إشكالية النهضة بين الفكر القومي العربي والصحوة الإسلامية
نادية سعد المشاهدات: 12736
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لقد مرت أمتنا الإسلامية بعدة أزمات وهزائم، ولكنها كانت دائمًا تستعيد مجدها وتنهض من كبوتها، غير أن ما يميز المرحلة الحالية.. أنه منذ سقوط الخلافة العثمانية واحتلال فلسطين، وأمتنا تتعرض لهزائم ونكبات متتالية، ولم تظهر ـ إلى الآن ـ أية مؤشرات تشير إلى بدء النهوض، بل بالعكس ازدادت التهديدات لثوابت الأمة وهويتها وعوامل وجودها.
وحول هذا يقول سيد قطب: لو كان مقدرًا لهذا العالم الإسلامي أن يموت لمات في خلال القرون الطويلة، التي مرت به، وهو مكبل بالقيود، وهو في حالة إعياء عن الحركة بعد أن حمل عبء الحضارة الإنسانية طويلاً، وبعد أن تعب فاسترخى ونام، والاستعمار الغربي إذ ذاك فتي فتهيأت له الفرصة، ودانت له معظم أطراف الأرض، وكان ثقله كله على صدر العالم الإسلامي النائم .
لو كان مقدرًا لهذا العالم الإسلامي أن يموت لمات في خلال فترة الاسترخاء والإعياء، وفي إبان فتوة الاستعمار وقوته، ولكنه لم يمت، بل انتفض حيًا كالمارد الجبار يحطم أغلاله وينقض أثقاله ويتحدى الاستعمار الذي شاخ.
ومن ثَّم يأتي كتاب (إشكالية النهضة بين الفكر القومي العربي والصحوة الإسلامية) للشيخ غازي التوبة محاولة؛ لإيضاح العوامل التي أدت إلى عدم نهوض أمتنا وتسليط الأضواء على أهم الأخطار التي تهدد أمتنا، من خلال تفحص دور إيديولوجية القومية العربية والقيادات القومية التي حاولت إيجاد نهضة في القرن العشرين، ومناقشة دور الصحوة الإسلامية وقدرتها على نقل الأمة نقلة نوعية.
وجاء الكتاب في أربعة فصول:
الفصل الأول: أيديولوجيا القومية العربية: الفشل في تحقيق النهضة وظروف النشأة.
عرض الكاتب في بداية الفصل كيفية تعميم أيديولوجيا القومية العربية في مختلف الأقطار العربية، ثم فصّل في فشل أيديولوجيا القومية العربية في تحقيق أهداف النهضة، ثم تساءل في فقرة تالية: لماذا انفصل العرب عن الأتراك؟ ثم قارن بين مفهوم "العروبة" في التراث وعند القوميين العرب، وأبرز كيفية تحويلهم مفهوم "العروبة" إلى أيديولوجيا، وملئه بمضامين جديدة مخالفة لما كان عليها في التراث، ثم تساءل: كيف نظر القوميون العرب إلى العصور المتأخرة من تاريخنا بخاصة عصري المماليك والعثمانيين؟ وذلك؛ لأن النظرة الخاطئة ستؤدي إلى حلول خاطئة، وبيّن في هذه الفقرة أنهم اعتبروا هذين العصرين عصري انحطاط و استبداد؛ لأن القيادات فيهما غير عربية، وناقش قولهما ذلك، وبيّن خطأ تحقيب تاريخ أمتنا إلى عصور نشأة وترجمة وازدهار وانحطاط، ونقل مناقشة الدكتور جورج صليبا لتلك المقولة وأدلته على أخطائها، ثم ناقش مقولتهم في أن تاريخ أمتنا تاريخ استبداد، وبيّن أن وجود القرآن الكريم كدستور يحدّد الحقوق والواجبات للحاكم، يلغي أصلاً من أصول الاستبداد، وبيّن وجود عدد كبير من الوسائط بين الحاكم والمحكومين في تاريخنا الإسلامي تعطي فسحة من الحرية والأمان للمحكومين.
الفصل الثاني: أيديولوجيا القومية العربية: تحليل المضمون.
