الثورة السورية والمال السياسي وأثره في افشال الثورة
د.محمد رحال - السويد
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5246
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من هناك، من درعا البلد ومن رحم المسجد العمري المبارك انطلقت الثورة السورية العظيمة والتي وصفها شيخ الثورة احمد الصياصنة حفظه الله بانها ثورة الكرامة، وما ان انطلقت حتى حاول النظام الذي استعد جيدا لهذه الثورة وبدأ في حملة قمع رهيبة نالت من اهالي البلدة والذين استقطبوا دعما لامحدودا من ريف حوران والذي ثار باكمله الى جانب درعا البلد في لحظات تاريخية سجلت لهذا الشعب العظيم، واستفرس النظام على الشعب الاعزل، ومن هناك بدات المؤامرة بالدعاية عبر كل وسائل الاعلام بان الثورة السورية هي ثورة سلمية، وهو طعم قاتل وقع به ابناء حوران، وساهم ابن حوران هيثم مناع والذي يحتفظ بعلاقات مشبوهة دائمة مع النظام في اثارة هذه الدعاية بان الثورة سلمية، بل وسارع النظام الى استثمار تلك الدعايات الاعلامية بقوله ان من يثور على النظام هم مجموعات مسلحة، ولهذا فقد القى كل من كان لديه قطعة سلاح سلاحه وخرج الى الشوارع متظاهرا مستجيبا الى نداء التظاهر السلمي والذي قوبل بهمجية واجرام منقطع النظير من النظام المجرم، وكنت خلالها ادعو وبقوة الى تجنب المظاهرات السلمية الغير محمية كي لايقتل شبابنا مجانا، ولكن حملة مسعورة ضدي قادها اقطاب المعارضة مجتمعين تدعو الى اعتباري عميلا للنظام لاني كنت ادعو الى حماية التظاهرات وحماية الاعراض التي كانت تنتهك وتغتصب علنا، وكانت رصاصات القناصة تنال من الجميع اطفالا وشيوخا وشبابا ونساء دون رادع، واستمرت دعوات السلمية تأكل من شبابنا، واستمر القتل والاعتقال الجماعي والمقابر الجماعية بحيث ان عداد أرقام القتل والاعتقال توقف منذ الاشهر الاولى للثورة.
لقد استعد النظام من اجل الاطاحة بالثورة، وجهز نفسه عسكريا ومخابراتيا وامنيا والكترونيا، وفتح المجال لصفحات الفيس بوك وقوى الشبكة العنكبوتية واستورد وبالتعاون مع العراق وايران احدث اجهزة الكشف والتنصت والتلصص على خطوط الهاتف العام والجوال والانترنت، ولكن الثورة اتسع نشاطها وامتد شرارها فسارعت عاصمة الغوطة دوما باعلان ثورتها، وفوجيء ابناء سورية باجمعهم بالثورة في بانياس والتي تعاطف معها الشعب السوري لمكانها قي قلب مايسمى الساحل السوري.
