فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 685 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الكفاءة لاتعني بالضرورة تميزا معياريا، السارق حينما يسرق فهو ذو كفاءة في فعل السرقة، فهذه كفاءة من حيث إنجاز العمل نسبة للهدف المرجو وهو أخذ ملك الغير بغير حق الذي هو فعل السرقة المصنف فاسدا معياريا
ورجل العصابة حينما يخطط لأعماله وينجح في التخفي عن أعين الأمن، تلك كلها كفاءات متميزة نسبة للفعل المرجو القيام به
وصف العمل بكونه سرقة أو إجراما ذلك تقييم معياري لاحق عن الفعل المادي، فالوصف المعياري لايلغي التقييم الموضوعي للمستوى المادي للفعل أي مستوى إنجازه بأنه ذو مستوى كفاءة متميزة وناجحة
هذا يعني بالتالي أن عدم التميز المعياري للفعل لا يعني عدم تميز نفس الفعل من حيث الكفاءة
إذن علينا الفصل بين الفعل كمستوى موضوعي سابق ثم التقييم المعياري كمستوى لاحق
ثم إن التقييم المعياري لا ينفي البعد الإيجابي لأي فعل مهما كان تصنيفه معياريا، لأن أي فعل له جانب من الايجابية، وأقل الايجابية في الفعل وجوده، لأن الوجود نفي للعدم والسلب، ولما وجد فذلك دليل إيجاب، فهذا الحد الأدني من الإيجابية لأي فعل
من زاوية التقييم المعياري، فإن الفعل السيىء هو كذلك نسبة للذي ينظر من مجال مفاهيمي معين بخلفية قيمية صنفت الفعل كسيىء، ولما كانت المجالات المفاهيمية غير شاملة وإنما هي تؤطر مجموعات فقط، كان معنى ذلك أن التقييم المعياري تقييم نسبي وليس تقييما مطلقا
هذا يعني أن ذلك التقييم المعياري السيئ يقابله في نفس اللحظة الزمنية تقييم معياري آخر ولكنه جيد ودليله وجود القائم بذلك الفعل، فمثلا فعل السرقة في اللحظة التي تقيمه بها أنت أنه فعل سيئ، فإنه في نفس تلك اللحظة هناك من يقيمه كعمل جيد ودليله أنه قام به
نفس الملاحظة تصدق في الأعمال الأخرى المنبوذة كأعمال العصابات فهي من جهة سيئة لكنها إيجابية لدى آخرين
لما كان الفعل بمستويين، مستوى الوجود الموضوعي أي الفعل كإنجاز مادي موضوعي ثم مستوى معياري لاحق أي تقييمه، ولما كان المستوى الثاني نسبي متغير عكس المستوى الأول، كان معنى ذلك أن الفعل في مستواه الثابت هو الفعل موضوعيا وليس الفعل معياريا
لذلك فإن وجود الكفاءة في العمل السيئ معياريا يجعله ينتشر وغياب الكفاءة في العمل الجيد معياريا يجعله خافتا
إذن تقييم الأفعال يجب أن يكون حسب العامل الثابت والمتوفر دائما وهو البعد المادي، ولما كان ذلك البعد يقيم حسب كفاءة الانجاز، فإن تقييم الافعال يجب أن يكون حسب كفاءتها بقطع النظر عن المعيارية
بالتالي فإن الأفعال الجيدة معياريا يجب أن تقيم حسب كفاءة إنجازها ولايكفي فيها تميزها المعياري الجيد، لأن أفْضال الفعل الجيد تكون أحسن حينما يكون الفعل منجزا بكفاءة أكبر
غياب هذه الفكرة تجعل البعض يعتقد أنه يكفي في العمل الجيد النية الحسنة، وأنه يكفي بدايته وأنه غير مسؤول على إنهائه وغيرها من التبريرات التي تفسر ظاهرة أن الافعال السيئة أكثر كفاءة من الأفعال الجيدة وأن المجرمين ورجال العصابات وأهل الباطل أكثر دقة وحرفية من أصحاب الحق والمتبنين لمشاريعه، لأن البعض يعتقد أن الفعل الجيد يكفي في جزائه أنه جيد معياريا وهذا لا يكفي كما بينت