شرح الكاتب في بداية هذا الفصل النظريات التي تعلّل نشأة القوميات في أوروبا، ثم انتقل إلى تحليل مضمون أيديولوجيا القومية العربية عند ساطع الحصري، ثم بيّن آراءه في العلاقة بين الأديان والأمم بشكل عام والدين الإسلامي بشكل خاص، ثم وضّح أن أيديولوجيا القومية العربية التي طرحها ساطع الحصري، والتي تقول: بأن الأمة تقوم على عاملي اللغة والتاريخ لا تستطيع أن تعلّل لنا كيفية وجود الوحدة الثقافية، والوحدة النفسية، ووحدة العادات والتقاليد، ووحدة العواطف والمشاعر والآلام والآمال، ووحدة الأجناس إلخ...، ثم بيّن في الفقرة التالية دور القرآن الكريم والسنة المشرفة في بناء الأمة الإسلامية، فوضّح دورهما في بناء الوحدة الثقافية، ووحدة الأجناس والأعراق والقبائل، ووحدة العواطف والتكوين النفسي المشترك إلخ.
الفصل الثالث: الصحوة الإسلامية: مظاهرها، أسبابها، محدودية فاعليتها.
جاءت الصحوة الإسلامية ردة فعل على محاولة الأيديولوجيا القومية تغريب الأمة، فبيّن في هذا الفصل مظاهر الصحوة الإسلامية، وبيّن كل ما يقال ويكتب عن أسبابها، ثم رجّح أنها تعبير عن الوحدة الثقافية في هذه الأمة، ثم وضّح في الفقرة الأخيرة من هذا الفصل أنها لم تنقل الأمة نقلة نوعية، وحدّد أسباب ذلك.
الفصل الرابع: الأخطار التي تهدد الصحوة والأمة الإسلاميتين.
بيّن الكاتب في هذا الفصل الأخطار التي تهدد الصحوة والأمة الإسلاميتين فكانت ثلاثة أخطار:
الأول: القطرية: وقد مر هذا الخطر بمرحلتين:
ــ الأولى: تقسيم الأمة المسلمة إلى أمتين: أمة عربية وأمة تركية.
ــ الثانية: التأسيس الثقافي لكل قطر على حدة.
الثاني: "إسرائيل": بيّن فيه تطورات قيام "إسرائيل"، ثم عرض لمخاطرها على المنطقة.
الثالث: العولمة: شرح في هذه الفقرة معنى العولمة، وأخطارها، وأبرز هذه الأخطار: نسبية الحقيقة. ثم عرض لمسألة نسبية الحقيقة عند عدد من الكتاب: طه حسين، حسين أحمد أمين، نصر حامد أبو زيد، محمد شحرور، ثم أنهى هذا الفصل بالجواب على سؤال هو: كيف يمكن أن نوفّق بين نصوص ثابتة ووقائع متغيرة؟
وفي خاتمة الكتاب، يأمل الكاتب الاستفادة من تجربة القرن الماضي، والتي تجسّدت في فشل القومية العربية في إحداث النهضة، ودعى إلى ضرورة الانطلاق من واقع الأمة المبني حول الإسلام في كل المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية إلخ... في المرحلة القادمة من التغييرات المنشودة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
13-09-2010 / 08:47:54 وليد من برشلونة
احذروا ؟؟ دهن الخنزير في بيوتنا
احذروا ؟؟ دهن الخنزير في بيوتنا
بسم الله الرحمن الرحيم احذروا ؟؟ دهن الخنزير في بيوتنا كان احدالأصدقاء يعمل في منطقة بفرنسا ( بيغال قسم الأغذية) وذلك في قسم الغذاء. علما بان عمله يتطلب أن يقوم بتسجيل كافة الأدوية والسلع والأطعمة. فإذا قامت أي شركة بإنتاج سلعة معينة يجب أن تصدق من قبل قسم الأغذية ، وهذا الصديق يعمل في قسم مختبر جودة الأغذية ، وبالتالي من الواجب عليه أن يقوم بفحص كافة المنتجات ومحتوياتها. بعض مكونات تلك الأغذية كانت عبارة عن أسماء علمية بحته ، ولكن البعض الآخرمنها كان عبارة عن أرقام ، وعندما سال صديقي عن السر في تلك الأرقام للمسئول ، رد عليه " قم بواجبك فقط وبدون أي أسئلة!" أثارت هذه الإجابة الشك في ذهن صديقي وقام بالبحث في الملفات والتحري عن أسباب وطريقة التسمية التي تشكلت بأرقام فقط ،وما .