الثورة في حوران اعطت الامل في نفوس ابناء سورية ولهذا فقد بدات تنشط التنسيقيات السرية، وكانت اول تنسيقية في مدينة ادلب وتلتها تنسيقية باب سباع في حمص ثم تنسيقية صلاح الدين في حلب ثم تنسيقية جبلة، ثم تنسيقية دير الزور، هذه التنسيقيات والتي بنيتها بنفسي ويشهد اصحابها على ذلك كانت سرية للغاية، ثم انتشرت فكرة التنسيقيات لتكون الحدث الابرز في الثورة السورية، فلولا التنظيم السري وشعبية ذلك التنظيم لما استطاعت الثورة الامتداد هذا الامتداد العنكبوتي المتشابك والذي اربك النظام الامني مما دفعه الى تاسيس مئات التنسيقيات الامنية والتي ساهم الاعلام العربي المتواطيء مع الامن السوري في الدعاية لها، وبرز عبر الاعلام شهود عيان لاوجود لهم وممثلي تنسيقيات هم جزء من النظام الامني وتطورت تلك الاتحادات الالكترونية الى مجالس للثورة ثم اصبحت مجالس وطنية وكان ذلك على حساب التنسيقيات التي بقيت سرية، وكان للاعلام العربي دورا مهما في تضليل الشارع السوري بحيث اصبح المتحكم في تسميات يوميات الاسبوع ليس لهم علاقة بالتنظمات السرية لهذه التنسيقيات، وامتد الخطر الاكبر الى التمويل الهائل الذي حظيت به تلك التنسيقيات الالكترونية والتي يقود معظمها سياسيون طامحون في الخارج باعوا ذممهم وضمائرهم محاولين سرقة الثورة، مستغلين تواطىء الاعلام العربي والذي انقاد لهم وتامر معهم على الثورة، وامام دعاية اعلامية هائلة فقد سرقت كل الاعانات والتي كان من المفروض ان تصل الى الثورة لتكمل طريقها وكانت تلك المساعدات تذهب الى جيوب كل من له صلة بالاعلام العربي وعلى راسه قناة الجزيرة والتي كانت توظف مراسليها وتسمي مهامهم الوهمية في الثورة، درجة اصبح بعض الاطفال الاعلاميين مثار عطف عالمي في بعض المدن في الوقت الذي كان فيه شباب الثورة في سورية يستشهدون بكل حماسة ويقتلون تحت التعذيب او القنص او على الحواجزوعشرون كتيبة مقاتلة في حمص وحدها لم ينل اي من قادتها فرصة الظهور ولو لمرة واحدة على الشاشات الفضائية فضلا عن باقي القادة في عموم سورية،بل وكان هذا الاعلام نفسه يحرض على بعض المدن كمدينة حلب والتي خرجت بعض احيائها منذ الايام الاولى للثورة وذلك من اجل ايغار الصدور على ابناء تلك المدينة .
لقد كان الغرض من التنسيقيات هو تنظيم الثورة وقيادتها لتكون هي المرحلة الاولى من تنظيم مسار الثورة، ولكن الاعلام العربي والمصالح الغربية والتدخل العربي حول تلك التنسيقيات الى غاية بدلا من ان تكون وسيلة للثورة للوصول الى اهدافها، وكان لابد من ان تتحول تنسيقياتنا الى كتائب عسكرية، واعلنت عن ذلك، ولم اكن اتوقع ابدا ان يسرق لصوص الثورات الفكرة، وبنوا عشرات الكتائب المسلحة الوهمية، واستطاعوا استجرار المال السياسي واغراق الثورة به، وتحولت كتائب الثورة الى مجرد ارقام بيد من يدفع، بل ولقد ساهم المال السياسي بتشتيت الكتائب المسلحة، فبعد ان كان الجميع يخرج في تظاهرات موحدة فان هذه التظاهرات انكمشت وضعفت، واصبحت كتائب الثورة تتكلم عن انتماء سلفي او اخواني او جيش حر او مجالس عسكرية او تنظيمات اخرى وذلك بحسب التمويل القادم او الموعود به، واستمر هذا التمزيق بين الكتائب المسلحة وتحول بعضها الى كتائب تتربص المساعدات واصحاب الوعود.
لم يعد احدا يتهمني باني سأدمر الثورة بعد ان افاق عامة الشعب السوري على حقيقة ان هذا النظام لن يترك السلطة بالطرق السلمية، ولكن نفس الدعاة الى السلمية وبدلا من الاعتذار والانسحاب من الثورة فانهم ركبوا موجة التيار المسلح لانه اصبح اكثر ربحا لهم، واستطاعوا تطويق الثورة بمنع المال عن الثوار مما ساهم في تعطيل الثورة، وبدلا من ان تتوحد كل الكتائب المسلحة فانها تشتت وتمزقت على يد تجار الثورة، بل ومارس هؤلاء دورا قذرا في اطالة امدها لان طول الثورة يساهم بملء الجيوب واصبحت التجارة بمقاطع الفيديو تجارة رائدة، واصبحت المقاطع تشترى بثمن بخس من تلك الكتائب ويجمعها مختصون بجمع المال بعد ان يتفقوا مع تلك الكتائب المسلحة على ذكر ان الكتيبة تابعة لزيد او عمر، وبدأ الاهتمام بعدد المقاتلين وليس بامكانياتهم وذلك من اجل الحصول على الدعم.
