حول المسؤولية الفردية مرة أخرى: لاتطلبوا من الآباء أكثر مما يستطيعون
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 535 محور: مختلفات
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يكتب بعضهم يقول أن عليك توعية ابنك وتربيته للتصدي لتلك الانحرافات والمسلسلات وغيرها، وانه لاخير في ابنك وفيك إن لم تنجه بتربيتك من ضغط الواقع، وهذا كلام فيه بعض صحة فقط، لكن فيه كذلك إسراف كبير وعدم دقة
هذا كلام غير سليم بل وخطير لأنه ينتهي لتكريس آليات الافساد التي تتحكم بواقعنا مادمنا ننزهها ولانعترف بوجود منظومات هي التي تفسد كل شيىء بل لانعترف اصلا بشىء اسمه منظومة للتشكيل الذهني ومازلنا نعتقد ان الفرد عنصر سائب هكذا لا قدرة لاحد في التاثير عليه، وأن الفرد إن فسد فهو بقرار خالص منه وإن صلح فبإرادة خالصة منه، وأن واقعنا تحركه افعال تنشأ تلقائيا من دون فواعل سابقة تتحكم بالواقع
ومثل الذين يقولون أن تربية الفرد وتوعيته تكفي للتصدي للواقع، مثله كمثل الذي يزعم أن الشجاعة الفردية تكفي لمواجهة عصابة مسلحة هجمت واقتحمت على أحدهم شجاعا بيته، فماذا تفيد الشجاعة أمام السلاح وماذا تنفع الشجاعة امام كثرة عدد المعتدين، ثم تنكبه العصابة في بيته وما غلا من محتوياته، ثم نلوم الفرد رغم ذلك كيف يحصل ماحصل وهو شجاع
الذي يطلب من الفرد التصدي للواقع رغم كل منظومات الاخضاع التي تتهدده، يفترض من ذلك الفرد ان يكون مسددا بالوحي بحيث لايتأثر بأي سوء
الحقيقة أن الواقع تتحكم فيه منظومات للتشكيل الذهني، ويلزم من ذلك ان الفرد له مسؤولية صغيرة في سلسلة مسؤولية الافعال، وان الكلام الذي كان يصح حول مسؤولية الفرد قديما لم يعد صالحا الان، لاننا الان نشهد وجود منظومات للاخضاع الذهني وهي التعليم ثم الثقيف والاعلام، لم تكن موجودة من قبل
ثم نتيحة كل هذا أن من يريد ان يغير الواقع عليه التعامل مع ادوات التوجيه الذهني لكي يتاح للفرد مزيدا من الحرية في الرفض والفعل عموما
علينا تحرير ادوات التشكيل الذهني من سيطرة منظومة فرنسا، وهو التحرير الذي سيحولها لادوات تخدمنا وتعكس تصوراتنا ومجالنا المفاهيمي الدائر في مركزيتنا العقدية
حينما نحرر منظومة التشكيل الذهني فإننا نحرر سلسلة المسؤوليات التي تؤثر في الفرد وستصبح مهمة الفرد يسيرة للتصدي للانحرافات التي ستقل بطبيعتها وسيصبح العبىء المطلوب منه مواجهته ضئيلا