فتم تغيير الخطة! واستبدلوا عبارة دهون الخنزير إلى تسمية أخرى وهي ( دهون حيوانات ) عبارة عن أبقار ومواشي وعندما استفسرت السلطات الإسلامية عن طريقة الذبح حرام اكتشفوا بان الحيوانات ليست مذبوحة وفقا للشريعة الإسلامية فتم المنع مرة أخرى ! مما أدى أيضا إلى عجز بمقدار 75% من بيع المنتجات إلى البلاد الإسلاميةوهذا يعني خسارة الملايين من الدولارات نتيجة العجز عن التسويق لهذه المنتجات في البلاد الإسلامية . وأخيرا بدأوا بطريقة التشفير ، فدائرة الأغذية فقط هي التي تعرف طريقة هذه الرموز والشفرات لكي يتم التعارف عليها ومعرفة مكونات الأغذية والتي تبدأ بحرف (E) والتي تدخل في العديد من مكونات المنتجات التي تصل إلينا نحن المسلمون ومنها : معجون الأسنان ، كريم الحلاقة ، معجون الحلاقة ، الشكولاته ،الحلويات ، البسكويت ، رقائق الذرة ، الحلويات ، الأكل المعلب ، الفاكهة المعلبة . فضلا عن العديد من الأدوية التي تشير مكوناتها بوجود فيتامينات متعددة. لذلك اطلب من جميع المسلمين الأفاضل بالتأكد وقراءة محتويات أي سلعة تجارية سواءغذائية أو صحية أو غيرها قبل الشراء كالتدقيق على انتهاء صلاحية المنتجات، وقد أرفقت مجموعة من الرموز المشفرة بالحرف (E) والتي تجاور عادة هذه الرموز بكلمات وعبارات علمية خادعة مثلا : ليسثين الصويا ، زيت بذور اللفت النخيل وبزرالكتان ،حليب أبقار ، مكونات نباتيه ، والتي تدل على احتواء المنتج على دهون الخنزير : E100, E110, E120, E 140, E141, E153, E210, E213, E214, E216, E234, E252,E270, E280, E325, E326, E327, E334, E335, E336, E337, E422, E430, E431, E432, E433, E434, E435, E436, E440, E470, E471, E472, E473, E474, E475,E476, E477, E478, E481, E482, E483, E491, E492, E493, E494, E495, E542,E570, E572, E631, E635, E904. علما بان هناك أيضا سلع ومنتجات بها تلك الرموز وقد لا تحتوي على دهن الخنزير ولكن أضرارها مختلفة وهذه هي : منتج بدهدن انخنزير: E101-E102-E103-E111-E120-E123-E124-E126-E127-E128-E141-E152-E210-E213-E214-E206-E234-E252-E270-E280-E325-E326-E327-E334-E336-E337-E374-E420-E422-E430-E431-E432-E433-E434-E435-E436-E442-E470-E471-E472-E473-E474-E475-E476-E477-E478-E780-E481-E482-E483-E488-E489-E491-E492-E493-E494-E495-E542-E550-E570-E577-E591-E631-E632-E633-E904. موادمشكوك فيها: E104-E122-E141-E150-E153-E171-E173-E180-E240-E214-E477-E151. موادتسبب آلام المعدة: E226-E224-E223-E211-E221. مواد تسبب ارتفاع ضغط الدم: E320-E321-E250-E251-E252. مواد خطرة ومحرمة في أمريكا وبريطانيا: E127-E124-E123-E120-E110-E102. مواد ممنوعة دولياً: E103-E105-E111-E217-E239-E330-E121-E125-E126-E127-E130-E152-E181-E211-E212-E213-E214-E215. موادتسبب السرطان: E102-E123-E124-E131-E142-E210-E211-E212-E213-E214-E215-E217-E220-E239-E251-E330-E311. موادتسبب اضطراب معوي: E221-E223-E224-E226. مواد تسبب طفح جلدي: E230-E231-E232-E233-E311-E312. مواد تزيد نسبةالكولسترول: E320-E312-E463-E464-E466. مواد تسبب اضطراب في الهضم: E338-E339-E340-E341-E407-E450-E461-E462-E463-E465-E466. موادتدمر فيتامين ب 12 E220. تسبب مشاكل للبشرة: E250-E231-E232-E233-E311-E312 علمان بان الرموز غير الضارة هي : مواد غيرضارة: -E132-E140-E160-E161-E163-E170-E174-E175-E200-E201-E202-E203-E236-E237-E238-E260-E261-E262-E263-E281-E282-E300-E301-E302-E303-E304-E305-E306-E307-E308-E309-E322-E331-E332-E333- E335-E400-E401-E402-E403-E404-E405-E405-E406-E408-E410-E411-E413-E414- E421. وأتمنى أن تتحقق مسؤوليتنا كمسلمين بإتباع نهج الشريعة الإسلامية والابتعادعن الحرام وتجنبه والقيام بنشر هذه الرموز إلى كل مسلم في العالم وان يحاول النصح إلى جميع من حوله ، وان يقوم هو وأهل بيته وأصدقائه بالتأكد من محتويات منازلهم من السلع والمنتجات المستوردة سواء العربية او الأجنبية والتي تشير في محتوياتها إلىوجود الرموز المشفرة بالحرف (E) والمذكورة أعلاه.ان هاذه مسؤولية كل واحد مسلم منا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم في الله وليد المغربي من برشلونة ارجو منكم بان تنشروه والحاضر يعلم الغايب
11-09-2010 / 09:54:05 إسلاميون لا قوميون
ردا على اللا دينى القومى المتعصب المتخلف إن وجود الحركات الإسلامية ولإسلاميون بصفة عامة هو ماحفظ لهذه الأمة بقائها واعلم أن الغرب لا يأبه لك لأنك تتكلم بلسان عربى ولكن من أجل أنه ممن يتكلم بهذا اللسان منيحمل دستور الله الخالد الذى لو مكن لهم لحكموا به فى أرجاء المعمورة بين العباد ولوضعوا من على شاكلتك حيث خرجتم من قمامة التاريخ ومخلفات القرون الوثنية أرجو أن تكون فهمت ومثلك لاعقل له أصلا ليفهم ولكنى أردت أن أكيدك ونحن باقون ولتمت غيظا وكمدا وحسرة كأسلافك الذين مضو وستلحق بهم وامصص بظر أمك.
19-05-2010 / 20:22:42 شيوعي قومي
ان فشلت القومية ف القرن الماضي وذلك بسبب بدء صحوة الاسلام الوهابي وبسبب رؤساء الدول العربية المعتنقين القطرية ولذلك ستفشل الاسلامية مثلها مثل القومية
26-01-2009 / 07:16:09 ابو سمية
بارك الله فيك اخ عبد الله على هذه المداخلة القيمة
25-01-2009 / 17:26:33 عبد الله
التلبيس والتدليس سرطان الأمة: علاجه...
بسم الله الرحمن الرحيم.
جزاك الله خيرا على الموضوع الجيد والذي كان السبب في الدفع بي للتوسع في الفكرة والإتيان بالتعليق التالي الذي قمت بجمعه من صفحات أخرى لعل الله أن ينفع به.
الخطأ والخطر الكبير الذي وقعت فيه الأمة المحمدية، تبنيها لأيديولوجية القومية العربية، فبسببها انفصل العرب عن الأتراك، بل تآمر العرب مع الروم الصليبي في الحرب العالمية الأولى على الأتراك لإسقاط الخلافة العثمانية مقابل حصولهم على استقلال “عروبتهم”، فكانت النتيجة كما أرادوا! سقطت الخلافة، ولكن لسوء نيتهم وخروجهم على ولي أمرهم أن سلط الله عليهم الروم الذي ما زال يستعمر أرضهم ويستحيي نساءهم ويذبح أبناءهم، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان! وللأسف أعمتهم قوميتهم العربية فلم يعتبروا وما زالوا يتآمرون مع الروم الصليبي على بعضهم البعض، بل الآن صار الأمر أفسد من قبل حيث بدأوا يتآمرون حتى مع المغضوب عليهم من بني إسرائيل على إخوانهم! فلهذا لا نستغرب إذا انقلب بعضهم على بعض، وسفك بعضهم دماء بعض لأنك كما تدين تدان!