الاخطر من هذا وذاك ان تجار الثورة كانوا دهاة في الوصول الى منابع المال، واشترك الدهاء مع الجشع مع اختراقات الدولة الامنية في تجفيف منابع الثورة، واصبح للثورة ممثلين وهميين لها وعلى ارض الواقع فان الثوار ليس لهم الا الله مما دفع بعضهم لبيع ولائهم لكل الجهات مما اعطى انطباعا سيئا عن ان الثوار مجرد لصوص وكاذبون، وبالواقع فان هذا السلوك الذي اجبروا عليه كان بسبب الحاجة الشديدة الى المال والسلاح من اجل استمرار الثورة والتي لايقف معها الا اصحاب المصالح.
الثورة في سورية وبعد دخول المال السياسي فانها انعطفت نحو امارات عسكرية تهدد مستقبل الثورة ويتحمل ذلك الاحزاب التي فقدت رصيدها واكثرها احزاب تدعي انها اسلامية في الوقت الذي نجدها تتاجر بدماء الشهداء والارامل واصحاب الحاجة، ولقد فضحت الثورة السورية الجميع بحيث اصبحت هذه الثورة تسمى بالفاضحة لانها فضحت النظام العربي الكاذب والدول الاوروبية والمعارضة البائسة والتي شوهت الثورة السورية بسبب حجم الجشع السياسي والمادي الذي مارسته، وتحول اسم المعارضة السورية في الخارحج الى كابوس على قلب الثوار في الداخل، وتحول المال السياسي الى وباء ينتشر في جسد اعظم ثورة في التاريخ الحديث.
ان السلفيين غير مستعدون ان يقدموا اي مساعدة الا لمن يدعي ان ثورته سلفية، وان الاخوان لايساعدون الا من يرفع راية مرشدهم، وان العلمانيين غير مستعدون لدعم نشاط الثوار في الداخل، والدول العربية لاتساعد الا من ينفذ اجندتها وبعد ان يركع ثوار سورية لهم ويسجد للحاكم العربي او الثري العربي سجدتي شكر والكثير من شعر المديح... وكل وله تفسيره ولم اجد بين المانحين من يقدم للثورة السورية دعما لوجه الله الا فيما ندر لتتحول الثورة السورية الى ثورة حسبها الله وحده امام اصرار عالمي على منح المجرمين قتلة الشعب السوري المزيد من الفرص من اجل ابادة الشعب.
واكثر مايغيظني هم شيوخ هذه الامة والذين انصرفوا للدعاء للثورة السورية على الفضائيات دون ان يكون لهم اي تحرك شعبي ناسين ان الدعاء لايكون الا بعد اكتمال شروطه ولهذا فان دعاء شيوخ امتنا لم يصل الى صاحبه حتى الان لانه يخرج من الافواه وليس من القلوب الصادقة، ووحده الشعب السوري يدفع ضريبة ثورة هي للعالم كله.
وبالواقع لابد لي من ان اسجل اعجابي بكفاءة الاخوان المسلمين وحسن تنظيمهم من اجل سرقة الثورة السورية والاتجار بدماء الشهداء، وفقدانهم لاي حس اسلامي يربطهم بدماء الشهداء، لان هدفهم الوحيد عبر تياراتهم اقتناص المساعدات والوصول الى اي كرسي الى السلطة معتبرين انفسهم انهم وحدهم المسلمون بفضل انتمائهم للتنظيم وبيعتهم للامام المرشد، فلا اسلام الا اسلامهم، ولابيعة الا بيعتهم، والامة ضالة ويحق لهم الكذب والتعويل والتاويل والتجارة باعراض الناس وقسم الايمان الكاذبة وبث الاشاعات ضد من لايروق لهم، ومستعدون لبيع انفسهم والتعامل مع الاباليس من اجل الكرسي، وهم من ابرز من ساهم في عثرات الثورة السورية دون خوف او وجل من الله، والويل كل الويل لمن يقف في طريقهم فان شريعتهم تبيح لهم تسليط سفهاءهم على كل من ينتقد سلوكياتهم مستغلين اسم الاسلام والاسلام منهم براء.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: