فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 574 محور: الفرد التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أرأيت ذلك الذي كلما وقع أقل حادث في الطريق، مثل تخاصم بسيط بين اثنين، أو تلاسن بين صاحب سيارة ومواطن، تجده يسارع للتجمهر والتفرج مشدوها فاغرا فاه كأنه طفل، وينسى نفسه وهو يحملق ويشاهد بلذة غريبة، وسرعان ما تتكون حلقة عظيمة من أمثال هؤلاء حول لاشيئ
بينما العملية كلها لاقيمة لها، وإنما هي عقلية طفولية لم يستطع الكثير أن يتخلص منها ولم يواز نضجه البدني نضج ذهني بحيث يكف عن هذه الرغبة البدائية في مشاهدة أي فعل فيه فرجة أو إثارة
هناك دافع وطاقة داخلية لاتنضب للفرجة والتنقيب عن الأحداث والغرائبيات والفضائحيات، هي التي تمثل المحرك لمواقف عموم الناس الذين تجدهم يتعاملون مع أحداث الواقع السياسية والمصيرية بعقلية الحَضَب والتجمهر الطفولي وإعادة نقل الحدث بتناولات تبسيطية، فيكون فعلهم ذلك خادما لسادة الواقع من أولئك الذين يتحكمون في الأحداث
عقلية الحَضَب من حيث أنها تقرب للخلل النفسي الذي يغلب الفرد عن أمره، لا يمكن لصاحبها التحكم فيها، لذلك لايمكنه تجاهل الحدث أو الصمت ولايمكن للفرد أن يكبح نفسه للمساهمة في الترويج وإعادة نقل الإشاعات، فتتضخم الأحداث وتتشعب
عموم هؤلاء يتعاملون مع الواقع أنه الحقيقة، فهم يفترضون أن كل ما وجد فهو صحيح وصواب (1) يستحق التوقف عنده، وهذا هو أصل التبسيط المؤدي لغيره، وهو تصور غير سليم، الواقع ليس الحقيقة والموجود ليس بالضرورة صوابا
هذا ما أراه كتفسير لتهافت الناس كل مرة وتدافعهم للمشاركة في كل ما يبرز من أحداث من دون التوقف والنظر هل يصح أصلا ذلك، ولا يستوعبون كون مواقفهم تلك هي ردود أفعال تساهم في خدمة منتج الفعل، فضلا أن الفعل ذاته الكثير من الأحيان فيه نظر
----------------
(1) إن أردنا الدقة الصوابية لاتعني الصحة، وقد كتبت في هذا من قبل، لكن هنا استعمل اللفظين بمدلولهما التقريبي حيث الصحة هي الصوابية