حينما تتحول اللغة الأجنبية لأكثر من ذلك، وإنما تصبح معبر إلحاق ذهني وإقناع بالتبعية للغير مثلما هو الحال في تونس مع اللغة الفرنسية، فذلك يعني أن اللغة أصبحت تتحرك في مساحة غير مساحة أداة التواصل وجاوزتها لغيرها وهي مساحة المنظومة العقدية وعلينا ساعتها رفض تلك اللغة