البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

عن الحمار الذهبي والتنمية في تونس..

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 2238



زيارة ثانية لبلد خليجي ولكنها ليست زيارة تعزية، يجب أن نحمد الله على ذلك، فسفر الرئيس قد يكون خارج دبلوماسية الجنائز، ونحمده أيضا أن لم تكن هناك في قطر أكتاف للتقبيل، فلقد حمتنا الكورونا في عار إضافي. رأيت أو سمعت من يفرك يديه سعيدا بالمكاسب المرتقبة من الزيارة، وسمعت نواحا أيضا فقد تم بيع البلد لقطر الإخوانية.

صراع إعلامي متوقع بين أنصار قطر وأنصار الإمارات في تونس، دون أن ننسى المتفجعين على مصالح فرنسا في تونس، والذين يغفلون أن لقطر والإمارات استثمارات في فرنسا تفوق ميزانيات بلدهم الرازح تحت نير النقابات التي توسمها فرنسا بجائزة نوبل. في أجواء الحرب الإعلامية هذه، هل يمكن أن نحمل هذه الزيارة معاني ودلالات أكثر أهمية؟

الخليج ينتظر بايدن قبل قيس سعيد

رفع سقف التوقعات الأخيرة من زيارة قيس سعيد لقطر واعتباره انتصارا لمحور الربيع العربي؛ عمل مفرط في التفاؤل أو هو مواساة ذاتية، فالخليج العربي ينظر إلى البيت الأبيض ولساكنه الجديد، فمن هناك يأتي التأثير الحقيقي.

فمن هناك قام الديمقراطي باراك أوباما بتشريع انقلاب عسكري في مصر كسر موجة الربيع العربي ومد لمحور الإمارات في طغيانه، ومن هناك قام الجمهوري ترامب بتشريع حصار قطر، ومد في طغيان محور الإمارات وحلفائها حتى امتدت أذرعها الى تونس لتخريب تجربتها الديمقراطية.

تطلعات دول الخليج الى البيت الأبيض رغم ذلك ليست واحدة، فما تنتظره الإمارات ليس ما تنتظره قطر. فساكن البيت الأبيض هو من يمكن أن يفك قبضة محور الإمارات عن عنق قطر ويسمح لها بالتنفس، ومن يمكنه لو كانت لديه الخطة أن يحجّم محور الامارات ويعيد إطلاق موجة الربيع العربي المخنوقة بقبضة إماراتية، وقبل ذلك نعتقد أن قطر المكبلة بحصار خانق لا يمكنها أن تكون بنفس الفعالية المرجوة من الساعين إليها طمعا في المساعدة.

من هذه الزاوية أرى أن زيارة قيس سعيد ليست أكثر من زيارة مجاملة؛ تأتي ردا على زيارة الأمير القطري إلى تونس وتوجيهه دعوة بروتوكولية للرئيس التونسي.

المؤثر الحقيقي في بلدان الخليج هو خطة الرئيس الأمريكي للمنطقة، ولا نظن أن هناك اختلافا جوهريا بين الديمقراطي والجمهوري لجهة دفع التغيير نحو الديمقراطية ونشر الحريات.

ونعتقد أن وضع بلدان المنطقة على شفير الاحتراب الدائم دون السماح لها بانتصار في أي اتجاه؛ هو خطة قديمة تستعاد بتغيير أسماء الرؤساء. إن النوايا الحسنة التي قد تدفع قطر إلى مساعدة بلد يسعى في طريق الديمقراطية مثل تونس؛ تعادل عند البيت الأبيض نفس النوايا الخبيثة التي تصدر عن محور الامارات لتعطيل الديمقراطية في تونس وليبيا ومصر وغيرها. ووضع هذه التوجهات في حالة توازن قوة لا يسمح لأي محور بالانتصار هو السياسة المتوقعة بقدوم بايدن، ولو أمر بايدن برفع الحصار الخليجي عن قطر سنعتذر عن هذا التحليل.

