الشعائر لا تبرر وإنما قيمتها في الخضوع لها من دون فهمها: نموذج الحج والصلاة
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 560 محور: التدين الشكلي
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يكتب العديد في تعليل شعائر الحج والعمرة وسبب تقبيل الحجر الاسود، ثم يسرفون في تبريراتهم تلك فيقولون كلاما فيه تطرف، فهم يقولون أن أهمية الحجر الأسود تأتي من كونه أنزل من الجنة، ويقول آخرون في أهمية الكعبة أنها كانت مكانا يتعبد فيه منذ أول البشرية، ثم يذهب آخرون بعيدا فيزعمون أن الكعبة توجد بمنتصف الكرة الأرضية ثم يُبدئون ويعيدون في البرهنة على ذلك بأرقام وحسابات
وينتهج غيرهم نفس الاسلوب مع شعيرة الصلاة فيعمد للإغراق في تبرير الصلاة وإثبات فوائدها الصحية في حركات الركوع والسجود وأهمية كل ذلك للقلب وللظهر وللمعدة وغيرها
الحقيقة أن كل هذا الكلام لايوجد مايبرره من زاوية العمل التعبدي:
- هذه الكلام ينطلق من تصور يقول بوجوب توفر تبرير للعبادات، فإن لم يعرفه وجب عليه التنقيب على ذلك التبرير مما يوصل للشطط
- هذا الفهم يجعل العمل التعبدي مشروطا في وجوده بالتبرير، وهذا يعني أن سبب الفعل التعبدي مفهوم بالضرورة وينزله من مستوى الامر الملزم باعتباره عبادة، لمستوى موضوع للنظر العقلي
- هذا الفهم يريد القول أن الشعائر أعمال عقلية من حيث استيعاب سبب فرضها
- لو كانت العبادات أعمالا عقلية مفهومة لما كانت عبادة وإنما خدمات، وإنما عدم استيعاب القصد من فرضها هو مناط بُعد العبادة فيها، فأنت تؤديها رغم عدم فهمك سبب وجوبها وهذا هو معنى كونها عبادة وخضوعا
- هذا الفهم الباحث عن التبرير يشترط التعبد بفهم سبب وجوده وفرضه، أي أن كل تعبد علينا الانتفاع منه وفهمه، وهذا يعني ضمنيا:
أولا أن فهم انتفاء المنفعة من الشعيرة يجعلها غير ضرورية فيمكن للذي يتحرك من خلال تبرير الشعائر أن يقرر عدم ضرورة تلك الشعيرة ان كان تقييم الفائدة غير موجود
وثانيا يوصل للتصرف في تفاصيل الشعيرة وكيفياتها، لأن تبرير الكيفية طبيا أو غيره، يوصل لامكانية الاستغناء على بعض كيفياتها وتفاصيلها
- تبرير الشعائر الأرجح أنه كلام موجه لغير المسلم والقصد منه الاقناع بالاسلام، وهذا منهج فيه فساد
الاسلام دين في أساسه مبني على الإعتقاد وليس على التبرير العقلي، فإن قبل أحدهم الاسلام فسيقبله كله بما في ذلك شعائره، أما الذي يناقش في تفاصيل الشعائر فلا طائل من ورائه لأن عليه أن يقتنع بأمر سابق عن الشعائر ولن تزيد أو تنقص تفاصيل الشعائر من إمكانية قبوله أو رفضه الإسلام
اما استدعاء تبرير الشعائر في سياق الجدال مع الكفار ممن لايؤمن بالاسلام أو يعاديه، فهو عمل لامعنى له، لان هؤلاء يرفضون الاسلام كفكرة أي في مستوى الأسس وإن اعتمدوا على الشعائر فهو مجرد أداة للعناد فلا ينفع التوقف فيها كما توقفوا هم
إذن ليس علينا أن نبرر الحج ولاتقبيل الحجر الأسود لأنه في ذاته مجرد حجر لاقيمة له لولا أننا أمرنا بتعظيمه، ولا أن نبرر حركات الصلاة، هذه عبادات أمرنا بها ونحن ننفذها كما طلب منا خالقنا