أيديولوجية القومية العربية لم تكن فقط سبب من أسباب إسقاط الخلافة الإسلامية، بل هي السبب الرئيسي في تغريب الأمة، بل استطاعت أن تفسد على الأمة الإسلامية عقيدتها: أحزاب قومية وأخرى ماركسية وأخرى شيوعية وأخرى صوفية وأخرى علمانية وأخرى ماسونية وأخرى صليبية مسيحية! فلسان حال أنصار هذه الأيديولوجية يقول:
سلامٌ على كفرٍ يوحد بيننا ***** أهلاً وسهلاً بعده بجهنّمِ
هبوني ديناً يجعل العرب أمةً ***** وطوفوا بجثماني على دين برهمِ
بلادك قدمها على كل ملةٍ ***** ومن أجلها أفطر ومن أجلها صُمِ
فأيديولوجية القومية العربية عصبية مقيتة نتنة وعنصرية بغيضة، فيستحيل للأمة الإسلامية أن تحقق وجودها الفاعل إلا بالتخلص من هذا السرطان القاتل، ولا يمكن التخلص منه إلا بالرجوع إلى الإسلام، ولا يمكن للإسلام أن يؤثر إلا إذا تم أخذه بشموليته: أعني العمل بكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على فهم الصحابة رضوان الله عليهم.
مهما بلغ الإنسان في عراقة نسبه، فلن يصل إلى نسب أبي لهب –عم الرسول –صلى الله عليه وعلى آله وسلم– الذي أنزلت فيه سورة كاملة تتوعده بالعذاب الأليم يوم القيامة، وقد كان كثير من أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم– لا يملكون هذه العراقة في النسب، غير أن الله شرفهم بالانتماء لهذا الدين، والتضحية في سبيله، فقد كان بعضهم أصله من الفرس، وبعضهم من الروم، وآخرون من الموالي والعبيد، ولم يقدم الرسول –عليه الصلاة والسلام– سادة قريش وشرفائها عليهم لعراقة نسبهم:
خذلت أبا جهل أصالته ***** وبلال عبد جاوز السحبا
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات/13، وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات/10، وقال أيضا: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) التوبة/71، وقال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) آل عمران/195، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى، الناس من آدم وآدم من تراب)، وقال أيضا: (إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء إن أوليائي المتقون حيث كانوا وأين كانوا)
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ، وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} آل عمران/100-103. وسبب نزول هذه الآيات أن نفراً من الأوس والخزرج كانوا جلوساً يتحدثون فمر بهم شاس بن قيس اليهودي فغاظه ما رآه من ألفتهم بعد ما كانوا عليه من العداوة في الجاهلية. وقال والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم من قرار. فأمر شاباً من اليهود أن يجلس معهم ويذكرهم يوم (بُعَاث) وينشدهم بعض ما قيل فيه. وكان الظفر في ذلك اليوم للأوس. ففعل. فتنازع القوم وتفاخروا وتغاضبوا وقالوا. السلاح. السلاح، فاجتمع من القبيلتين خلق عظيم. فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين والأنصار من أصحابه حتى جاءهم. فقال: “يا معشر المسلمين ألله ألله. أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بين قلوبكم”. فعلموا أنها نزغة من الشيطان وكيد من أعدائهم فألقوا السلاح واستغفروا وعانق بعضهم بعضاً وانصرفوا مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
إن للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة دور كبير في بناء الأمة الإسلامية: بناء الوحدة العقائدية والإجتماعية والإقتصادية والعسكرية، ووحدة الأجناس والأعراق والقبائل، ووحدة العواطف والتكوين النفسي المشترك إلخ.
وأخيرا أختتم الموضوع بأبيات توجيهية ذكرها الفقيه الزاهد الألبيري -رحمه الله تعالى- في قصيدته:
فقابل بالقبول لنصح قولي = فإن أعرضت عنه فقد خسرتا
وإن راعيته قولا وفعلا = وتاجرت الإله به ربحتا
فليست هذه الدنيا بشيءٍ = تسوؤك حقبة وتسر وقتا
وغايتها إذا فكرت فيها = كفيئك أو كحلمك إذ حلُمتا
سجنتَ بها وأنت لها محب = فكيف تحب ما فيه سجنتا
وتطعمك الطعام وعن قريب = ستطعم منك ما فيها طعمتا
وتعرى إن لبست بها ثيابا = وتكسى إن ملابسها خلعتا
وتشهد كل يوم دفن خل = كأنك لا تراد لما شهدتا
ولم تخلق لتعمرها ولكن = لتعبرها فجد لما خلقتا
وإن هدمت فزدها أنت هدما = وحصن أمر دينك ما استطعتا
ولا تحزن على ما فات منها = إذا ما أنت في أخراك فزتا
فليس بنافع ما نلت منها = من الفاني إذا الباقي حرمت
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إلي
13-09-2010 / 08:47:54 وليد من برشلونة