ماذا يفعل قيس سعيد في قطر؟

على هامش الزيارة ألّف أصدقاء قطر رواية سريعة مفادها مصالحة بين رئيس الدولة ورئيس البرلمان المختصمين، بلا سبب واضح، ووسعوا المصالحة بين الرئاسات الثلاث بما يمهد لمرحلة من السلام السياسي والتفرغ لقضايا البلد الحقيقية، وبنوا خيالات كثيرة عن مساعدات قادمة لحلحلة الوضع الاقتصادي المتعثر. هل كانت لديهم معلومات لم تتح للعوام، أم أنهم يصطنعون وهْما انتصروا به على الإمارات في تونس وليبيا، ورأوا من خلاله الديمقراطية تعود في مصر.

في الواقع البعيد عن الأحلام الكسولة نتذكر أنه لم تكن قطر على خريطة الرئيس وعلى قائمة أصدقائه، فلم يثبت أن للرئيس خريطة ولا قائمة أصدقاء قبل أن تولى وبعد أن تولى، وهو الذي لم يتحدث أبدا في الدبلوماسية الاقتصادية. فالرجل يتحدث دوما في القانون الدستوري، حتى أنه ألقى خطابا في الموضوع في قطر (نخشى أن يكرره في زيارة محتملة إلى السعودية، حيث أن الحديث عن الدساتير يعتبر خروجا عن الملة).




الرئيس الذي اصطنع معركة مع رئيس حكومته ورئيس برلمانه في الداخل دون أن يقنع الشعب الكريم بسبب منطقي لهذه المعارك، لا نراه يفكر في أفق أوسع من درسه الدستوري المكرر، بما يقلل من الآمال المعقودة على زيارته إلى قطر واعتبارها فاتحة عهد تنموي جديد.

ونحن هنا لا نلقي عليه درسا، ولكن هناك مقدمات منطقية متاحة لعوام الناس يفهمونها بالحدس والفطرة. فالرجل الذي عطل المصالحة في ليبيا تحت زعم الحياد بين فرقاء، أغلق حدود بلاده وعطّل شريانا اقتصاديا كان يضخ فيها دما تنمويا كبيرا. وهو يشاهد الآن ميل الليبيين الى حلفاء آخرين في مقدمتهم تركيا التي تزود الآن طرابلس بغذائها عبر البحر، وهي التي تزودت دوما من تونس بالشاحنات الصغيرة كأي مدينة تونسية. من فعل هذا مع ليبيا لا يملك خيالا تنمويا يجعل زيارته الى قطر ذات أهداف تنموية. فالزيارة الاقتصادية لها تقاليد، وإن لم تكن للرئيس صلاحيات تنفيذية كما في الحالة التونسية. فريق الرئيس الى قطر يكشف طبيعة الزيارة وحدودها، ولذلك فإن الرواية الرومانسية التي بُنيت حولها لا تعدو كونها أحلاما كسولة.

قليل من الواقعة قد يفيد الحالمين

ولو أن اللقاء الأخير بين القيادات الليبية عُقد في تونس، فلم يكن أكثر من فرصة أخرى للرئيس لإلقاء خطاب حول القانون الدستوري. وقد رأينا أن الحل السياسي في ليبيا جاء من خارج تونس، ونرى أن الحل الاقتصادي في تونس لن (زمخشرية) يأتي من قرطاج، حيث لا يوجد خيال سياسي ولا تنموي. ربما لن يأتي من القصبة (الحكومة) أيضا رغم الحل الذكي لاحتجاج الكامور، ومن غير المتوقع أن يأتي من برلمان عبثت به الفاشية وعطلت سيره.

الحل لن يأتي أبدا من مساعدات خارجية ولو نقعت في رحيق الأخوة والمحبة، فثمة لحظة واقعية سينتهي عندها الجميع يوما عندما يتوقفون عن الهروب إلى الإمام خوفا.. إنها النقابات. من يتجرأ على رؤية هذه الحقيقة ويضع خطة إيقاف التغول النقابي سيجد نقطة البداية لتحقيق التنمية بموارده الذاتية، ولن يحتاج الاستعانة بصديق. بخلاف ذلك، سيدور حديث كثير فيه تفاؤل مفرط وانتظارات حالمة، وفيه نواح وعويل على المستقبل الذي بيع لخط "الربيع العبري".

ولقد علمنا في تاريخ الأدب أن كل روايات الخيال العلمي كُتبت في مكاتب مغلقة على ضوء فانوس لطيف، ولم يغادر الكتّاب كراسيهم، وسنعتبر التنمية التي جلبها قيس سعيد في حقيبته من قطر وروّج لها أنصار قطر في تونس من روايات الخيال العلمي. يمكن أن نذكر أيضا، لعل فائدة تحصل لمؤمن، أن أول رواية في تاريخ الأدب كُتبت في تونس وكان عنوانها "الحمار الذهبي".


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، قطر، الإمارات، قيس سعيد، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 20-11-2020   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
تونسي، رشيد السيد أحمد، عمر غازي، ياسين أحمد، طلال قسومي، سيد السباعي، سامح لطف الله، د- محمود علي عريقات، رمضان حينوني، الهادي المثلوثي، د.محمد فتحي عبد العال، العادل السمعلي، رحاب اسعد بيوض التميمي، سلام الشماع، خالد الجاف ، نادية سعد، عزيز العرباوي، وائل بنجدو، أحمد الحباسي، مجدى داود، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - الضاوي خوالدية، أنس الشابي، عواطف منصور، أحمد النعيمي، محمد عمر غرس الله، عبد الغني مزوز، د- محمد رحال، منجي باكير، رافد العزاوي، عراق المطيري، عبد الله زيدان، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، فتحـي قاره بيبـان، الناصر الرقيق، يزيد بن الحسين، عبد العزيز كحيل، صباح الموسوي ، د- هاني ابوالفتوح، المولدي اليوسفي، مصطفى منيغ، محمد علي العقربي، حميدة الطيلوش، محمد الطرابلسي، د. طارق عبد الحليم، خبَّاب بن مروان الحمد، جاسم الرصيف، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بوادي، سعود السبعاني، إياد محمود حسين ، د. عادل محمد عايش الأسطل، صالح النعامي ، د - محمد بن موسى الشريف ، ماهر عدنان قنديل، سلوى المغربي، د - شاكر الحوكي ، فتحي الزغل، د. مصطفى يوسف اللداوي، صفاء العراقي، عمار غيلوفي، محمود سلطان، علي عبد العال، ضحى عبد الرحمن، فهمي شراب، كريم السليتي، فوزي مسعود ، محمد الياسين، رافع القارصي، أبو سمية، د. أحمد محمد سليمان، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، حسن الطرابلسي، إيمى الأشقر، أ.د. مصطفى رجب، د. عبد الآله المالكي، علي الكاش، د. خالد الطراولي ، مراد قميزة، د - محمد بنيعيش، صلاح المختار، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صلاح الحريري، د - عادل رضا، د. صلاح عودة الله ، محمد أحمد عزوز، سفيان عبد الكافي، محمد العيادي، المولدي الفرجاني، الهيثم زعفان، إسراء أبو رمان، كريم فارق، د - مصطفى فهمي، عبد الله الفقير، أحمد ملحم، فتحي العابد، محمود فاروق سيد شعبان، مصطفي زهران، حسن عثمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- جابر قميحة، يحيي البوليني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صفاء العربي، د - المنجي الكعبي، سليمان أحمد أبو ستة، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. أحمد بشير، محمود طرشوبي، محمد يحي، طارق خفاجي، بيلسان قيصر، محمد شمام ، محرر "بوابتي"، رضا الدبّابي، أشرف إبراهيم حجاج،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة