فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 313 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
هناك جهتان كانتا ومازالتا تمثلان الخطر على التونسيين، وإن كان ذلك لايظهر للعلن بفعل عمليات التشويش والقصف الذهني التي تعيق الإدراك السليم لحقيقتهما
1- كليات الإنسانيات بجامعاتنا التي تحوّل أغلبها لمقرات ترويج للمركزية الغربية والإقناع بفضائل الإلحاق بها، من خلال تدريس معارف يُزعم أنها علوم بينما هي معارف بصيغة ايديولوجية لأنها مشتقة من سياق المركزية الغربية المغالبة، فهي جامعات عبارة عن إرساليات تبشيرية مسيحية نسبة لزاوية حماسها في الإقناع بالتبعية للغير وكره الذات
2- جزء من المشتغلين بالإسلاميات ممن يسمى علماء ومدرسين جامعيين ووعاظ ومفتين، أولئك الذين يقدمون معارفا ميتة، والذين يتحركون في هذا الواقع مدافعين عن أسسه ومحور دورانه وهي المركزية الغربية، أي إنهم عموم من يساهم في دعم الواقع من خلال الوظائف التي يؤدونها من دون رفضه أو مساءلة أسسه الفكرية
هؤلاء طرفان ظاهرهما أنهما أعداء لايلتقيان، لكنهما يتفقان موضوعيا في دعم الواقع والحفاظ عليه وتبرير منظوماته الفكرية الموجودة له، والمساهمة في مزيد تعميق تبعيتنا للمركزية الغربية ولمجالها المفاهيمي الذي يغذي منظومة التشكيل الذهني ومنها المعارف التي يدرسونها
لكن مع فرق أن كل منهما يساهم في تكريس الموجود من زاوية مختلفة
فكليات الإنسانيات بجامعاتنا التي يسيطر عليها منتسبو فرنسا، منتج أصيل للمركزية الغربية بتونس وتمثل ركنا هاما من منظومة فرنسا للتشكيل الذهني بغرض إخضاع التونسيين، إضافة للتثقيف والإعلام وباقي مكونات التعليم
بينما المشتغلون بالاسلاميات فإنهم يروجون للمركزية الغربية باعتبارهم ضحايا ومنتجا لاحقا لفعل الإقتلاع الذهني الذي يمثل عينة لنجاح منظومة فرنسا في مجهودات تحويل التونسيين والإقناع بكره الذات، فهؤلاء يمثلون نتيجة مجهود فرنسي ناجح لتكوين تُبّع وإمعات، مما أوجد جامعة الزيتونة بشكلها الحالي ومؤسساتها التي أصبحت لاتبعد كثيرا عن كلية "منوبة"
هاتان المنظومتان أي جامعاتنا شق الإنسانيات وعموم المشتغلين بالإسلاميات، تمثلان ما ذكرته من قبل أنه أعمدة لإنتاج العوائق الذهنية التي تحجز التونسيين عن فهم الواقع ومساحاته التي يراد حمايتها من أن يطالها الوعي والمراجعات، وتعطل الوصول لمرحلة إعادة النظر في تأسيسات الموجود الحالي الذي لم نساهم في تصميمه ولا تفعيله وإنما هو واقع خططته فرنسا وسلمته لمنتسبيها الذين يحكموننا منذ عقود من خلال خريجي هذه الجامعات وهؤلاء المتحدثين بالاسلام
ولن يصلح حالنا إلا بتفكيك منظومة فرنسا التي تحكمنا منذ عقود، ومن أول مكوناتها جامعاتنا شق الإنسانيات ثم هؤلاء المشتغلون بالإسلاميات ممن يوظف الإسلام ومعارفه لخدمة التمدد الفرنسي وتحكمها فينا