البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

التجارب السياسية تفشل لغياب مشروع فكري وليس لاعتبارات الديموقراطية أو الصبغة العسكرية لها

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 322
 محور:  المفكر التابع

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يقع تقديم تفسيرات عديدة لفشل التجارب السياسية منها غياب الحريات والديموقراطية، ويتفرع من ذلك التصور اعتبار حكم الأنظمة العسكرية عامل فشل، أو ضعف الرفاه المادي والاجتماعي الذي توفره تلك التجربة السياسية

أعتقد أن هذه تفسيرات قاصرة وهي إن صحت فلأنها متفرعة من سبب أهم أولي سابق وهو مدى توفر مشروع فكري يضبط تلك التجربة السياسية

يمكنني أن أقدم التصور التالي الذي يفسر أسباب فشل التجارب السياسية، وهو أن وجود أو عدم وجود منظومة فكرية أصيلة أي غير تابعة لتجارب الغير، مؤطرة للتجربة السياسية هو الذي يحدد مدى نجاحها وامتدادها زمنيا

البناء الفكري الأصيل، الذي تتغذى منه التجربة السياسية، ينتج صلابة تصورية تعصم ذلك المشروع من الزوال بسهولة، وهو سيولد بعد ذلك عوامل قوة أخرى تمتد للمساحات الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية

أصالة التصور العقدي والفكري لذلك المشروع يخلق مجال قوة ذهنية يجعل المنتمين إليه أصحاب رسالة ومسؤولية أمام الغير، ويجعلهم غير مرتبطين في تحديد صوابية أفعالهم ثم فاعليتها على عناصر الواقع، أي يحررهم من آراء الآخرين واعتمادها مسطرة في الفعل
لذلك حتى وإن تمت معارضتهم من قوى الواقع فإنهم سيثبتون وسيقاومون لأن قوتهم لا تتأتى من تقييمات ذلك الواقع المتغير ومكوناته، إنما قوة الدفع لديهم داخلية متأتية مما يستشعرونه من مسؤولية توجبها المهام الرسالية التي تفرضها عليهم ضوابط المشروع الذي يمثلونه وانتدبهم لتمثيله

لذلك يقاتل أصحاب المشاريع الفكرية بقوة عن أفكارهم ويسعون لإنجاحها حد التضحية الجسدية من أجلها
وباستقراء تجارب التاريخ الحديث سنجد أن نجاحها وفشلها حدده مدى توفر عامل المشروع الفكري، بقطع النظر عن طبيعة تلك التجربة مدنية أو عسكرية أو نجاح اقتصادي أو غيره

-----

لو طبقنا هذا التصور المبني على محورية المشروع الفكري في نجاح التجارب السياسية واقعا، من دون النظر من زاوية التقييم المعياري لتلك التجارب، سنجد التالي:

- مشاريع الحكم في عموم الدول الغربية مستقرة وناجحة نسبيا، لأنها لا تتعرض أصلا حاليا لمغالبات خارجية، لذلك هي تجارب مستقرة، وقد أثبتت تلك المشاريع السياسية جدارتها حين تأسيسها الأولي في مامضى، حيث كانت تجاربا فريدة نسبة لذلك الواقع

- مشروع الاتحاد السوفياتي وجد وتمدد بفعل مشروع فكري أصيل
- مشروع الصين الحالية بني على مشروع فكري أصيل

- إيران الحالية بنيت على مشروع فكري أصيل لم تسبق إليه

- الحركات القومية العربية (تجربة عبد الناصر، القذافي، البعث في العراق وسوريا) وصلت السلطة وتمادت فيها بفعل مشروع فكري أصيل لم تسبق إليه، وهذا مايفسر سبب قوة النظام البعثي بسوريا مثلا إذ رغم كل ما واجهه طيلة العقد الفائت فإنه لم يسقط، وهذا لايفسر بالاعتبار العسكري فقط وإنما لكون له اتباع يتبنون مشروعه الفكري

ثم إنه عكس مايعتقد البعض فإن تجارب حكم "البعث" في سوريا والعراق لم تنجح بفعل الانقلابات العسكرية فقط أو بسبب بطشها، ودليل ذلك أن فترة الخمسينات والستينات كانت التنظيمات الشيوعية متغلغلة في الجيش بمصر ولكن خاصة في العراق وسوريا وكانت أقوى من التنظيمات القومية، وفيها من استولى على السلطة كما فعل الشيوعيون فترة ما بالعراق، لكنهم لم ينجحوا في مشاريع الحكم، وتفسير ذلك حسب التصور الذي أقدمه، أن الشيوعيين كانوا يقدمون تجاربا سياسية غير أصيلة، حيث يريدون التحول لتوابع للاتحاد السوفياتي

- النظام السعودي نجح في مشروعه لأنه قدم تجربة سياسية فريدة تدور حول توظيف الجهاز الديني والإسلام عموما

- التجربتان الأردنية والمغربية، نجحتا رغم محيط انقلابات متنوعة خاصة فترة الستينات والسبعينات، وذلك بفضل نموذج فريد للحكم ينبني على شرعية مزعومة تقول بانتماء العائلة الحاكمة لنسب نبي الإسلام أو قبيلة قريش، مع فروقات في تفصيل ذلك بين الأردن والمغرب

بالمقابل، فإن بقية التجارب العربية الأخرى فاشلة ولم تدم لأنها تدور حول تجربة حكم تنقلها عن الآخر الغربي وتتخذه قدوة فهي ابتداء تقر بتبعيتها للآخر الأعلى النموذج، أو تسعى للتقرب من نظام حكم في دولة أخرى

ومن ضمن التجارب التي سيكون مصيرها الفشل وقد كان ذلك بدرجات، تجارب حكم الحركات الاسلامية بتونس ومصر والمغرب، فهي مشاريع فشلت لأنها لم تأت بمشروع فكري جديد، وإنما هي ألزمت نفسها بالدوران الفكري والعقدي والسياسي حول الآخر الغربي، فهي ستكون تجاربا لقيطة لا أصالة فيها وهذه مصيرها الزوال

---------
فوزي مسعود
#فوزي_مسعود

الرابط على فايسبوك
. التجارب السياسية تفشل لغياب مشروع فكري وليس لاعتبارات الديموقراطية أو الصبغة العسكرية لها


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فايسبوك،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-01-2024  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء